نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا؛ تحدثت فيه عن تراجع مخزون قطاع
غزة من الموارد المائية الصالحة للشرب، ما ينذر بتدهور الوضع بنهاية سنة 2016.
وقالت الصحيفة في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنّ قطاع غزة يعاني من شحّ في الموارد المائية، خاصة في ظلّ الاستنزاف المتواصل للمائدة الجوفية التي لم تعد صالحة للشرب بسبب تسرب مياه البحر الأبيض المتوسط، واختلاطها بالمياه الجوفية التي "أصبح مذاقها مالحا مثل مياه البحر، ولوثتها خزانات الصرف الصحي"، على حدّ تعبير المواطن "أبو معاذ".
وذكرت الصحيفة أنّ سكان غزة يشكون من تلكؤ السلطات التي تمتلك الإرادة الحقيقة لحلّ هذه المشكلة، ووضع حد لاستنزاف الموارد المائية قبل أن يبلغ مرحلة يكون عندها الوقت قد فات، وهو ما حذّر منه المجتمع الدولي الذي قام بدعم عديد المشاريع العاجلة لتفادي "الكارثة البيئية".
وأضافت الصحيفة أن مشكلة المخزون المائي في غزة لا تتعلق فقط بتلوث المائدة الجوفية، بل أيضا بتراجع احتياطات القطاع من
المياه، ما أثّر بصفة واضحة على النشاطات اليومية للسكان، الذين أصبحوا يدركون أن الوضع يتجه تدريجيا نحو الأسوأ.
وذكر نائب الرئيس المسؤول عن المياه في السلطة
الفلسطينية، ربحي الشيخ، أنّه تم تخصيص مبلغ 200 مليون دولار لإنجاز مشاريع تهدف للحفاظ على الموارد المائية، وتحديدا لتفادي استنزاف المائدة الجوفية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الموارد المالية موجهة أساسا لإنجاز مشاريع طموحة، من بينها تمويل بناء مصانع إنتاج المياه العذبة، ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي، وإنشاء خزانات لتجميع مياه الأمطار، وترميم البنية التحتية التي دمرتها حرب صيف 2014.
وذكرت الصحيفة أنّ هذه الخطة الاستراتيجية لمواجهة المشكلات المتزايدة في قطاع غزة تبدو مثالية من كل الجوانب، لكنها لا زالت حبرا على ورق، بسبب العوائق المتزايدة خلال عملية استيراد المواد الأولية وإدخالها لقطاع غزة المحاصر منذ سنوات، بالإضافة إلى نقص الطاقة الكهربائية.
وأضاف ربحي الشيخ أنّ كل ما يمكن إنفاقه في مواجهة هذه الأزمة هو ربع الأموال المخصصة لهذه المشاريع، أما بقية الأموال فإنها لا زالت عالقة في انتظار توفر الظروف المناسبة لإنجاز المشاريع الأخرى.
وأضافت الصحيفة أنّ الوضع في قطاع غزة يستدعي تدخلا عاجلا من طرف السلطة الفلسطينية، التي لا زالت تواجه عديد العقبات في مواجهة التدهور المتزايد للموارد المائية، وهو ما زاد من سخط سكان القطاع.
وذكرت الصحيفة أن منظمة الأمم المتحدة أصدرت في سنة 2012 تقريرا حول مستقبل الموارد المائية في قطاع غزة، الذي جاء فيه أنّ إمدادات المياه في القطاع تعاني من نسبة كبيرة من التلوث بسبب تسرب مياه البحر، وسوء التحكم في مياه الصرف الصحي، ومياه الأسمدة الزراعية، وهو ما ينذر بتلوث المائدة الجوفية بنهاية سنة 2016.
واعتبرت الصحيفة أنّ السبب الرئيسي لتراجع الموارد المائية في قطاع غزة يتمثل في استنزاف المائدة الجوفية بنسق خطير، حيث يبلغ استهلاك القطاع 200 مليون متر مكعب من المياه الجوفية التي يتم توفيرها لتزويد شبكات المياه البلدية والزراعة، بينما لا تتجاوز قدرة المائدة الجوفية على التجدد سنويا 60 مليون متر مكعب.
وأشار برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى أنّ "المائدة الجوفية في القطاع ستكون في حاجة لعدة قرون قبل أن تتمكن من التجدد، إذا لم تتوقف عملية استنزافها فورا".
وأضافت الصحيفة أنّ الفلسطينيين في قطاع غزة اضطروا إلى الاعتماد على خيار تحلية مياه البحر"، بسبب تواصل
الحصار وشحّ الموارد المائية. ففي سنة 2008، تمّ إنشاء محطة لتحلية المياه في دير البلح ثم توسيعها في سنة 2014، ومن المنتظر أن يتم افتتاح محطة ثانية ممولة من طرف الأمم المتحدة خلال شهر حزيران/ يونيو القادم.
وذكر المسؤول عن إمدادات المياه في البلديات الساحلية، منذر شبلاق، أنّ السلطات تتطلع لإنتاج 13 مليون متر مكعب من المياه المحلّاة سنويا بحلول سنة 2017، رغم أنّ ذلك لن يكون كافيا لوضع حد لعملية استنزاف المائدة الجوفية، ولذلك يحتاج القطاع إلى إنشاء محطة إضافية بقدرة استيعاب عالية، وهو مشروع بلغ التخطيط له المراحل النهائية، ربحي الشيخ.
وذكرت الصحيفة أن هذه المحطة التي من المحتمل إنشاؤها في قطاع غزة، تبلغ تكاليفها 500 مليون دولار، ولذلك لا زالت السلطات الفلسطينية في حاجة للبحث عن مصادر التمويل في مرحلة أولى، ثمّ إيجاد حلّ لمشكلة الكهرباء الضرورية لتشغيلها. ولكن إذا نجحت السلطات في إنجاز هذا المشروع الطموح، فإنّ جزءا كبيرا من مشكلات المياه في القطاع يمكن أن تصبح من الماضي، حيث من المنتظر أن تصل القدرة الإنتاجية للمحطة إلى حدود 55 مليون متر مكعب سنويا.
وفي الختام، قالت الصحيفة إنّ السلطات الإسرائيلية وعدت بتسهيل عملية دخول المواد الأساسية لبناء محطات تحلية المياه، لكنها لم تخف تحفظها وقلقها من توظيف هذه المواد لأغراض عسكرية، خاصة أن أغلب هذه المواد توجد على القائمة السوداء المطولة التي تحظر إسرائيل دخولها للقطاع منذ سنوات.