أطلقت قوات
النظام السوري، مساء الاثنين، سراح أربعة من وفد مفاوضات حي الوعر في
حمص المدينة عقب اعتقال استمر لساعات أثناء توجههم لاجتماع مع شخصيات تابعة للنظام السوري بعد طلب قدمه الأخير، وأتى ذلك بعد سماح
المعارضة السورية لعناصر تابعة للنظام بمغادرة الحي، بعد أن كانوا محتجزين داخل مشفى "البر".
قوات النظام السوري والميليشيات الطائفية الأجنبية الموالية لها كثفت من ضغوطها العسكرية والغذائية على حي الوعر آخر معاقل المعارضة السورية في مدينة حمص، بغية استكمال مشروع التغير الديمغرافي الذي بدأته في حمص القديمة، والذي انتهى بتهجير كافة أبنائه والاستيلاء عليه.
الناشط الإعلامي "محمد الحميد" يؤكد لـ "
عربي 21" تمسك النظام السوري بشقيه العسكري والسياسي ببندين منذ اتفاق الهدنة الموقع مطلع عام 2015، وهما "التخلي عن ملف المعتقلين أولا، وخروج سكان الحي منه كتهجير قسري في المنطقة ثانيا".
وقال "الحميد" في تصريحه: "البندان يخالفان تماما مشروع الهدنة المبرمة في الحي والذي ترعاه الأمم المتحدة بشكل رسمي، إلا أن النظام السوري ضرب عرض الحائط، وما يزال، بالاتفاق، ولم يلق بالا للأمم المتحدة، فقام بإغلاق الطريق الوحيد للحي مطلع شهر آذار/ مارس من العام الحالي".
وفي خطوة تالية، عملت حواجز النظام والميليشيات الطائفية الأجنبية على منع إدخال أي من المواد الغذائية للحي بما فيها القوافل الأممية وصولا لحرمان أكثر من مائة ألف مدني يقطنون الحي من مادة الخبز بشكل كامل، ومن ثم بدأت عجلة القصف بالعودة للمشهد تدريجيا.
وأردف "الحميد" تفاقم الحصار واشتداد سلاسله وقيوده على المدنيين المحاصرين مع عودة الأسطوانات المتفجرة لتدك الأحياء السكنية، مما أدى إلى وقوع ثلاثة ضحايا مطلع شهر نيسان/ أبريل من العام الحالي، ليستمر المشهد ذاته حتى تاريخ الـ 29 من شهر أيار/ مايو، الذي كان هو الأعنف على الإطلاق، فقد ضربت قوات النظام والميليشيات الحي السكني بقرابة 18 أسطوانة متفجرة، وقذائف مدفعية وهاون محملات بـ"النابالم الحارق".
بدوره، أكد مدير مركز حمص الإعلامي "أسامة أبو زيد" بأن النظام السوري ومن يحالفه يطلبون إخراج المقاتلين المعارضين من الحي أولا، ومن ثم إخراج الأهالي في خطوة ثانية، وأن مندوبي الأسد قالوها علانية: "ليس أمام حي الوعر إلا تكرار سيناريو حمص القديمة (الهجرة عن الحي وإخلاؤه)".
وأكد "أبو زيد" رفض المعارضة السورية الخروج من الحي، وأن النظام السوري تهرب من ملف المعتقلين رغم أنه سبق وصادق عليه أمام الوفد الرسمي التابع للأمم المتحدة، وتنصل النظام من اتفاقية ترافقت مع إعادة الحصار الخانق والقصف الشديد بوتيرة أعلى مما سبق بغية الحصول على مطلبه بالتغير الديمغرافي بقوة السلاح وسلاح الجوع عقب فشله في كسب ذلك بالملف التفاوضي.
منوها إلى أن القصف العنيف الذي يطال الحي يتعمد النظام فيه اللعب على ورقة المدنيين من خلال استهداف أحيائهم دون الجبهات ومناطق المواجهات، بهدف إحداث حالة من الضغط الشعبي على المعارضة للقبول بمطالبه وتمرير مشروعه في آخر معقل للمعارضة في حمص المدينة.