تشهد الساحة
الإعلامية بالجزائر تحولات عميقة، بعد أن أقدم رجل أعمال كبير بالجزائر، على شراء أكبر مجمع إعلامي بالجزائر، ويتعلق الأمر بصحيفة "الخبر" والقناة الفضائية " كاي بي سي" التابعة لمجمع الخبر أيضا، وكل لواحق المجمع من مطابع وشركات توزيع الصحف.
واشترى أسعد ربراب المالك لمجموعة شركات ناجحة بالجزائر وفرنسا وإيطاليا، مجمع "الخبر"، من ملاكه الصحفيين، وعددهم 18 مساهما.
وتعد صحيفة "الخبر"، المستقلة، كبرى صحف
الجزائر سحبا، إذ توزع أكثر من 300 ألف نسخة يوميا، تليها جريدة "الشروق"، وأسس "الخبر" فريق من الصحفيين عام 1990، لما أقرت السلطة بالجزائر التعددية الإعلامية، بعد أحداث أكتوبر 1988 الأليمة.
وقال رئيس مجلس إدارة "الخبر" زهر الدين سماتي، في اجتماع مع كوادر الصحيفة إن "الصحيفة بصحة مالية جيدة، الآن، لكننا نخشى تراجع مداخيلها، بسبب تراجع الإعلانات، ونحن نقتات اليوم فقط من مبيعات الجريدة دون الإعلانات".
وتابع سماتي: "الكل يعرف أن عهد الصحافة الورقية قد ولى ولن يصمد كثيرا أمام العهد الجديد لتكنولوجيات الإعلام والاتصال، لذلك قررنا بيع المجمع الإعلامي المتكون من الصحيفة وقناة "كاي بي سي" والمطابع وشركات
التوزيع".
وفتح شراء رجل الأعمال أسعد ربراب مجمع "الخبر"، جدلا واسعا بالجزائر، ورحب صحفيو الجريدة بالقرار، معلقين آمالا كبيرة بإنقاذ المجمع، الذي لن يراهن على مداخيل الإعلانات مستقبلا.
لكن قطاعا واسعا من الإعلاميين بالجزائر، أبدوا مخاوفهم من سطوة
رجال الأعمال وأصحاب المال، على كبرى الصحف، بخلفية أن هؤلاء "لا تهمهم حرية التعبير والصحافة بقدر ربح المال".
وقال رئيس تحرير صحيفة "الحوار" الجزائرية محمد دخوش، في تصريح لـ "
عربي21"، إنه "من دون شك سيكون لامتلاك رجال المال تأثير على حرية التعبير في اتجاه توظيفها لخدمة مصالحهم واستعمالها كسلاح للرد و ردع خصومهم".
ويرى الإعلامي محمد سيدمو، أن "المسألة باعتقاده ترتبط بأمرين، الأول تجاري بحت يتعلق بضعف سوق الإشهار في الجزائر وتراجع مداخيل الصحف والقنوات التي لم تعد قادرة من نشاطها فقط سد مصاريفها والاستمرار في تحقيق الأرباح، لذلك يلجأ أصحابها لإنقاذ ممتلكاتهم قبل أن تصبح أسهمهم تحقق الخسارة".
ويضيف سيدمو قائلا لـ "
عربي21"، إن "الأمر الثاني ناتج عن سياسة الدولة التي تتحكم في سوق الإشهار وتوزعه دون عدالة، فتعطي من لا يستحق لأنه يواليها وتمنعه عمن يستحق عقابا له على خطه الافتتاحي الذي لا يجاريها. وفي النهاية، الكل خسران، فلا الدولة ستربح من احتكار رجال الأعمال للإعلام الذين يريدون خدمة مصالحهم، ولا الصحافة ستربح مهنيتها واستقلاليتها، لأنها انتقلت من سلطة الدولة إلى سلطة المال".
وانتقدت الحكومة بالجزائر، التخلي عن صحيفة الخبر ذات الصيت الواسع، لصالح رجل الأعمال أسعد ربراب، الذي دخل بالأشهر الأخيرة في صراع مع وزير الصناعة الجزائري عبد السلام بوشوارب، بخصوص ملفات تتعلق باستثمارات ربراب واتهامه بإدخال مصانع مستعملة إلى الجزائر.
وقال مدير ديوان الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة أحمد أويحي، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء، إن "هناك من يريد بناء إمبراطورية إعلامية بأموال "قذرة"، في إشارة إلى رجل الأعمال ربراب".
وتسود مخاوف لدى الحكومة من استغلال رجل الأعمال المعني، مجمع "الخبر"، في تصعيد أكبر ضد الحكومة.
وفي السياق ذاته، أدرجت الجزائر في التقرير السنوي لمنظمة "مراسلون بلا حدود" الصادر، الثلاثاء، بفئة البلدان التي "تعيش في سلم"، لكنّه "سلم بوليسي"، وفقا لوصف المنظمة.
وقال تقرير المنظمة: "هذا الوضع أدى إلى عدم تواني السلطات الجزائرية عن خنق الصحافة وتكميم الأصوات الإعلامية، تحت ذريعة حفظ الأمن والاستقرار، حيث أصبح المشهد الإعلامي قاتما في الجزائر، والتي تشهد موجة من الإغلاق القسري للقنوات التلفزيونية".