تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص، السبت، في هانوفر شمال ألمانيا احتجاجا على مشروع اتفاق للتبادل الحر عبر الأطلسي، وذلك عشية زيارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما للدفاع عن هذه المعاهدة.
وتحدثت الشرطة عن 35 ألف متظاهر في حين أشار المنظمون إلى 90 ألفا.
وتوجه المتظاهرون بهدوء إلى وسط هانوفر، ورفعوا عددا كبيرا من اللافتات المعارضة لاتفاق
التبادل الحر الذي يجري
الاتحاد الأوروبي مفاوضات في شأنه حاليا.
وقالت المتقاعدة الألمانية هانا برلين (66 عاما): "نرفض معاهدة التبادل الحر. نريد الديمقراطية وليس ثقافة الأسرار وسلطة الشركات الكبرى".
وأورد لاديسلاف جيلينيك (38 عاما) التشيكي المقيم في ألمانيا منذ عامين: "ليس هناك أي سبب للاحتذاء بالولايات المتحدة. إن المجتمع الأوروبي لا يحتاج إلى التقدم على حساب البيئة".
ويتوقع أن تعطي زيارة أوباما الذي يفتتح، الأحد، معرض هانوفر الصناعي حيث للشركات الأمريكية حصة كبيرة ويلتقي المستشارة أنغيلا ميركل، دفعا جديدة للمفاوضات حول اتفاق "الشراكة الأطلسية للتجارة والاستثمار"، الأهم من نوعه في العالم، والتي تشهد تعثرا.
وفي مقابلة في صحيفة "بيلد" الألمانية اليومية، كرر أوباما الدفاع عن مشروع الاتفاق، فاعتبر أنه "أحد أفضل السبل لتحفيز النمو واستحداث وظائف"، مشددا على أنه "سيعزز التجارة ويؤمن فرص عمل في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".
وقبل أن تصل إلى هانوفر، ردت المستشارة الألمانية في رسالة مصورة وزعها مكتبها قائلة: "لن نتراجع عن معاييرنا، إننا نحمي ما تشهده أوروبا اليوم على صعيد البيئة وحماية المستهلكين".
واعتبرت أن هذا الاتفاق هو فرصة للاتحاد الأوروبي "لتحديد معايير ذات نطاق عالمي"، لافتة إلى أنه في حال التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة، وهو أمر تأمل برلين بحصوله رسميا بحلول نهاية العام، فإنه "لن يكون في مصلحة "القوى العالمية الأخرى" التخلف عن ذلك لوقت طويل".
والاثنين، تنطلق دورة مفاوضات جديدة حول اتفاق الشراكة في نيويورك هي الثالثة عشرة منذ 2013، وسيشكل هذا الموضوع أبرز النقاط التي سيبحثها أوباما مع ميركل، الأحد.
وصرح المتحدث باسم ميركل، شتيفن سيبرت، الجمعة، أن المستشارة "ستجدد التأكيد أن هدفنا اختتام المفاوضات مع نهاية هذا العام"، إذ تعتبر ألمانيا التوصل "إلى اتفاق طموح" "مشروعا أساسيا" في العلاقات عبر الأطلسي.
كما تضغط الأوساط الاقتصادية الألمانية المتمحورة حول التصدير، بهذا الاتجاه، وأكد اتحاد الصناعة "أنه لن يكون بعد الآن رابحون وخاسرون". وقال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، الجمعة، إن اتفاق الشراكة "سيعود بالمليارات على اقتصاداتنا".
آراء مشككة
لكن التشكيك يتعزز في صفوف المجتمع المدني، على وقع مخاوف من تخفيض المعايير الصحية والأمنية. فبات 17% من الألمان و15% من الأمريكيين فقط يعتقدون أن اتفاق الشراكة "أمر جيد"، مقابل أكثر من 50% في 2014 بحسب استطلاع لمؤسسة بيرتلسمان.
وجعل أوباما اتفاق الشراكة في صلب سياسته الاقتصادية، لكن الملف خسر شعبيته في الولايات المتحدة حيث ارتبط بخسائر كبيرة في الوظائف نتيجة العولمة. كما أن المرشحين لخلافته الذين يخوضون حملاتهم حاليا يوجهون انتقادات كثيرة له.
وحذر وزير التجارة الأمريكي مايكل فرومان في صحيفة "هاندلسبلات" الألمانية من أنه في حال عدم التوصل إلى اتفاق في العام الجاري، "سيكون هناك غموض كبير حول قدرتنا على إتمامه أبدا".
لكن وزير الزراعة الأمريكي، توم فيلساك، أشار إلى أن نهاية ولاية أوباما الرئاسية "تشكل فرصة جيدة" لبلوغ نقطة "تكون فيها المفاوضات أكثر ثباتا مما هي عليه".
ورغم أنه من غير المرجح التوصل إلى اتفاق كامل قبل الاستحقاق الرئاسي الأمريكي في تشرين الثاني/ نوفمبر، فإن ميركل مصرة على تحديد "الخطوط الكبرى" للاتفاق قبل انتهاء ولاية أوباما.
ولكن نظرا إلى الصعوبات التي تواجه هذا الاتفاق، فقد يحول أوباما تركيزه على ملف آخر هو المصادقة الجارية لاتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ، وهو اتفاق للتجارة الحرة بين الولايات المتحدة ودول منطقة آسيا-المحيط الهادئ.