توج الجزائري
رياض محرز، المحترف في صفوف ليستر سيتي، الأحد، بجائزة
أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي لكرة القدم للموسم الحالي.
ولد رياض في إحدى ضواحي
باريس الفقيرة لأب جزائري وأم مغربية، والده كان لاعبا سابقا ولم يكن محترفا، لكن رياض تعلم منه الكثير، تعلم منه الإيمان بالنفس والطموح المستمر وعدم الاستسلام.
وحسب الموقع الرسمي لقنوات "بين سبورت" القطرية، فإن عائلة محرز لم تكن غنية، وفي الوقت ذاته لم تكن فقيرة، فوالدته كانت تعمل من أجل إطعام أطفالها بشكل يبقي أطفالها بصحة جيدة، لذلك من الطبيعي أن يملك بنية جسدية نحيفة كهذه.
والده كان خلفه دائما ويدعمه بشكل لا متناه، كان يحضر لمتابعته في كل مباراة ويقدم له بعض النصائح وفقا لتجربته البسيطة كلاعب هاو، بعد وفاة والده وهو في سن المراهقة، كانت الانطلاقة الحقيقة لرياض أو ركلة البداية نحو مسعاه لمسيرة أفضل تجعل والده فخورا به.
في حي فقير مليء بالمهاجرين ويعاني من قلة الاهتمام وشح فرص العمل لم يتمكن رياض من إثبات نفسه مع نادي الحي بسبب بنتيه الجسدية الهزيلة، فلم يؤمن مدرب الفريق بموهبته بسبب افتقاره للقوة البدنية.
"لقد قالوا لي بأنك هش ونحيف جدا، لن تتمكن من الحفاظ على الكرة ولن تنجح في مواجهة الخصم".
رياض لم يستسلم كما علمه والده، تحمل المسؤولية منذ الصغر، وهذا ما منحه عزيمة قوية لإكمال حلمه وحلم والده بتمثيل منتخب الجزائر واللعب في كأس العالم.
حانت الفرصة بعد ذلك وانتقل إلى أحد فرق الهواة، وهناك كان الحال أفضل بالنسبة له، لقد ساعده أحد المدربين هناك في فهم نفسه وكيف يقوم بتأدية واجباته التي تتناسب مع جسمه، فقال له: "عندما تمتلك بنية جسدية كهذه لا يتوجب عليك الدخول في التحامات ثنائية مع خصم يفوقك قوة، يجب أن تلعب بذكاء وتخلق المساحة لنفسك لكي تبتعد عن الخصم".
طموحك لمسيرة واستمرارية أطول في الملاعب يتطلب منك العمل والتمرين باستمرار بكل تأكيد، لكن ما هو أهم أن تحدد خياراتك وتعرف تماما متى وإلى أين ستخطو الخطوة المقبلة، فبعد ستة أشهر مع ناديه قام مسؤولون من أندية (بي اس جي - مرسيليا - لوهافر) بالتواصل مع محرز من أجل التوقيع معه، محرز كان أدرى الناس بنفسه وكان يعلم بأنه لن يحظى بفرصة كبيرة لإثبات أو تطوير نفسه في باريس أو مرسيليا، لذلك فضل الانتقال إلى لوهافر، ليس بسبب فرصته الأكبر باللعب هناك بل كانت لشهرة أكاديمية لوهافر والنظام التدريبي الجيد الخاص باللاعبين الشباب.
عامه الاحترافي الأول كان أقل من طموحاته بسبب لعبه في الدرجة الثانية، وكل الفرق تطبق خططا دفاعية للخروج بأفضل النتائج الممكنة لذلك كان من الصعوبة إثبات نفسه منذ بداية مشواره مع فريقه الجديد، لكن في العام التالي تحسن أداؤه واستطاع تقديم ما يرضيه ويرضي مدرب الفريق.
في منتصف عامه الثالث، اتصل ليستر سيتي بوكيل أعماله، محرز تردد في البداية لأنه لا يعرف أي شيء عن ليستر ولم يسمع به من قبل.
كل ما يعرفه أنه ناد إنجليزي، عائلته وأصدقاؤه نصحوه بعدم الذهاب إلى إنجلترا بسبب أسلوب اللعب الخشن والبدني هناك، وطالبوه بالذهاب إلى إسبانيا لأنها تناسب مهارته الفنية، فكر وتردد كثيرا لكنه أخذ بنصيحة وكيل أعماله ووقع عقدا مع ليستر سيتي الذي يلعب في الدرجة الأولى، بعد رؤية الملاعب التدريبية والبنية التحتية للنادي واللعب في أول مباراة مع ناديه الجديد قال محرز لنفسه: "لقد كنت غبيا جدا بسبب ترددي في توقيع العقد".
بسبب اللعب في الدرجة الأولى في إنجلترا مع ليستر تعرف الناس على رياض محرز، لو رفض العرض وقرر البقاء في لوهافر لم يكن أحد ليسمع به أو يتعرف على إمكانياته، فليستر أعطاه كل شيء ومنحه التجربة الحقيقية التي أسعدته، وهذه الأمور لا تشترى بالأموال بحسب رأي محرز.
ليستر لم يعطه إحساس التجربة كلاعب محترف، بل أعطاه الفرصة التي ستحقق حلم والده، المنتخب الجزائري قام بإرسال دعوة له لتمثيله في بطولة كأس العالم المقامة في البرازيل آنذاك، وكانت هذه أفضل لحظة في حياة محرز.
في النهاية الموهبة وحدها لا تكفي، ما يمتلكه محرز أكثر من الموهبة، فما حققه محرز اليوم كان نتاج عمل شاق وشخصية قوية اكتسبها في ضواحي باريس ومسؤولية تحملها بعد وفاة والده، كل هذا جعل منه أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي عن جدارة و استحقاق.