لا يُخفي كثير من رموز وقيادات تحالف 30 حزيران/ يونيو في
مصر، أن أنصار وحلفاء الأمس باتوا أعداء اليوم، أو غير مرغوب فيهم على أقل تقدير، بعد أن انقلب النظام أو غضب عليهم، وجفاهم.
فالبعض اتهم العسكر باختطاف ثمار ذلك التحالف، والبعض الآخر أكد انحراف التحركات ضد الرئيس محمد
مرسي عن مسارها، فيما لم يعد أمام هؤلاء سوى الهروب، أو التعرض للاعتقال، أو المعارضة بصمت.
العسكر خطفها
القيادي في حزب الكرامة، أمين إسكندر، اتهم المجلس العسكري بخطف "مكتسبات"
30 يونيو، وقال لـ"
عربي21": "انقلب المجلس العسكري، بمساعدة متظاهري 30 يونيو، التي رفضت النموذج المقدم للإسلام السياسي على جماعة الإخوان، ثم خطف المشهد لصالحه، وأزاح الجميع".
وتابع قائلا: "ومنذ هذه اللحظة تشكل حلف من العسكريين والقضاة والإعلاميين؛ لرسم ملامح جديدة، ديكتاتورية، وسن قوانين مقيدة ومكبلة للحريات، كالحبس الاحتياطي، وقانون التظاهر، لينفرد العسكريون بالسلطة".
وتوقع إسكندر أن يزيد التوتر الاجتماعي في مصر، ويتأجج الصراع على السلطة، ويحتدم "ربما من عسكريين لا أحد يعلمهم، خاصة بعد أزمة جزيرتي تيران وصنافير، وزيادة الأسعار، وزج الشباب في السجون"، وفق تقديره.
شتات 30 يونيو
بدوره، عزا الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أحمد كامل البحيري، انفراط عقد تحالف 30 يونيو، إلى "حالة الانقسام التي تلت 3 تموز/ يوليو، وحالة التشتت بسبب هروب البعض، وسجن البعض الآخر، وتحول آخرين لمعارضة النظام، فيما تماهى الباقي مع السلطة الجديدة".
وقال لـ"
عربي21": "من المؤكد أن العام الماضي شهد هجرة واسعة من معسكر المؤيدين (للانقلاب) إلى معسكر الرافضين"، مضيفا أن الأمر "ليس متعلقا بتقاسم السلطة، بقدر ما هو متعلق بمطالب البعض بالعدالة الاجتماعية، والحرية، والديمقراطية".
واعتبر البحيري أن "تجاهل السلطة ليس للشركاء فقط، وإنما إلى أي شخص له رؤية سياسية أو اقتصادية، هو في حد ذاته أزمة ستنعكس بالسلب على النظام، فسياسة الإقصاء تهدد بنية الدولة الواحدة، مهما بلغت صلابتها"، وفق تعبيره.
انقلاب وغضب وجفاء
أما الكاتب الصحفي، سليمان الحكيم، أحد الذين روجوا لتحركات 30 حزيران/ يونيو 2013؛ بقوة على فضائية قناة الجزيرة، فأنحى باللائمة على النظام العسكري الذي انحرف بها، وقال لـ"
عربي21": "إن ما كان حلما انقلب إلى كابوس".
وتساءل: "أين 30 يونيو منا؟"، مضيفا: "لقد انحرفت عن مسارها، بعد أن كانت تعني لنا كجماهير ونخب؛ تغييرا جذريا في مصر، وتعديلا في مسار الثورة، وأنه لم يعد هناك مكان للاستبداد والإنفراد بالسلطة مجددا"، على حد وصفه.
وعما إذا كان ما حل بهم هو غضب أو انقلاب أو جفاء من نظام عبد الفتاح
السيسي، أجاب الحكيم: "ما حدث هو من كل ما سبق، جفاء وانقلاب وخذلان كبير"، مؤكدا أنه "لا يمكن أن ينام (النظام) قرير العين بأفعاله، وهذا النظام هو في أضعف حالاته".
وقال إن "ما يحدث من كوارث طبيعية، هي رسائل من السماء لا يجيدون قراءتها، مفادها اعتدل، استقم"، وفق تقديره.
وعرّج الحكيم على مسألة الاعتداء بالضرب على خالد داود، المتحدث باسم جبهة الإنقاذ المنحلة"، الشريك السياسي للجيش في مظاهرات 30 يونيو، وذلك خلال الاحتجاجات على الداخلية أمام مقر نقابة الصحفيين هذا الشهر.
وقال الحكيم: "الضرب والاعتداء على أحد رموز 30 يونيو هو بمثابة ضرب كل 30 يونيو، والضربة ليست موجهة لشخصه بقدر ما هي موجهة للمعارضة"، كما قال.
جمعهم الكره
وذهب الباحث في معهد الدراسات حول العالم الإسلامي والعربي بجامعة مرسيليا، طارق المرسي، إلى القول إن ما بدر من نظام السيسي تجاه أنصار ورموز 30 يونيو، يعكس طبيعة النظم الديكتاتورية.
وقال لـ"
عربي21": "إن الأنظمة السلطوية كلها لا تقبل بأي شريك، فبالتالي إذا استعرضنا الصورة أمامنا لن تجد أي شخص من هؤلاء "شركاء 30 يونيو" في السلطة، أو قريب منها، أو مشارك بأي شكل من الأشكال بالحكم".
وتابع: "هم يشعرون أنهم مغضوب عليهم، وغير مرغوب فيهم"، مشيرا إلى أن "شركاء 30 يونيو كان يجمعهم كره، ولا يجمعهم مصلحة وطن، وساهموا بقوة في إعادة الكرة إلى ملعب النظام العسكري، ومعظمهم كانوا على علم بما يحاك ضد البلاد، وفئة قليلة هي التي استخدمت، دون علم، وهم من الجماهير، التي سيقت إلى الحدث تحت تأثير الإعلام، والضغوط النفسية"، وفق تقديره.
وقال المرسي إن دلالات مشهد الاعتداء على خالد داود، وهروب باسم يوسف، واعتصام حمدين صباحي تشير إلى "قصور رؤيتهم، وسيطرة أهوائهم، فالكثير من هؤلاء كان يعي أن مصيره لن يكون مشاركا، ولكن إزاحة من في السلطة الإخوان كان له أولوية عن وجوده شخصيا فيها".