تعكف عدة مصارف خليجية على إعداد مسودة مشروع مشترك لتأسيس
وكالة تصنيف ائتماني للمؤسسات المالية والمنتجات السيادية لدول المنطقة، بديلا للمؤسسات الدولية التي تواجه اتهامات بالإخفاق في تقاريرها.
وأرجعت مصادر مطلعة، في تصريحات نقلتها صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية، إخفاق وكالات التصنيف الائتماني الدولية إلى عدم قدرتها على تقدير القيم الحقيقية لأوضاع الديون السيادية والصناديق الائتمانية الصادرة عن المؤسسات المالية الكبرى بالمنطقة العربية عموما ومنطقة
الخليج على وجه الخصوص.
وكشف عدنان بن أحمد يوسف الرئيس السابق لاتحاد المصارف العربية رئيس مجموعة البركة المصرفية، عن سيناريوهين لتأسيس تلك الوكالة؛ الأول يرتبط بالوكالة الإسلامية الدولية للتصنيف، التي تتخذ من المنامة مقرا رئيسًيا لها، عن طريق تقوية هذه الوكالة وتأكيد اعتماديتها بعد أن امتلكت قدرات وإمكانيات فنية كبرى، حيث تقوم حاليا بإصدار التصنيفات الائتمانية للحكومات والشركات الخليجية..
والسيناريو الثاني هو تأسيس شركات تصنيف مشتركة مع مؤسسات التصنيف الدولية الحالية، بحيث تكون أكثر تخصًصا في شؤون دول المنطقة، على أن تقوم باعتماد منهجيات للتصنيف تأخذ في اعتبارها الأوضاع الاقتصادية والمالية والنقدية الخاصة بهذه الدول، بحيث لا تعمم منهجيتها الغربية في هذا الخصوص.
وأكد يوسف أن هذه الخطوة جاءت بعدما ارتكبت عدة مؤسسات تصنيف ائتماني دولية كثيرا من الأخطاء عند تقييمها للمقدرات الائتمانية للحكومات والشركات الخليجية، كاشفا عن أن وكالات التصنيف الغربية تقوم بتصنيف البلدان مستخدمة خمس آليات أساسية:
الأولى: الفاعلية المؤسسية والحكومية المعبرة عن الاستقرار السياسي للمؤسسات، ومدى الانضباطية في مجالات الشفافية والأمن الخارجي، وغيرهما.
الثانية: الهيكل الاقتصادي وآفاق النمو، معتمدة على نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي ومستوى نموه، وكذلك التنويع الاقتصادي.
الثالثة: مجموع النقاط المتعلقة بالوضع الخارجي للدولة المعنية التي تشتمل على السيولة الخارجية والموقف الخارجي بوجه عام.
الرابعة: الوضع المالي المرتبط بالمرونة في الأداء وتقدير عبء الديون وهيكليتها.
أما الآلية الأخيرة: فترتبط بالوضع النقدي ودور السلطة الإشرافية، ومستوى التنسيق المشترك للسياسة النقدية مع السياسة المالية.
واتهم عدنان يوسف، القائمين على هذه المنهجية بالإخفاق في محطات عدة، آخرها ما تم إبان الأزمة المالية العالمية في عام 2008، حيث إنه منذ خروج عناكبها من صندوق المعاملات المالية الدولية، بذلت الدول في جميع مناطق المعمورة جهودا تعاونية كبيرة للتخفيف من حدة الأزمة، أملاً في تعافي الاقتصاد العالمي المضطرب. ورغم ذلك فقد تعرض العالم لمخاطر فادحة تزامنا مع ظهور أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، خصوصا بعدما شكلت كل من الأزمة المالية وأزمة الديون اليونانية شقي رحى ضمن ما يسمى "مطرقة التحوط وسندان الائتمان".
وأضاف يوسف أن هذا الوضع كان مطلاً بقوة من رحم عجز المدينين المعنيين بالأزمة، ومعظمهم من أكبر الكيانات الاقتصادية المتمتعة بتصنيفات مرتفعة يفترض أنها تشكل سياجا متينا لها وملاءة قوية لمقدراتها، بدلاً من وضعها ضمن خانة الضعفاء في مجال القدرة على السداد.
وواصل عدنان يوسف انتقاداته لوكالات التصنيف الدولية، مشيًرا إلى أنها تستخدم تصنيفات غير دقيقة، قائمة على البنى الاجتماعية الغربية بوصفها معيارا حاسما لإعطاء الدرجات العالية. وعلى سبيل المثال لا الحصر، اعتبرت نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي مؤشرا أساسيا للمتانة الاقتصادية لدولة ما. وفي واقع الأمر فإن هذا المؤشر لا يعكس دائما مستوى التنمية الاقتصادية والفوارق الكبيرة في توزيع الدخل، علاوة على تجاهله لحقيقة أنه إذا كان الوضع المالي.