تفاقمت الأزمة في مجلس نواب ما بعد الانقلاب في
مصر، بين رئيس لجنة الثقافة والإعلام في المجلس،
أسامة هيكل، وأعضاء اللجنة، بعد ما تبادل الطرفان الاتهامات بالتجسس، والتشهير، وسجلوا ذلك في مذكرات رسمية رفعوها إلى رئيس المجلس، علي عبد العال، في سابقة تحدث لأول مرة بتاريخ البرلمانات في مصر.
جاء ذلك على خلفية اتهامات وجهها أعضاء اللجنة إلى هيكل (رئيس اللجنة) بالتجسس عليهم، وتسجيل أحاديثهم على هاتفه الخاص (الموبايل)، دون علمهم، لدى عقد جلسة خاصة لمناقشة أزمة الصحفيين والداخلية، ثم تقدمه بتقرير نهائي حول الأزمة، دون موافقتهم أيضا، فيما ردَّ هيكل عليهم باتهامهم، بمحاولة إثارة الفتنة، والتشهير به في وسائل الإعلام.
ويعدّ "أسامة هيكل" وفق ناشطين أهم ذراع إعلامية للسيسي في البرلمان، وهو خليفة رجل المخابرات "سامح سيف اليزل"، الرئيس السابق لائتلاف "دعم مصر"، ظهير السيسي في البرلمان، وعوًّل الأخير على "هيكل" في إدارة ملف الانتخابات النيابية، وسيطرة قيادات "دعم مصر" على لجان البرلمان.
ويعتقد على نطاق واسع بأن السيسي كافأ هيكل على مواقفه، بتعيينه رئيسا لمجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامي.
الجدير بالذكر، أن هيكل عيّن في عهد المجلس العسكري، بمنصب وزير الإعلام، في المرحلة الانتقالية الأولى، وذلك بعدما عمل لعقدين محررا لصحيفة "الوفد"، ثم رئيسا لتحريرها لفترة قصيرة.
ماذا تقول المذكرة؟
وفي مذكرتهم التي قدموها ضد "هيكل"، قال أعضاء اللجنة إنه اتخذ قرارا برفع مذكرة إلى الأمانة العامة للمجلس، تخص أزمة نقابة الصحفيين مع وزارة الداخلية، وهي الأزمة التي وصلت إلى البرلمان، وأحالها رئيسه إلى لجنة الثقافة والإعلام للوصول لحل الأزمة.
وبحسب المذكرة، "عقدت اللجنة اجتماعا مع نقابة الصحفيين، وتم عقد اجتماع مغلق تمت الموافقة فيه على اقتراح خالد يوسف، باستدعاء نقيب الصحفيين، ورئيس الوزراء إلى مجلس النواب، وأن يتصافحا دون الدخول في تفاصيل الأزمة، على اعتبار أن هذه المصافحة تعدّ اعتذارا من رئيس الحكومة، إلا أن الجميع فوجئ بأسامة هيكل يرفع مذكرة للأمانة العامة، يؤكد فيها أن نقابة الصحفيين متعنتة، وأنه لم يتم الوصول إلى حل، ما أدى إلى تقديم عدد من أعضاء اللجنة مذكرة ضده".
وأكدت المذكرة أن "رئيس اللجنة" يتخذ قراراتها منفردا دون موافقتهم.
وأمام تفاقم الأزمة قدم عدد من نواب اللجنة، وهم "يوسف القعيد وأسامة شرشر وتامر عبد القادر"، شكوى إلى رئيس المجلس في وجود أسامة هيكل، من أنه يتخذ القرارات منفردا، ولا يعقد اجتماعات اللجنة مثل بقية اللجان، ليفاجأ الجميع بهيكل يخرج هاتفه المحمول، ويقوم بتشغيل مقطع صوتي لجزء من اجتماع اللجنة، ثم يؤكد لهم أنه يقوم بتسجيل اجتماعات اللجنة على هاتفه الخاص.
وقال النواب إنهم يعترضون على ذلك، لأن "هيكل" سجل للأعضاء في اجتماع رسمي دون إذن، وعلى هاتفه الخاص، ما يعد مخالفة للقانون.
ورفع كل من يوسف القعيد، وأسامة شرشر، وخالد يوسف، وجليلة عثمان، وجلال عوارة، وعبير تقية، ونشوى الديب، ومرتضى العربي، مذكرتهم إلى رئيس المجلس يطالبون فيها باتخاذ الإجراءات القانونية ضد هيكل.
ووصفت المذكرة مسلك رئيس اللجنة بأنه "مخالفة صارخة للقوانين وأعراف البرلمان"، مشددة على أن رئيس اللجنة "لو كان يريد أن يستدل بشيء قد حدث في اللجنة كان عليه أن يعود لمضابط اللجنة المسجلة، وليس لتسجيل قام به دون علمنا، وما يخالف صحيح القانون".
