"بحث بسيط على المواقع الإخبارية
المصرية كاف لأن تعرف حال
الزراعة في مصر وكيف أصبح".. هكذا عبر الصحفي عمرو سلامة القزاز عن "خيبة الأمل" نتيجة بوار وجفاف آلاف الأفدنة الزراعية خلال الأيام الماضية.
وقد شارك عديدون آخرون، من أساتذة السياسة والاقتصاد والإعلاميين، في تناقل مقاطع مسجلة وشهادات لفلاحين في شمال وجنوب ووسط مصر، وهم وسط أراضيهم التي جفت وتشققت تربتها.
من جانبه، شارك أستاذ السياسة والاقتصاد، سيف الدين عبد الفتاح، مقطعا مسجلا لسيدة مصرية تشتكي من انقطاع مياه الري وتظهر الأرض حولها (الغيط) مشققة من
الجفاف. وقال معلقا: "الأرض ما عدتش بتتكلم.. الأرض دي عطشانه.. نفديها بدمانا.. ثوروا تصحوا".
وفي المقطع المسجل قالت السيدة إنها أرملة ولديها خمسة أبناء، وقد بارت أرضها التي زرعتها أرزا، والمعروف بحاجته الكبيرة للماء. وقال أحد المواطنين أيضا إن
المياه لم تصل للأراضي منذ يوم 1 أيار/ مايو الجاري.
وتساءل الصحفي عمرو فراج، الذي شارك العديد من شهادات شهود عيان، وصور لفلاحين وسط أراضيهم التي بارت من الجفاف، وصور أخرى لترع جفت بالكامل: "طيب بعد هلاك كل المحاصيل دي واللي بالتالي هيأثر جدا على الأكل بتاع الشعب ده غير التصدير اللي هايقف بشكل كبير، الناس ناوية تعمل ايه؟".
ومن أشهر الترع التي جفت؛ ترعة السلام في سيناء (شمال شرق)، والتي تداول النشطاء صورتها وصور المحاصيل الموسمية وقد تساقطت ثمارها وجفت.
كذلك تناقل النشطاء صورا لأحد الفلاحين يروي أرضه المزروعة أرزا عن طريق عربة خزان (فنطاس مياه) لعدم وصول مياه الري إليه، ما أثار استنكار النشطاء، وذلك في محافظة الدقهلية (شمال شرق الدلتا) بقرية الخضيري مركز منية النصر.
وقال شهود عيان من القرية: "مركز منية النصر وقراه بيمر بيه البحر الصغير وهو تفريعه رئيسية من نهر النيل وكمان قريب جدا من مركز شربين اللي بيقسمه نهر النيل فرع دمياط الرئيسي فما بالك بالمدن البعيدة، وعندنا الارض شراقى كما نقول عندنا فى الريف!! والمفروض مستوى الميه لا يقل عن أربع قراريط!! يعنى ارتفاع أربع صوابع فوق مستوى التربة لأن ده رز!!".
وقال القروي عبد الغني مصطفى، من منطقة حفير شهاب الدين التابعة لمركز بلقاس بمحافظة الدقهلية: "الحكومة بتخرب بيتنا بعد ما زرعنا شتلات الأرز وصرفنا على التقاوى، فوجئنا بعدم وصول المياه للأرض وموت الشتلات واتخربت بيوتنا".
وأردف عبد الغني في حديثه لجريدة"المصري اليوم" المحلية: "مش عارفين نلاقيها من ارتفاع أسعار التقاوي، ولا من نقص مياه الرى، أنا عندي فدانين أرض وزرعتهم بالأرز وبعد أن ظهرت النباتات في الأرض لم تصل مياه الرى للأرض واتصلت بجميع المسؤولين عن ري بلقاس والمديرية بالمنصورة، ولكن ولا حياة لمن تنادى هم في وادى واحنا ناكل الطين".
كلك قال محمد جمعة للصحيفة: "كل يوم تموت الشتلات في الأرض بسبب عدم وجود مياه الرى، والناس القادرة ماديا بتشترى فناطيس مياه وتضخها في الأرض علشان ترويها، لكن احنا غلابة وبنستنى الدور في الترعة. لكن للأسف لم يصل لنا الدور منذ أكثر من 18 يوما، رغم أنه من المفروض أن تأتي لنا المياه 4 أيام وتنقطع 10 أيام، إلا أنه مع بداية موسم زراعة الأرز انقطعت المياه 18 يوما كاملة".
وفي الدقهلية (شمال شرق الدلتا) أيضا، في القرى التابعة لمركز أجا شمال، تحدث الأهالي عن قلة المياه في الترعة الرئيسية المغذية لأراضيهم، والتي يبلغ طولها ثمانية كيلومترات وتمر بعدة قرى، منذ أربعة شهور على الأقل.
