قوى ثورية: "جمعة الأرض" تدشين لمرحلة جديدة ومختلفة (شاهد)

قال سياسيون إن التظاهرات الاحتجاجية الحاشدة التي شهدتها مصر اليوم الجمعة للتنديد بتنازل سلطة الانقلاب العسكري عن جزيرتي تيران وصنافير لصالح المملكة العربية السعودية ضمن فعاليات "جمعة الأرض"، نجحت بقدر كبير، فقد كسرت حاجز الخوف الذي كان بداخل قلوب الثوار، واستطاعت توحيدهم منذ فترة طويلة، مؤكدين أنها تدشين لمرحلة جديدة ومختلفة من عمر ثورة يناير، وأنه سيكون لها ما بعدها خلال الفترة المقبلة.

من جانبه، قال منسق حركة شباب 6 إبريل في بريطانيا، هاني إسحاق، إن ما شهدته مصر اليوم لم يحدث منذ عامين ونصف، فقد استطاع الثوار أن يكسروا حاجز الخوف الذي كان بداخلهم واستطاعوا تحويله إلى هتافات أعادت لهم الثقة في أنفسهم مرة أخرى، مؤكدا أن تحرك المتظاهرين أدخل الخوف والقلق في قلب النظام، ولم يحدث العكس.

وأضاف في تصريح لـ"عربي 21": "الثورة مستمرة فعلا وحتما ستتقدم للأمام أكثر فأكثر، وإن من لم يشارك اليوم فالفرصة ماتزال سانحة أمامه غدا وبعد غد"، كاشفا عن أنهم يبدؤون من الآن التحضير والاستعداد لمظاهرات 25 نيسان/ أبريل، مطالبا الجميع بالتعلم من أخطاء الماضي.

                        

واستنكرت حركة شباب 6 إبريل قمع قوات الأمن لتظاهرات "جمعة الأرض"، مطالبة بالإفراج عن جميع المعتقلين بكل المحافظات الذين تعدوا المائتين، وفق تقديرها.

وأشارت في تدوينة لها على "فيسبوك" إلى أنه تم الاتفاق بين القوى المنظمة لمظاهرات الجمعة على فض تلك الفعاليات، وعلى أن يتم تنظيم مظاهرات أخرى يوم ذكرى تحرير سيناء الموافق 25 نيسان/ أبريل المقبل.

احتجاجات "جمعة الأرض" تدشين لمرحلة جديدة

وقال المتحدث الإعلامي باسم حزب الحرية والعدالة، أحمد رامي، إن ما جرى اليوم ليست فعاليات وانتهت، بل هي تدشين لمرحلة جديدة ومختلفة من عمر ثورة يناير، مؤكدا أن هذا اليوم سيكون له ما بعده خلال الفترة المقبلة.

ونوه في تصريح لـ"عربي 21" إلى أن هذا اليوم يحمل الكثير من الدلالات والرسائل المهمة، خاصة أنه للمرة الأولى تجتمع هذه الأطياف الثورية المختلفة في فعاليات مشتركة اليوم، منذ تعيين الرئيس مرسي للنائب العام الأسبق طلعت إبراهيم.

وتابع "إذا كنا انتفضنا اليوم وتحركنا من أجل الأرض، فيوم 25 نيسان/ أبريل –ذكرى تحرير سيناء- يحمل القضية (الأرض) نفسها، فأرض سيناء يدبر لها أن تنتزع منا، ومن فرط في صنافير وتيران هو من يهجر أهالينا في سيناء، والجريمة واحدة، وهي تعريض الأمن الوطني للخطر والتقليل من القدرات الاستراتيجية للجيش المصري، تارة بتخليه عن موقع استراتيجي يتحكم في الملاحة بخليج العقبة (صنافير وتيران)، وتارة بتهجير مريب لأهل رفح والعريش، وهو ما لا يصب إلا في صالح العدو الصهيوني، لقد بات الآن واضحا أمام الجميع أن بداية الحل للوضع المتأزم هو رحيل السيسي".


