اعتبر المرشح الرئاسي السابق،
حمدين صباحي، التصريحات التي أدلى بها رئيس الانقلاب، عبدالفتاح
السيسي، حول "السلام الدافئ" مع "
إسرائيل"، مقدمة لسلسلة من السياسات التي ستنتهجها الدولة
المصرية معها، وسيتبعها مزيد من التعاون المشترك بين الجانبين، بحسب وصفه.
ووصف اتفاقية ترسيم الحدود المصرية-السعودية بأنها "تأتي ضمن تطبيق سياسة صهيونية للسيطرة على الوطن العربي، وتحويل خليج العقبة إلى ممر دولي، وتفقد مصر بمقتضاها السيطرة والتحكم على هذه الجبهة الإستراتيجية، التي تعد المتنفس البحري الوحيد لإسرائيل"، وفق قوله.
جاء ذلك في حوار لصباحي مع صحيفة "صوت الأمة"، الورقية الصادرة هذا الأسبوع.
وتعتبر تصريحات صباحي مع الصحيفة أول تعليق يدلي به على خطاب السيسي الأخير، الذي ألقاه في أسيوط، الثلاثاء، ودعا فيه إلى توفير الأمن لإسرائيل.
وأكد صباحي في الحوار أن نظام (حكم الرئيس المخلوع) حسني مبارك يحكم مصر، واتهم "السياسات الحالية" بأنها تصنع الإرهاب، وشدد على أن جزيرتي "تيران وصنافير" مصريتان، وقال إنه ليس من حق أي جهة التنازل عنهما، مشددا على أن الشعب هو من يقرر مصيره، وحكامه، بحسب تعبيره.
تعاون مصري-إسرائيلي غير مسبوق
وفي البداية، وجه صباحي انتقادات مبطنة إلى تصريحات السيسي حول "تعميق السلام مع الكيان الصهيوني، والسلام الدافئ"، بحسب تعبير الصحيفة، فقال: "الحديث عن الكيان الصهيوني المحتل لابد أن يتطرق إلى عمليات الاستيطان، وسلسلة الانتهاكات التي تمارس ضد أهلنا في فلسطين، والحصار المستمر لقطاع غزة والسجناء والمعتقلين والأسر الموجودة في سجون الاحتلال".
وأضاف صباحي أن "هذا ما تمليه علينا ضمائرنا، والقانون الدولي، وميثاق الأمم المتحدة، في حق الشعوب في تقرير مصيرها، وليست فكرة عمل سلام مع هذا الكيان المغتصب".
واستطرد: "العلاقات المصرية - الإسرائيلية لا تحتاج إلى دفء في العلاقات، فهي تشمل تعاونا غير مسبوق بين الجانبين؛ بجانب أنها امتداد لسياسات الرئيس الأسبق محمد أنور السادات، التي تعكس إعجاب السيسي بالسادات، والعودة مرة أخرى إلى سياسته في التعامل مع الكيان الإسرائيلي، على حساب القضية الفلسطينية"، وفق قوله.
واتهم صباحي السيسي بأنه يعتبر اتفاقية "كامب ديفيد" شيئا عظيما في تاريخ الوطن العربي، ويدعو لتوسعها لتشمل العديد من الدول العربية، "وهذا مرفوض شكلا وموضوعا"، بحسب تأكيده.
وشدد على أن تصريحات السيسي تعتبر مقدمة لسلسلة من السياسات التي ستنتهجها الدولة المصرية مع "إسرائيل"، وفق وصفه، مؤكدا أن فكرة "السلام الدافئ" سيتبعها المزيد من التعاون المشترك بين الجانبين.
ترسيم الحدود المصرية-السعودية سياسة صهيونية
وشن صباحي هجوما عنيفا على اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية، ووصفها بأنها "تأتي ضمن تطبيق سياسة صهيونية للسيطرة على الوطن العربي، وتحويل خليج العقبة إلى ممر دولي، ومياه دولية، تفقد سيطرة وتحكم مصر على هذه الجبهة الإستراتيجية التي تعد المتنفس البحري الوحيد لإسرائيل، وتدفع مصر قهرا إلى التراجع عن دورها في الريادة، وقيادة المنطقة العربية".
وقال: "هذا ما أكده بعض المسؤولين في مصر، بينهم وزير الخارجية، ومن بعده رئيس الجمهورية، وهذا خطر كبير، فإذا لم يكن لمصر دور في قيادة المنطقة والوطن العربي، فإن تراجع هذا الدور هو توسعة الطريق أمام تولي إسرائيل قيادة المنطقة العربية".
واستدرك قائلا: "أما عن التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، فلا أحد يملك هذا الحق، فهذا الوطن ملك للأجيال القادمة، ولا يمكن بأي شكل من الأشكال أن يتم التنازل عن حبه رمل منه لأننا لا نملك هذا الحق".