وقال أحد القرويين، طبقا لما تداوله النشطاء، إن المياه لاتتواجد منذ أربعة أشهر، وإن تكلفة الري هذه الأيام تتخطى 1000 جنيه؛ لأنهم يروون بالمياه الجوفية والتي أصبحت نادرة أيضا، ما عجل بجفاف محاصيل الأرز والبطاطا في القرية.
أما في الشرقية (شرق) فقد ذكر عدد من النشطاء أن جفاف الترع ومصارف المياه قد هدد بموت محاصيل الأرز، ما دفع بعدد من الأهالي للتجمهر وتكسير مواسير المياه المؤدية إلى الترع لإنقاذ ما يمكنهم إنقاذه منها.
كما تداول النشطاء مقطعا مسجلا لسيدة من قرية الصنافين، مركز منيا القمح بالشرقية، تشكو من جفاف شتلات الأرز، وطالبت الحكومة بإرجاع ما صرفه الفلاحون على زراعة تلك الشتلات.
ومن الصعيد (جنوب) شارك النشطاء مقطعا مسجلا لأحد فلاحيه وهو يتجول في أرضه ويقسم أن الماء مقطوع منذ 52 يوما، ويطالب بإيجاد حل من قبل وزارة الري أو الزراعة، أو أن يخبروهم بإيقاف الزراعة. كما استعرض جفاف الترعة في أرضه، وأنه أصبح يروي أرضه بمياه منقولة عبر الدلاء (جرادل).
وفي دمياط (أقصى الشمال)، شكا أهالى قرية المحمدية من تشقق أراضيهم التي زرعت بالأرز ما يهددها بالبوار.
وفى الإسماعيلية (قناة السويس) أيضا، انقطعت مياه الرى عن أراضي شرق البحيرات بمنطقة القنطرة شرق منذ نحو 20 يوما.
وكتب المهندس أحمد آدم في منشور مطول عبر فيسبوك أن قريته وردان، في أقصى شمال الجيزة، تعتمد في الري على المياه الجوفية منذ منتصف السبعينيات، وأوضح أن أهالي القرية حاليا ومنهم والده اضطروا إلى الحفر إلى 75 مترا حتى يستطيعوا الوصول إلى المياه، إلا أنهم قابلتهم طبقة أرضية صلبة لم يستطيعوا اختراقها بآلاتهم.
وقد علل مزارعو القرية سبب غوار المياه الجوفية، ووافقهم المهندس أحمد، بأن ذلك بسبب انخفاض مستوى مياه النيل. وأضاف: "ده يعني أول تأثير مباشر أشوفه بعينيا لأزمة المية الحقيقية جدا، لأني بتخيل قرايبي وجيراني اللي معتمدين اعتماد اساسي على الزراعة في المنطقة دي، لو لا قدر الله المية اختفت، إيه اللي ممكن يحصل لهم، وهيعيشوا إزاي ومعظمهم ميعرفش غير الزراعة أو الاقتصاديات المرتبطة بيها".
هل سد النهضة السبب أم الحكومة؟
وفي الشهادات المتداولة، حمّل العديد من الفلاحين وملاك الأراضي والنشطاء حكومة الانقلاب العسكري السبب في قطع المياه عن الأراضي، خاصة الأراضي المزروعة بالأرز، قائلين إن ذلك لإنجاح الصفقة التي أتمتها الحكومة الأسبوع الجاري باستيراد 80 ألف طن من الأرز وسط تجاهل رسمي من قائد الانقلاب والحكومة لمشاكل الفلاحين.
وكان عبد الفتاح السيسي قد قال في كلمة له لإطلاق "رؤية مصر 2030" في 23 شباط/ فبراير 2016: "في سد بيتعمل وهنتفق مع الناس على عدد سنين معينة عشان يحجزوا الميه".
وقال إن المصريين بإمكانهم الشرب من مياه الصرف الصحي بعد معالجتها، مضيفا: "نحتاج لمحطات معالجة ثلاثية لحوالي مليار متر مكعب من المياه على الأقل في السنة"، واعتبر أن هذه المياه المعالجة مطابقة للمعايير الدولية، فهي صالحة لكل الاستخدامات حتى الشرب والسقي، بحسب قوله.
وبرر آخرون الجفاف بسبب سد النهضة الذي تبنيه أثيوبيا على نهر النيل، حيث أعلنت البيانات الدولية وخبراء المياه أن حصة مصر السنوية من مياه النيل ستتأثر (55.5 مليار متر مكعب)، بينما يؤكد الجانب الإثيوبي أن سد النهضة سيمثل نفعا لها، خاصة في مجال توليد الطاقة، وأنه لن يمثل ضررا على السودان ومصر.
وسينعكس هذا على مصر التي دخلت بالفعل منطقة الفقر المائي؛ حيث انخفض نصيب الفرد من المياه إلى 600 متر مكعب سنويا، وهو نصف المعدل العالمي، وفقا لبيانات دولية.
اقرأ أيضا: إثيوبيا تخطط لبناء سدود جديدة على نهر النيل (إنفوجرافيك)