نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتبتين روينا ميسون وهيثر ستيوارت، قالتا فيه إن حزب
العمال تمكن من المحافظة على موقعه في
انتخابات البلديات في إنجلترا، متحديا بذلك نقد قائد الحزب جيرمي
كوربين، بالرغم من تراجعه في كل من اسكتلندا وويلز.
ويشير التقرير إلى أنه بعد ليلة من النتائج المختلطة، واجه كوربين دعوات من أعضاء البرلمان لتحمل المسؤولية، للسماح لحزب العمال بالتراجع للمرتبة الثالثة بعد حزب المحافظين في اسكتلندا، والفشل في إحداث تقدم في إنجلترا، مستدركا بأن النتائج لم تعط ما يكفي من الذخيرة لمعارضي كوربين للقيام بانقلاب على القيادة في هذا الوقت.
وتنقل الصحيفة عن نائب زعيم الحزب توم واتسون، قوله إنها ستكون "رحلة عودة طويلة" لحزب العمال في اسكتلندا، لكنه أكد تفويض كوربين، وقال إنه يحتاج إلى المزيد من الوقت ليثبت قيادته.
وقال واتسون لإذاعة "بي بي سي" الرابعة: "حتى أعداؤنا سيقولون إنه بعد ثمانية أشهر فقط، فإنه ليس من العدل ولا من المناسب أن تعلق نتائج هذه الانتخابات على شماعة جيرمي كوربين فقط.. فبعد ثمانية أشهر فقط سيقول الناس إنه بحاجة لوقت أطول؛ ليتبين الاتجاه الذي يجب على حزب العمال السير فيه لكسب الانتخابات العامة في 2020".
وتذكر الكاتبتان أن حزب العمال عانى من أداء مأساوي في اسكتلندا، حيث خسر 13 مقعدا في البرلمان الاسكتلندي، وحصل على المرتبة الثالثة بعد حزب المحافظين، الذي حقق عودة بقيادته المحلية روث ديفيدسون، مشيرتين إلى أن الحزب الوطني الاسكتلندي كسب انتخاباته الثالثة للبرلمان الاسكتلندي، لكنه لم يحصل على الأغلبية كما توقع الكثير، لأن المحافظين حققوا نجاحات في دوائر غير متوقعة، كما أخذ الديمقراطيون الأحرار مقعدين من الحزب الحاكم.
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن حزب العمال في ويلز يبقى أكبر الأحزاب، لكنه سيقود إدارة أقلية بعد أن خسر مقعدا واحدا في برلمان ويلز، بينما تقدم الحزب الوطني لويلز وحزب الاستقلال البريطاني، مشيرا إلى أن أكبر رأس أصيب في هذه الانتخابات كان الوزير العمالي ليختون أندروز، الذي هزمته زعيمة الحزب الوطني لويلز ليان وود، حيث وصف زعيم حزب الاستقلال البريطاني نايجل فاراج ليلة فرز الأصوات بـ "ليلة الاختراقات"، فقد حصل حزبه على سبع مقاعد في برلمان ويلز المحلي، وهي أول مرة يشارك فيها الحزب بمرشحين في ويلز.
وتستدرك الصحيفة بأنه بالرغم من النتائج الكارثية في اسكتلندا، حيث كان من المتوقع أن يزيد حزب العمال من نصيبه من الأصوات في الانتخابات المحلية في إنجلترا، إلا أن الحزب حافظ على مجموعة من المجالس المتأرجحة، مثل كراولي وهارلي وساوثامبتون وننيتون وريديتش، لافتة إلى أن المجلس المحلي الوحيد الذي خسره الحزب هو مجلس دادلي، الذي لا يسيطر عليه أحد بالأغلبية، وكانت ليلة ركود في إنجلترا لم يتغير فيها الكثير، ولم يحقق حزب الاستقلال البريطاني تقدما حقيقيا.
وتبين الكاتبتان أنه يتوقع من حلفاء كوربين أن يحتجوا بأن الحزب حصل على نسبة أعلى من الأصوات عن عام 2015، واحتمال كسب صديق
خان "العمال" انتخابات عمدة لندن، كون ذلك دليلا على أن الحزب يخطو خطوات جيدة تحت زعامة كوربين، حيث حافظ جو أندرسون على منصبه عمدة لليفربول كما كان متوقعا.
ويفيد التقرير بأن الناقدين توقعوا أن يخسر الحزب المجالس القيادية في جنوب إنجلترا، ويخسر مئات مقاعد المجالس البلدية، مستدركا بأنه مع التاسعة صباحا، وبعد إعلان نتائج ثلثي المجالس، تبين أن حزب العمال خسر 24 مقعدا فقط.