شرشر: التجسس علينا جريمة
ومن جهته، اتهم عضو اللجنة، أسامة شرشر، "أسامة هيكل"، بأنه لا يريد حلا لأزمة نقابة الصحفيين، من أجل فرض الحراسة عليها، لذا قرر أخذ الرأي منفردا بأن النقابة متعنتة، برغم أن اللجنة كانت وصلت إلى عدد من الحلول، وعندما واجهناه بهذا أمام رئيس المجلس أخرج هاتفه الخاص، وأبلغنا أنه قام بالتسجيل لنا، بالمخالفة للقانون والدستور.
وتساءل شرشر: "كيف يقوم رئيس اللجنة بالتسجيل على هاتفه الخاص، والاحتفاظ بوثيقة من وثائق الدولة بهاتفه الخاص؟ وهو ما دار في اجتماع اللجنة خاصة أن هناك مضبطة تسجل كل ما يدور داخل اللجنة، فضلا عن أن هذا الأسلوب يعد جريمة يعاقب عليها القانون".
هيكل يتهم زملاءه بالتشهير به
في المقابل، تقدم "أسامة هيكل" بمذكرة إلى رئيس البرلمان، يتهم فيها عددا من أعضاء لجنته بالتشهير به في وسائل الإعلام.
ونفي "هيكل" الاتهامات الموجهة له من أعضاء اللجنة بتسجيل نقاشاتهم السرية حول أزمة الصحفيين والداخلية على هاتفه الشخصي.
وطالب رئيس مجلس النواب، بالتحقيق مع زملائه الذين قصدوا التشهير به، وفق معلومات مغلوطة، دون أي أساس لها من الصحة، وفق وصفه.
وشدد على أن "جلسات اللجان يتم تسجليها وفق اللائحة بالمضابط"، قائلا: "ما يحدث وراءه إثارة الفتنة، والضوضاء تجاه اللجنة، ليس أكثر".
موقف أعضاء اللجنة
لكن أعضاء اللجنة تضامنوا في مواجة "هيكل"، وأصروا على اتهاماتهم له، مطالبين بالتحقيق معه.
وأكدت عضوة اللجنة النائبة عبير حنفي، أن توقيعات نواب اللجنة على المذكرة المقدمة لرئيس البرلمان بشأن التحقيق مع هيكل صحيحة، وغير قابلة للشك، وأن نفي هيكل لتلك التوقيعات يعد مخالفة أخرى تضاف لحجم المخالفات التى قام بها، من تقديمه التقرير دون الرجوع للجنة، وتسجيله الجلسة سرا.
وأشارت إلى أنهم فوجئوا بهيكل عند تقديمهم للمذكرة في مكتب رئيس المجلس بإصداره ردودا غير متوقعة، وتوجيهه اتهامات صريحة لعدد منهم بأنهم أعضاء غير أساسيين باللجنة، ولا يحق لهم الاعتراض، مؤكدة أن الدافع الأساسي وراء تقديم هيكل التقرير دون الرجوع للجنة هو إدانة الصحفيين في حين أن اللجنة كانت قد قررت تشكيل لجان استماع بين الطرفين لمحاولة الوصول لحل.
وأضافت أنهم متمسكون بمطالبة "عبدالعال" بفتح تحقيق فوري في واقعة التقرير خاصة تسجيل "هيكل" السري لجلسة اللجنة دون الرجوع والاستئذان، مشيرة إلى أن ذلك مخالف لجميع الأعراف والتقاليد البرلمانية.
تقرير هيكل يدين الصحفيين
يذكر أن التقرير المعد من جانب هيكل، قد حمّل مجلس نقابة الصحافيين مسؤولية الأزمة، واتهمهم بالتستر على متهمين في قضايا عنف، وعدم إعلاء مصلحة الوطن خلال الإجراءات التصعيدية التي اتخذتها النقابة.
وأضاف تقريره أن "الداخلية لم تخالف القانون في اقتحامها مقر النقابة استنادا إلى بيان النائب العام بشأن الصحافيين عمرو بدر، ومحمود السقا".
وفتحت أزمة اتهام "هيكل" بالتجسس على أعضاء لجنته، العديد من الأزمات، وجاءت توابعها لتتدخل مع قضية جديدة هي تزوير توقيعات نواب اللجنة بشأن تقرير واقعة نقابة الصحفيين ووزارة الداخلية المكلفة بمتابعته اللجان، ثم تشعبت القضية لتدخل في حيز آخر، هو تزييف حقيقة قضية الصحفيين، وإدانتهم من قبل اللجنة.