                   

ووجه التحية لجميع من شارك اليوم، وخاصة شباب الإخوان الذين شاركوا غيرهم من التيارات في التظاهر أمام نقابة الصحفيين، رغم أنهم سمعوا بعض التجاوزات لكنهم بوعيهم تجاوزوها ليحققوا المصلحة العليا، وكذلك من أصر من التيارات الأخرى على النزول في فعاليات واحدة مع الإخوان، رغم ما تلا صدور بيان "الإخوان" من هجوم من البعض ربما وصل لحد الابتزاز والإرهاب بغرض الدفع لعدم المشاركة مع "الإخوان".

وشدد "رامي" على أن استمرار سلطة الانقلاب خطر على بقاء الدولة كدولة، وخطر على كل مؤسساتها بما فيها الجيش.

السيسي ورقة محروقة

وردا على موقف البيت الأبيض من مظاهرات الأرض هي العرض، قال إن هذا الأمر يوضح بعض شروط اللعبة مع الأمريكان، فالشرط الأول مفاده لن يكون هناك دور للمجتمع الدولي إلا في حال وجود حراك داخلي قوي، والثاني نوعية الحراك مثل نوعية حراك اليوم، والرسالة الضمنية أن "السيسي" أصبح بمنزلة ورقة محروقة، لأن حجم الحراك أقل من هذا التصريح المرتبط به.

قال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، إن الولايات المتحدة الأمريكية تتابع ما يحدث في مصر عن كثب، وأنها ستواصل متابعة الوضع في مصر بعناية.

وقال الناشط السياسي، حازم عبد العظيم، في تدوينة عبر حسابه على "فيسبوك": "السيسي أكيد متابع المظاهرات، ولو يعتقد أن هؤلاء أقل وطنية وحبا لمصر منه، وأنهم خونة وأهل الشر ولم يتعظ، يبقى يستعد لمصير ما قبله، مسألة وقت".

وخلال مشاركته في المظاهرة الحاشدة أمام نقابة الصحفيين، قال المتحدث الإعلامي لجماعة الإخوان المسلمين محمد منتصر: "هتافنا واحد لا للبيع، الشعب يريد إسقاط الخونة"، مؤكدا أن مصر اليوم تشهد مرحلة جديدة في تاريخ الثورة.

                    

الثورة استعادت روح 25 يناير

وشدد المكتب التنفيذي لحركة شباب ضد الانقلاب على أن الثورة استعادت روح 25 يناير، فقد تحرك الشباب معا جنبا إلى جنب، داعيا الجميع إلى التحرك بهذه الروح خلال الفترة المقبلة إلى أن ينكسر الانقلاب العسكري وتعود مصر حرة مستقلة.

وقالت الحركة في بيان لها إنها "تابعت بكل الأسى ما قامت به قوات الانقلاب باعتقال بعض الثوار، وإصابة البعض الآخر إثر إطلاق بلطجية النظام الغاز والخرطوش والرصاص الحي على المتظاهرين، وأننا كشباب نقول لهم لن ترهبونا، فوطننا الذي سرق وباعه المجرم بثمن بخس نحن فداء له".

ووجهت رسالة إلى شباب مصر قائلة: "لن يضيع حق وراءه مطالب، ولن يرهبنا مجموعة من البلطجية، ولن نهدأ حتى نقتص لشهدائنا ونحرر معتقلينا وتعود مصرنا الغالية لنا كاملة غير منقوصة، وما شاهدناه اليوم مقدمة لتحرير بلادنا من كل مغتصب لها سواء بالانقضاض على الشرعية، أو بأموال محرمة استباح بها كل شخص أرضنا".

