عمدة لندن "حفيد التركي" يهاجم أوباما "نصف الكيني"!

فيما اعتُبر تهجما عنصريا، وصف عمدة لندن، بوريس جونسون، مؤخراً، الرئيس الأمريكي باراك أوباما، بـ"نصف الكيني".

واعتبَر جونسون، وهو أحد قادة حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أن دعوة أوباما بريطانيا للبقاء في التكتل الأوروبي، متناقضة ومنافقة، وأرجعها لـ"الكراهية الموروثة من أصوله الكينية للإمبراطورية البريطانية". ولم تستقل كينيا من الاحتلال البريطاني إلا في 1960 بعد حرب تحرير عنيفة.

اللافت أن حث أوباما بريطانيا على البقاء في الاتحاد الأوروبي، الذي جاء بالتزامن مع زيارته الأخيرة إلى لندن، جاء في مقال نشره في صحيفة "الدايلي تلغراف"، التي يكتب فيها جونسون، وهو كذلك كاتب وصحفي، مقالا أسبوعياً. غير أن رد جونسون، عضو مجلس العموم البريطاني عن حزب المحافظين، جاء في صحيفة "الصن" الشعبوية. وذهب الأخير إلى حدِ الزعم بأن هذا "الكره الموروث" من أوباما قد يكون دفع بالبيت الأبيض بعد انتخابه رئيسا، إلى إزالة تمثال نصفي لرئيس الوزراء البريطاني في زمن الحرب العالمية الثانية، ونستون تشرشل، الذي كان معروفاً بدفاعه عن الإمبراطورية البريطانية، وإعادته إلى سفارة لندن في واشنطن.

وكان البيت الأبيض نفى هذا الكلام في 2012، كما نفاه أوباما خلال مؤتمره الصحفي مع رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون.

وقد أثار تهجم جونسون على أوباما انتقادات واسعة من مختلف الاتجاهات بما فيها زملاء له داخل حزب المحافظين. ومن أبرز هذه الردود، رد حفيد تشرشل، نيكولاس سومز عبر "تويتر"، حيث قال: "المقالة المروعة التي كتبها بوريس جونسون في صحيفة (صن) خاطئة تماما في كل شيء تقريبا".

وسومز، مثل جونسون، عضو بارز في حزب المحافظين الذي يتزعمه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. ويدعم كاميرون وسومز الحملة المطالبة ببقاء بريطانيا داخل الاتحاد الأوروبي، في حين يعد جونسون أحد رموز الحملة التي ترغب بالانفصال عنه، وذلك تحضيراً للاستفتاء المقرر لهذا الغرض في 23 حزيران/ يونيو المقبل.

ويعتبر جونسون، الذي تنتهي فترته الثانية كعمدة لندن في أيار/ مايو 2016، من أكبر المرشحين لخلافة كاميرون.

اللافت أن جونسون، يحمل إلى جانب الجنسية البريطانية، الجنسية الأمريكية، لأنه ولد في مدينة نيويورك من أب وأم من انجلترا.

وكان جونسون أبلغ صحيفة "صانداي تايمز" البريطانية، بالتزامن مع الانتخابات العامة في بريطاينا، العام الماضي، بأنه يريد التخلي عن جنسيته ‏الأمريكية، ليتخلص من العائق الوحيد الذي يقف أمامه لكي يصبح رئيسا للوزراء.‏ وقال جونسون، حينها، إنه سيخاطب السفير الأمريكي في لندن، ماثيو بارزون، بشأن التنازل عن هذه الجنسية، وأن السبب في رغبته في التخلي عنها هو ‏التزامه الدائم نحو بريطانيا. وفيما اعتبر خبراء دستوريون أن الجنسية المزدوجة لا تمثل أي حاجز أمام جونسون ليصبح ‏رئيسا للوزراء، فإن هناك من ربط ذلك بمحاولة جونسون عدم التقيد بدفع الضرائب في أمريكا، وليس مواجهة أية تساؤلات حول ولائه لبريطانيا.‏

المثير أن جونسون البريطاني - الأمريكي، الذي يهاجم عمليا رئيسه "نصف الكيني" أوباما، هو نفسه ليس بريطانيا، فما بالك بأمريكي خالص أبا عن جد، فهو مثل أوباما من "إرث إسلامي"، فجد بوريس جونسون الأكبر، شركسي تركي مسلم، هو علي كمال باي (1869 ـ 1922)، الذي كان صحفيا وناشراً، وشاعراً، وآخر وزير للداخلية في آخر حكومة في الخلافة العثمانية المنهارة، وقد اغتاله بطريقة بشعة، أنصار كمال أتاتورك مؤسس الدولة التركية.

وكان علي كمال باي قد تزوج زوجته الأولى (جدة بوريس جونسون الكبرى) وينفريد، وهي نصف إنجليزية ونصف سويسرية، وأنجب منها بنتا أسمياها سلمى وابنا أسمياه عثمان (من سيصبح جد بوريس جونسون). لكن بعد وفاة أمهما بعد ولادة عثمان بقليل، تكفلت بهما جدتهما من أمهما وقامت بتغيير لقبهما، حيث غيرت اسم عثمان ليصبح اسما ولقبا إنجليزيا "ويلفريد جوني جونسون". وفيما أصرت سلمى على استعادة لقبها، أي كمال وجنسيتها التركية، فيما بعد، فإن جوني جونسون بقي على نفس الاسم وتزوج الإنجليزية ـ الروسية إيرين وليامز، وأنجب منها ستانلي جونسون، والد بوريس جونسون.