نشرت صحيفة "ميديا بار" الفرنسية تقريرا كشفت فيه عن تورط أحد رجال الأعمال الروس في عمليات
فساد مالي وتبييض أموال، بناء على تحقيقات قامت بها دول أوروبية حول علاقة المقربين من
بوتين بالمافيا الروسية.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن إسكندر محمدوف، الذي يعتبر من أبرز رجال الأعمال المقربين من الكرملين، يسيطر على قطاعي المناجم والصناعة في
روسيا من خلال شركتي ألستوم ومارتن بويج.
وذكرت الصحيفة أن محمدوف كان موضوع تحقيقات عديدة قامت بها السلطات الإسبانية حول الممارسات غير القانونية للمافيا الروسية، وذُكر اسمه في دعوى قضائية في ألمانيا، في حين نفى شركاؤه الفرنسيون علمهم بعمليات التحايل والفساد التي تلاحق رجل الأعمال الأوزبكي.
وأضافت الصحيفة أن وثائق بنما لم تذكر ممارسات التهرب الضريبي التي يقوم بها محمدوف بسرية تامة، رغم تورطه في عمليات فساد مالي وحيازة أموال بطرق غير مشروعة، حيث استفاد من علاقته بالكرملين ليضمن التستر على معاملاته مع شركات "الأوفشور" في كلّ من قبرص، وبنما، وسيشل، وحتى الجزر العذراء البريطانية.
وذكرت الصحيفة أن نشاطات محمدوف في قطاع المناجم والصناعة تتجاوز حدود روسيا، حيث يمتلك رجل الأعمال عددا من الشركات العملاقة، مثل شركة أورال للمعادن والتعدين، وهو مساهم رئيسي في شركات أخرى، مثل شركة ترانسما القابضة، وألستوم، ومارتين بويج. وقد جعلته هذه الشركات من بين الشخصيات الأكثر ثراء في روسيا، حسب مجلة فوربس الأمريكية، بثروة بلغت حوالي 3.5 مليار يورو، وهذا الرقم سيختلف لو أخذت فوربس بعين الاعتبار ثروته المخفية.
وتمتلك شركة ألستوم التي يعتبر محمدوف من أبرز المساهمين فيها، نسبة 33 في المئة من شركة ترانسما القابضة بفضل استئثارها بالمشاريع الكبرى في روسيا، ومن بينها مشروع تحديث السكك الحديدية الروسية.
وأضافت الصحيفة أن محمدوف يعتبر من بين رجال الأعمال المحظوظين. فعلى الرغم من تورطه في عمليات تبييض أموال وقربه من الكرملين، فإن العقوبات الاقتصادية التي فرضتها الولايات المتحدة على عدد من رجال الأعمال الفاسدين في روسيا لم تشمل ثروته.
وبدأت المتاعب بالنسبة لمحمدوف في سنة 2005، عندما أعلنت السلطات الإسبانية عن فتح تحقيق شامل ضد الممارسات غير القانونية لبارونات الجريمة المنظمة في الاتحاد السوفياتي سابقا، في نهاية تسعينيات القرن الماضي، ممن تركز نشاطهم على الأراضي الإسبانية، وتحديدا في سواحل كوستا برافا وكوستا ديل سول.
ووجهت السلطات الإسبانية خلال هذه التحقيقات تهما عديدة لحوالي 60 متهما، من بينهم غينادي بيتروف الذي يعتبر من أبرز زعماء منظمة "تامبوسكايا مالشفسكايا" الإجرامية التي قامت بتبييض حوالي 24.5 مليون يورو، وهي أموال متأتية من تجارة المخدرات والأعمال غير القانونية.
وأضافت الصحيفة أن التحقيقات التي قامت بها السلطات الإسبانية أثارت الشبهات حول دور شركة مختصة في تجارة المعادن والمواد الغذائية، تدعى "فيلا ميتالورجيكا"، في عمليات فساد مالي وتحويلات مالية مشبوهة شملت أربعة ملايين يورو، بين إسبانيا وألمانيا وسويسرا.
وتأسست هذه الشركة في مدينة الكانتي الإسبانية سنة 2001، وتخصصت في التجارة الدولية، قبل أن تثبت التحقيقات التي قامت بها السلطات الإسبانية أن شركة "فيلا ميتالورجيكا"، ليست إلا فرعا من فروع الشركة الأم، أورال للمعادن والتعدين، التي كان محمدوف من أبرز المساهمين فيها.
وذكرت الصحيفة أن المعطيات التي كشفت عنها التحقيقات الإسبانية، كانت كافية ليتخذ القضاء الإسباني في سنة 2007 إجراءات قانونية ضد محمدوف ورجال أعمال آخرين، من بينهم أوليغ ديريبسكا، حيث وُجّهت لهم تُهم عديدة، من بينها: "تكوين منظمة إجرامية، وتبييض الأموال، وسرقة المال العام".
وطالت الإجراءات القانونية التي اتخذتها السلطات الإسبانية في ذلك الوقت أطرافا أخرى، من بينهم الملياردير الروسي ميخائيل تشيرنو الذي أصبح لاجئا في إسرائيل بعد ملاحقته قانونيا، وغينادي بيتروف، أحد زعماء
المافيا الروسية، الذي عثرت الشرطة الإسبانية بعد عملية تفتيش داخل منزله، على وثائق تثبت تورطه في عمليات تبييض أموال في شركة "فيلا ميتالورجيكا".
وأضافت الصحيفة أن إسبانيا واصلت ملاحقتها لعناصر مافيا المخدرات في روسيا. ففي شهر آذار/ مارس المنقضي، أصدرت السلطات الإسبانية برقيات تفتيش للإنتربول تستهدف النائب في مجلس الدوما، فلاديسلاف ريزنيك، ونائب رئيس شرطة مكافحة المخدرات الروسية، نيكولا إيلوف.
وأضافت الصحيفة أن القضاء الإسباني ذكر في لائحة الاتهام التي تتعلق بشبهات الفساد المالي وتبييض الأموال ضد غينادي بيتروف وشركائه، أن المجموعة الإجرامية لبيتروف "اخترقت قوات النظام الروسي"، وهو ما لم تستبعده الصحيفة التي أكدت أن السلطات القضائية في روسيا امتنعت عن التعاون مع السلطات الإسبانية بُغية الكشف عن شبهات الفساد.
وفي الختام، قالت الصحيفة إن وثائق ويكيليكس كشفت خلال سنة 2010 عن برقية دبلوماسية أكد فيها المدعي العام الإسباني لمكافحة الفساد، غريندا غونسالس، أن روسيا أصبحت "دولة مافيا".