وناشدت الحركة "جميع أعضائها التحرك وفقا لما يرونه مناسبا، ويتوافق مع كل الحركات في الشارع، محملة وزارة الداخلية المسؤولية كاملة عن أرواح المتظاهرين والملتزمين بتظاهراتهم السلمية للتعبير عن رأيهم.

بدوره، علق المتحدث الرسمي باسم حركة شباب ضد الانقلاب، زياد المصري، على فعاليات اليوم، قائلا "اليوم يوم مشهود من أيام ثورة يناير المباركة، ففيه سادت روح الحب والتعاون بين كل الحركات الثورية، ورأينا روح يناير بكل معانيها، فقد كان هناك هدف يجمعنا، وعلم مصر رايتنا، وهتافنا واحد ارحل"، مؤكدا أن هذه بداية قوية لمرحلة مهمة في وقت مهم.

وأضاف في تصريح لـ"عربي 21": "نرى أن اليوم فاق توقعنا بكل شيء فيه، سواء من خلال الحشود أو روح يناير أو استقبال وتفاعل الأهالي لنا، ونقول إن القادم أقوى وأفضل بهذه الروح"، مشيرا إلى استمرارهم في التواصل مع الحركات الثورية كافة، وأنهم يعملون جميعا على تنحية خلافاتهم وأيدلوجياتهم جانبا، لأن الوطن في خطر يكاد أن يفتك به، بعد أن أجرمت هذه العصابة الآثمة وباعت ثرواته وخيراته.

وقال: "نحن كشباب مستمرون في نضالنا ولن يرهبنا رصاص أو اعتقال، فالمستقبل لنا وللأجيال القادمة، ولو تخلينا الآن ستلعننا الأجيال القادمة ولن نتخلى بإذن الله"، مضيفا "نرى بشريات النصر تلوح في الأفق، والنصر قريب بإذن الله وما هو منا ببعيد".

إلى ذلك، ووفقا لمصادر خاصة بستراتفور (STRATFOR)، فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة المصرية نصح "‏السيسي" بعدم نقل تبعية جزيرتي تيران وصنافير إلى السعودية، لأنه قد يضر ما وصفه بالكبرياء الوطني ويقلب الجماهير ضده.

و"ستراتفور" هو مركز دراسات استراتيجي وأمني أمريكي، يعد أحد أهم المؤسسات الخاصة التي تعنى بقطاع الاستخبارات، يعلن على الملأ طبيعة عمله التجسسي، ويجسد أحد أبرز وجوه خصخصة القطاعات الأمريكية الحكومية.

وتطلق عليها الصحافة الأمريكية اسم "وكالة المخابرات المركزية في الظل" أو الوجه المخصخص للسي آي إيه، ومعظم خبراء مركز ستراتفور ضباط وموظفون سابقون في الاستخبارات الأمريكية.

وقال المتحدث باسم التيار الديمقراطي، خالد داوود، إن المشهد اليوم في "جمعة الأرض" يعكس حجم الغضب الموجود لدى قطاعات الشعب المصري، جراء قرار التخلي عن سيادة مصر على جزيرتي تيران وصنافير، وهي أرض مصرية تاريخيا، وكذلك تعكس حجم الغضب من طريقة اتخاذ السيسي لمثل تلك القرارات، وعدم طرحها على وسائل الإعلام ومخالفة الدستور المصري الذي لا يجيز التنازل عن أي جزء من أرض مصر.

وأكد داوود في تصريح صحفي أن هتافات اليوم المطالبة برحيل السيسي عن الحكم مؤشر لحجم الإحباط الذي أصاب الجميع بعد سنتين من حكمه، وسياساته التي تعيد إنتاج نظام مبارك بصوره القمعية كافة، وحبس الشباب وعدم تحقيق الطموحات التي رفعها الثوار في ثورتين، مشيرا إلى أن حجم التظاهر اليوم هو بداية لانهيار جدار الخوف الذي أراد النظام أن يبنيه بين الثوار والشارع، وهو تجمّع يعد وسيلة لاستعادة الثقة بالنفس.

