تشهد مدينة معضمية الشام، في ريف دمشق الغربي، عودة لملامح
المجاعة التي قضت على أكثر من عشرات المدنيين من أبنائها أواخر 2013، نتيجة حصار انتهى بعقد هدنة لم تغير كثيرا من الوضع الإنساني للمدينة.
الحصار يعود من جديد
فقد عادت قوات النظام، المتمثلة بالمخابرات الجوية والفرقة الرابعة، لتفرض حصاراً مطبقاً على المدينة منذ 26 من شهر كانون الأول/ ديسمبر من عام 2015، مانعة الدخول والخروج من وإلى المدينة بالرغم من اتفاق هدنة كان ما يزال ساري المفعول حتى ذلك التاريخ.
وقال أحد سكان المدينة ويدعى مختار، في حديث لـ"
عربي21": "لقد بدأ الحصار الكامل على المدينة من نهاية 2015 وبعدها تمكن النظام من الفصل بين داريا ومعضمية الشام ليزداد الأمر سوءا، قُطع شريان الحياة عن المدينتين بعملية الفصل هذه وفُقدت إثر ذلك المواد الغذائية الأساسية".
ونوه مختار إلى أن أسعار المواد الغذائية أصبحت خيالية ولا يمكن شراؤها إلا من قبل ميسوري الحال داخل المدينة "وهم قلائل جدا"، بحسب وصفه.
كما أوضح مختار أن مادة الملح مفقودة بشكل كامل في المدينة، حيث أصبح سعر الكيلوغرام من الملح، إن وجد، 12 ألف ليرة سورية أي ما يعادل 54 دولارا أمريكيا.
وشرح مختار سبب ارتفاع سعر الملح بهذا الشكل قائلا: "منذ إعلان الهدنة في المدينة لم يسمح النظام بإدخال الملح نهائيا، وكانت عناصر الحاجز تتعمد إتلاف الملح الداخل إلى المدينة؛ لأنه يدخل في صناعة المتفجرات".
وتعاني المدينة من فقدان المواد الغذائية الأساسية، من أرز وسكر وحتى الخضراوات، وفي حال تواجدت فإن سعرها يفوق القدرة الشرائية للمواطنين. فقد بلغ سعر الكيلوغرام من الأرز أو البرغل 6 آلاف ليرة سورية (27 دولارا)، بينما وصل سعر الكيلوغرام من السكر إلى 9 آلاف ليرة سورية (41 دولارا).
كما أن المدينة تشهد ارتفاعا في نسبة البطالة التي بلغت في الحرب 75 في المئة من إجمالي ساكني المدينة، ما جعل سكان معضمية الشام يعيشون تحت خط الفقر.
مناشدات أممية
وقال مندوب المجلس المحلي لمدينة معضمية الشام، أسامة نتوف، لـ"
عربي21": "تلقينا وعوداً أممية بإدخال مواد إنسانية إلى مدينة معضمية الشام، وما زالنا ننتظر".
وأضاف: "لقد وعدنا (رئيس الهيئة العليا للتفاوض) رياض حجاب بالضغط على الأمم المتحدة لإدخال مساعدات إلى داريا والمعضمية والوعر، لكن هناك إرادة دولية تمنع ذلك"، بحسب قوله.
وكانت مساعدات أممية في الأسابيع الماضية مُنعت من الدخول إلى الوعر في حمص وإلى داريا من قبل قوات النظام رغم تلقيها موافقة خطية مسبقا، بينما لم يسمح النظام نهائيا بتحرك أي قافلة إنسانية نحو معضمية الشام.
النظام يطرح مبادرته
ويأتي ذلك تزامناً مع ضغوط تمارسها قيادة الفرقة الرابعة، متمثلة بالعميد غسان بلال، مدير مكتب ماهر الأسد، الذي أبلغ أهالي مدينة معضمية الشام عبر مندوبيه داخلها بشروط لفك الحصار عن المدينة، تتمثل بإزالة مظاهر التسلح من المدينة، والسماح لمؤسسات النظام بالدخول إلى المدينة وممارسة عملها بشكل اعتيادي، إضافة لإخراج من لا يريد التسوية مع النظام إلى خارج المدينة، ورفع قوائم بأسماء المسلحين الموجودين الراغبين وغير الراغبين بالتسوية مع النظام، وإقامة نقاط تفتيش مشتركة بين الطرفين.
لكن العديد من أهالي معضمية الشام أكدوا لـ"
عربي21" أنهم "سيصمدون، ولن يستسلموا" وسيتحملون الحصار بانتظار فرج قريب.