بعد مظاهرات جمعة الأرض.. السيسي ليس في مأمن

شكلت مظاهرات "الأرض هي العرض"، التي انطلقت الجمعة في القاهرة والعديد من محافظات البلاد، للتنديد بـ"تنازل" السلطات المصرية عن جزيرتي "تيران" و"صنافير" للمملكة العربية السعودية؛ صدمة غير متوقعة للنظام الانقلابي بمصر، وفق مراقبين أكدوا أن على عبدالفتاح السيسي أن يستعد للأسوأ.

وقال المتحدث الرسمي باسم المجلس الثوري المصري، أحمد حسن الشرقاوي، إنه "يوم ثوري بامتياز، شهد إرهاصات إجماع وطني نادر الحدوث في مصر منذ انقلاب 3 يوليو 2013".

وعلل الشرقاوي في حديثه لـ"عربي21" عدم إفراط النظام في إطلاق الرصاص الحي على المتظاهرين، بـ"الاهتمام العالمي بقضايا حقوق الإنسان في مصر، على خلفية قضية مقتل الشاب الإيطالي جوليو ريجيني".

المفرط بالأرض سيرحل

بدوره؛ استهل الناشط السياسي، ونائب رئيس اتحاد طلاب مصر السابق، أحمد البقري، حديثه لـ"عربي21" بمقطع من أغنية "تسلم الأيادي" الشهيرة في حب السيسي، وهو "اللي صان الأرض يسلم، اللي صان العرض يسلم"، معلقا باستهجان: "لم يكن يدري أنصار السيسي حين كانوا يرددون هذه الكلمات؛ أنه سيفرّط يوما في قطعة أصيلة من أرض الوطن؛ لينضم جزء كبير منهم إلى جموع الشعب التي خرجت اليوم تطالبه بالرحيل".

وأكد البقري أن "السيسي سيرحل كما رحل حسني مبارك، ولن يبقى لأحد كلمة مهما تجبر وطغى، سوى هذا الشعب، فالمجد للمناضلين المبتعدين عن الخلافات، ولا عزاء للأبواق التي تُعمّق الخلاف  بين أبناء الثورة الواحدة".

أما الصحفي والمحلل السياسي، محمد جمال عرفة، فقال لـ"عربي21" إن مظاهرات الجمعة "أثبتت أن هناك مصريين لم تخدرهم السنوات الخمس العجاف السابقة، ونزول عواجيز مع الشباب يؤكد أن المصريين لا يتأخرون عندما يتعلق الأمر بالتفريط بالأرض".

واعتبر أن "المظاهرات حطمت تابوهات قانون التظاهر، وكسرت الخوف من القتل على يد الشرطة"، مشيرا إلى أن "السوشيال ميديا نجحت في نقل الحدث، وأثبتت أنها هي الإعلام الحقيقي للمواطن، في حين أن صحف رجال الأعمال وفضائياتهم والجزيرة سقطت كلها في الامتحان؛ حينما تجاهلت تظاهر الآلاف في الشوارع".

السيسي ليس في مأمن

من جهته؛ قال رئيس تحرير صحيفة المشهد، مجدي شندي، إن مظاهرات الجمعة "هي بمثابة جرس إنذار للسلطة المصرية، بأن تعيد النظر في قرار الترسيم البحري الحدودي مع السعودية، أو تقدم وثائق جدية تثبت ما ذهبت إليه".

وأضاف لـ"عربي21" أنه "في حال عدم اكتراث السلطة المصرية؛ فإنها ستفقد قدرا من رصيدها لدى مؤيديها، وسيزداد الغضب الشعبي تجاهها".
    
وتابع: "لا أظن أن شخصا يتولى حكم مصر سيكون في مأمن؛ لأن المصريين عرفوا كيف يوظفون قدراتهم في إحداث تغيير، وفي دفع الحاكم إلى الخضوع لخياراتهم".

وأشار إلى أن "سلسلة الأخطاء التي ارتكبها رئيس السلطة في البلاد؛ بددت النظرة لدى مؤيديه بأنه المخلص، ومع تكرار الأخطاء فقد تغيرت الصورة للأسوأ".

أكذوبة المخلص

من جانبه؛ رأى الكاتب الصحفي سليمان الحكيم، المؤيد للنظام، أن ما حدث "بداية التعبير الحقيقي عن المعارضة لنظام الحكم السيسي"، معتبرا أن المسألة "لا تحسم بالعدد بل بالتأثير".

وذهب الحكيم إلى القول بأن "هذه هي المرة الأولى التي تقف فيها الجماهير ضد السيسي، وهذه المظاهرات مرجحة للتصاعد، ولن تكون الأخيرة، خاصة أن أخطاء هذا النظام تكررت كثيرا"، مؤكدا أن "المتظاهرين هذه المرة ليسوا من الإخوان المسلمين".

وأكد لـ"عربي21" أن "النظام أقل بكثير من طموحات الشعب بعد ثورتين متتاليتين"، واصفا القول بأن "السيسي هو المنقذ والمخلص" بـ"الأكذوبة التي صدقها البعض، فالجيش لم يقم بثورة، بل الشعب هو من قام بالثورة، واستدعى الجيش الذي احتمى بالشعب، وليس العكس"، وفق قوله.

وأسفرت مسيرات الجمعة عن اعتقال 110 متظاهرين، وبلغ عدد المعتقلين في القاهرة والجيزة 58، وفي الإسكندرية 18، وفي الدقهلية 11، وفي الإسماعيلية 8، وفي السويس 4، وفي أسوان 5، وفي سوهاج 2، وفي الغردقة 4، وفق بيان أصدرته "جبهة الدفاع عن متظاهري مصر".