وذكر المتحدث باسم تحالف التيار الديمقراطي أن "مظاهرات اليوم رسالة إلى النظام، فرغم التهديدات التي أطلقتها وزارة الداخلية إلا أن الشباب أصرّ على النزول، وقضية تيران وصنافر قضية جديدة تضاف إلى المطالب بتغيير مجمل سياسات النظام، وهنا يجب أن يفهم النظام أن ورقة الإخوان المسلمين التي تستخدم كفزاعة لعدم استمرارنا في النضال لن تخدع الشعب المصري، خصوصا أن الجميع يدرك أننا أصحاب أجندة وطنية خالصة، وموقفنا معروف من تحميل جماعة الإخوان ما وصل إليه المشهد الثوري الآن".

القرضاوي يدعو إلى الالتحام ضد الظلم

ووجه رئيس اتحاد علماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي، نداء إلى الثوار الذين ملؤوا شوارع مصر اليوم، قائلا  في تغريدة له عبر "تويتر": "اليوم صيحة جديدة من صيحات ثورة يناير تنادي على الثوار أن يتكاتفوا من جديد ضد ظلم العباد وتضييع البلاد #جمعة_الأرض".

اعتقالات بالجملة

وأعربت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات عن بالغ قلقها من احتمالية أن تشهد الميادين المصرية مجازر ومذابح جديدة، وذلك بعد أن بدأت قوات الأمن من تصعيد اعتداءاتها على المواطنين والمتظاهرين السلميين في الميادين والشوارع؛ وبدأت في الفض العنيف للتظاهرات بمناطق وسط البلد، فضلا عن استمرارها في الاعتقال العشوائي للمتظاهريين السلميين.

وأكدت في بيان لها الجمعة أن التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي حق أصيل لكل مواطن، حيث نص دستور 2014 نفسه على ذلك في مادته 65 فأشار إلى أن "حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه بالقول، أو الكتابة، أو التصوير، أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر".

وأضافت التنسيقية "كما أنه ليس من المعقول الآن أن نكرر هذا الميراث المؤلم للثلاث سنوات الماضية، التي أريقت فيها دماء الكثير من المصريين من قبل قوات الأمن في تظاهرات مشابهة، فالوقت الآن جدير بفتح تحقيقات في جرائم قوات الأمن السابقة وليس إراقة المزيد من الدماء".

وأكدت لجنة المتابعة الميدانية لفريق المرصد العربي لحرية الإعلام "اكشف" تعرض عدد من المراسلين الميدانيين والمصورين للانتهاكات من قبل قوات الأمن المصري، لافتة إلى أن صور الانتهاكات تنوعت ما بين القبض والاعتداء والاحتجاز المؤقت للصحفيين خلال تغطياتهم لمظاهرات جمعة الأرض بالقاهرة وبعض المحافظات، كما منعت الشرطة الصحفيين والمصورين من الوجود تماما في ميدان التحرير.

وقالت في بيان لها إن هذه الملاحقات والاعتداءات الممنهجة على المراسلين والمصورين، تعكس حالة العداء سواء من السلطات أو بعض الأهالي ضد الصحافة، والرغبة في إخفاء المعلومات وحرمان الشعب من تغطيات مستقلة.

وكانت نقابة الصحفيين قد أعلنت عن فتح أبوابها اليوم أمام الصحفيين الذين يقومون بالتغطية من أعضائها ومن غير الأعضاء، وأعلنت عن غرفة طوارئ لتلقي الشكاوى.

وفي سياق متصل، تواصلت الليلة المظاهرات التي ينظمها مؤيدو التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب، الداعم للرئيس محمد مرسي، في بعض المحافظات المتفرقة.


             

             

             



اقرأ أيضا: حشود تهتف بإسقاط نظام مصر بسبب تنازله عن الجزيرتين (فيديو)