وتذكر الصحيفة أن المحافظين لم يظهروا تقدما واضحا، عدا عن خمسة مقاعد بلدية إلى الآن، وقد يكون ذلك مؤشرا على عدم رضا جمهور المحافظين من تأييد كاميرون لحملة البقاء في الاتحاد الأوروبي في الاستفتاء الذي سيتم حول هذا الشأن، مستدركة بأنه بالرغم من أن أداء حزب العمال لم يكن بذلك السوء الذي كان متوقعا، إلا أن بعض أعضاء البرلمان ينتقدون حزبهم للفشل في إحراز تقدم يذكر.
وتورد الكاتبتان نقلا عن النائب جو كوكس قولها: "أظن أننا في هذه المرحلة كان علينا أن نتقدم بشكل أكبر مما رأينا هذه الليلة، هذه ليست الطريقة لعودة حزب العمال للحكم في 2020، ولذلك أعتقد بأن هذه الليلة كانت مخيبة للآمال، وعلى جيرمي والقيادة تحمل المسؤولية لما كان من ليلة سيئة لنا، أعتقد أننا بحاجة لقيادة حازمة من جيرمي"، لكنها أوضحت أن هذا الوقت ليس مناسبا لتحدي كوربين، واتفق معها جون مان، الذي لام القيادة، لكنه عندما سئل إن كان يعتقد بأنه حان الوقت للانقلاب على كوربين قال: "إن ذلك لن يحصل".
وينقل التقرير عن الوزير العمالي السابق بيتر هين، قوله: "بصراحة، ولكي نكون على طريقنا وواثقين من الفوز في الانتخابات العامة القادمة، يجب أن نكون حصلنا على مقاعد جديدة، بدلا من خسارة مقاعد.. صورة التوجهات هذا المساء ليست مكتملة، لكنها لا تظهر الزخم الذي كنا نتوقعه".
وتورد الصحيفة نقلا عن النائب إيما رينولدز، التي شغلت منصب وزيرة في حكومة الظل تحت قيادة إد ميليباند، قولها إن "على حزب العمال أكثر من مجرد دعوة مناصريه، وعلى جيرمي أن يوضح رؤيته للبلاد، وكذلك كيف سيصل إلى الناخبين الذين خسرناهم لصالح المحافظين وحزب الاستقلال البريطاني والحزب الوطني الاسكتلندي.. أنا ببساطة لا أعتقد أن النتائج جيدة بالمستوى الذي يشير إلى أننا في طريقنا للعودة إلى السلطة، والتخلص من حكومة المحافظين البائسة".
وتنوه الكاتبتان إلى أن أحزاب المعارضة كانت تاريخيا تحصل على مقاعد إضافية في الانتخابات المحلية التي تجري في منتصف الفترة الانتخابية، مشيرتين إلى أن ناقدي كوربين قالوا إنه كان يجب عليه أن يحصل على عدة مئات من المقاعد، لكن مؤيديه سيشيرون إلى أن الحزب حصل على أصوات أكثر من العام الماضي.
وينقل التقرير عن وزير المالية في حكومة الظل جون ماكدونال، قوله بعد غلق التصويت الساعة العاشرة مساء أمس: "قام حزب العمال بحملة قوية، وعمل بجد للحصول على كل صوت، حيث يقف الحزب مع الطبقة العاملة التي خذلها حزب المحافظين".
وأضاف ماكدونال أن "الهدف الرئيسي كان تقليل نصيب حزب المحافظين من الأصوات على مستوى البلد، فإن استطعنا تصغير تلك الهوة سنثبت تقدما ثابتا"، مشيرا إلى أن الحزب سيزيد من مؤيديه بشكل ثابت على مدى الأربع سنوات القادمة، بحيث يكون جاهزا لانتخابات 2020.
وبحسب الصحيفة، فإنه يتوقع فوز مرشح العمال بانتخابات عمدة لندن، بعد حملة مريرة وصف فيها مرشح حزب المحافظين زاك غولدسميث منافسه خان بأنه "متطرف"، مشيرة إلى أن خان سعى خلال حملته إلى إبعاد نفسه عن كوربين، بما في ذلك وصفه له بالفشل في "فهم" موضوع معاداة السامية.
وتستدرك الكاتبتان بأن وزيرة التنمية الدولية في حكومة الظل دايان أبوت، قالت إن الناس في العاصمة لندن يعرفون جيرمي أكثر مما يعرفون صديق "خان"، ولذلك فإن الانتخابات في لندن تدور حول جيرمي.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أنه كان نوعا من عدم الرضا ليلة أمس، حتى بين مؤيدي كوربين، حول أسلوبه في القيادة، وشكوك حول كفاءة فريقه في إدارة الحزب.