ورفض صباحي مقترح عمل استفتاء شعبي حول الجزيرتين، فقال: "لا يمكن أن يتم عمل استفتاء شعبي على التنازل عن شبر من الأراضي المصرية"، مشددا على أن الاتفاقية كلها مرفوضة، وأنه لا يمكن لشخص عاقل أن يتنازل عن أرضه.
وأضاف أن هذا مخالف للدستور، مردفا أن الجزيرتين مصريتان، وأنه لا يوجد جدل في ذلك، وفق تعبيره.
حكومة السيسي ضد الفقراء
وعن تقويمه لأداء الحكومة الحالية أبدى أسفه من أنها "أصبحت تسير ضد الفقراء ومحدودي الدخل"، مشيرا إلى أن سعر كيلو الأرز تخطى تسعة جنيهات، وأن هناك معاناة شديدة للفلاحين في تسليمهم محصول القمح، في ظل أزمة اقتصادية وصلت بسعر الدولار إلى 11 جنيها"، بحسب قوله.
سنصدر بيانا عن عامي حكم السيسي
وعن أداء النظام الحالي، بما فيه السيسي، الذي سينهي عامه الثاني من الحكم، قال: "نحن في "التيار الديمقراطي" (ائتلاف يضم أحزابا لليسار والاشتراكيين والناصريين) نعمل على إصدار بيان في الذكرى الثانية لتولي السيسي الحكم، ولكن أرى أن النظام الحالي هو امتداد لسياسات مبارك، وما زال يفكر بنفس العقلية، والعمل على استخدام أساليب القمع في مواجهة المعارضة".
وأضاف صباحي: "أصبحنا بين خيارين في نظام الحكم، إما الإخوان التي كانت تستخدم الدين في الحكم، وتكفير المعارضة (وفق إدعائه)، أو النظام الحالي الذي يستخدم القمع والتخوين، لمن يعارض سياساته".
وأردف: "للأسف هذان النظامان لا يريدان أن يكون هناك بديل.. إما الإخوان أو سياسات مبارك، التي ما زالت تحكم حاليا، ورموزه تتصدر المشهد في هذه المرحلة، لذلك علينا أن نصنع البديل المدني لتولي الحكم، والعمل على وجود قيادات شابة"، وفق قوله.
إذا بدأت ثورة ضد السيسي سأكون أول المشاركين فيها
وبالنسبة لاعتقاده بأن هناك ثورة قادمة ضد النظام الحالي، قال: "الثورات يحددها الشعب، ولكن إذا بدأت ثورة في أي وقت فسأكون أول المشاركين فيها؛ لأن الشعب هو من يقرر مصيره، وليس أي جهة أخرى"، وفق قوله.
ومعلقا على الهجوم والانتقاد الموجهة له بالظهور في المناسبات، واستغلال الوضع لعمل "شو إعلامي"، والاختفاء لفترات طويلة، قال: "دور السياسي أن يظهر في وقت الأزمات، وأن يقدم حلولا ومقترحات لحل هذه المشكلات، وليس بالضرورة البقاء في المشهد 24 ساعة، بجانب أن الديمقراطية تلزم الجميع بالانتقاد، وأنا أرحب بهذا النقد"، بحسب قوله.
وعن اعتصامه بمقر حزب "الكرامة"، قال: "الاعتصام هدفه إظهار حالة الرفض، وعدم قبول اتفاقية ترسيم الحدود (المصرية - السعودية)، بجانب الاعتراض على سجن الشباب، والعودة لسياسات القمع، خاصة أن التنكيل والقمع الذي تنتهجه الدولة حاليا بيئة خصبة لصناعة الإرهاب"، وفق وصفه.
هل يبحث "صباحي" عن دور؟
و"حمدين صباحي" هو حمدين عبد العاطي عبد المقصود صباحي، من مواليد مدينة بلطيم بمحافظة كفرالشيخ، 5 تموز/ يوليو 1954، ورئيس سابق لحزب "الكرامة"، ويعمل رئيسا لتحرير الجريدة، وخاض انتخابات الرئاسة في عام 2012، وحل ثالثا بعد محمد مرسي، وأحمد شفيق، كما خاض الانتخابات ضد رئس الانقلاب، وحصل على أقل من مليون صوت، وتجاوزته أعداد الأصوات الباطلة، التي جاءت في المرتبة الثانية بعد السيسي.
وقام بتأسيس "التيار الشعبي"، وشارك في فعاليات "جبهة الإنقاذ"، التي مهدت الطريق للانقلاب العسكري على أول رئيس مدني لمصر، محمد مرسي.
وأعلن صباحي، قبل أيام، انضمامه للمعتصمين بحزبه "الكرامة"، احتجاجا على الأحكام القضائية التي صدرت بسجن العشرات من المتظاهرين الرافضين لإعلان السيسي أن الجزيرتين مصريتان، ما عرضه لحملة إعلامية شرسة من إعلاميي السيسي، وصفته بأنه "فاضي (غير مشغول)، ويبحث عن القيام بدور".