كشف المراقب العام السابق لجماعة الإخوان في الأردن،
سالم الفلاحات، الأحد، لـ"
عربي21" عن تبلور فكرة عامة لحزب وطني جديد، قال إنه "برامجي لا عقائدي"، بعيدا عن جماعة الإخوان، في حين أن هذا الإعلان لقي جدلا في أوساط الجماعة، وقد رأى بعضهم أن هذه الخطوة تمثل شرخا جديدا في الجسم الإخواني.
وقال الفلاحات إن الحزب ما زال أملا وفكرة، ولم يتم الخوض في تفاصيله بعد، ولم يقدم بقالب جاهز، مضيفا أن القائمين على فكرة الحزب مجموعة من الإخوة كانوا يلتقون لبحث الخلافات والانقسامات وتقليل الخسائر، إثر الانقسامات الداخلية في الجماعة، ولكنهم قوبلوا برفض جميع مبادراتهم.
وأضاف أنه "إثر المشاورات والمناقشات، فقد وجد الإخوة أن الخطوة الأفضل هي إيجاد مظلة أوسع من خلال العمل الحزبي"، مبينا أن حزب جبهة العمل الإسلامي في وضعه الحالي يعد مخالفة للفلسفة التي أنشئ عليها، ويهدف إليها.
وأوضح أن الحزب المزمع إنشاؤه لا يشوش على جماعة الإخوان، ولم يخرج من عباءة الجماعة، وإن ما يجري تداوله هو فقط من أجل وأد أي فكرة جيدة.
وطالب الفلاحات في معرض حديثه، "الجميع" بمن فيهم قيادات الجماعة الحالية والمنتمين لها، بمراجعات فكرية، وقال إن "إنشاء الحزب خطوة تهدف للتعديل الثقافي من خلال العمل الحزبي، ونحن نريد منهجية جديدة لا تقصي أحدا ومنفتحة على الجميع.. نحن نهدف إلى نقلة جديدة في العمل السياسي والحزبي في الأردن تحتوي الجميع".
يشار إلى أن أعضاء مبادرة "الشراكة والإنقاذ" وهم المعروفون بـ"
تيار الحكماء"، تقدّموا بأكثر من مبادرة لحل أزمة الجماعة، لكنها قوبلت جميعها بالرفض.
وتداول نشطاء أن قرار إعلان الحزب جاء خلال اجتماع لـ"مبادرة الشراكة والإنقاذ" عقد ليل السبت الأحد، توافق فيه المجتمعون على تأسيس حزب سياسي "يضع مصلحة الأردن ضمن أولوياته".
إلا أنه في بيان صحفي وصل "
عربي21" نسخة منه، علقت لجنة المتابعة لـ"مبادرة الشراكة والإنقاذ" على ما تداولته بعض المواقع الإخبارية بأن "الإعلان الذي صدر عن بعض الإخوة المشاركين في الاجتماع حول إنشاء حزب جديد هو إعلان سابق لأوانه، وهو تجاوز على ما اتفق عليه المجتمعون، ومخالف للتوجه العام للجنة".
وأضاف البيان أن الهيئة العامة لـ"المبادرة" تداولت في الاجتماع العديد من القضايا التي تهم الشأن الوطني العام، وما آلت إليه أوضاع الوطن في هذه المرحلة الدقيقة، وأكد المجتمعون في نهاية اللقاء إقرار توصيات لجنة المتابعة بشأن التعامل مع المرحلة المقبلة، وتفويض لجنة المتابعة بتحديد التوقيت المناسب وآليات إخراج أي خطوات مستقبلية بعد التشاور مع شركائنا في العمل الوطني.
وأوضح البيان الذي صدر عن الناطق الرسمي باسم لجنة المتابعة لمبادرة الشراكة والإنقاذ، الدكتور خالد حسنين، أن "أي إطار سياسي جديد لن تنفرد فيه جهة في معزل عن بقية شركائنا في العمل الوطني، وذلك ضمانا لتنسيق الخطوات والانسجام مع أنفسنا في سعينا لبناء إطار جامع يستجيب لحاجاتات المواطن الأردني ويأخذ في الاعتبار آراء الجميع".
وأكد الناطق الرسمي باسم المبادرة الدكتور حسنين لـ"
عربي21"، أن إعلان الحزب لم يتم عبر اللجنة المتابعة للمبادرة، وأن الهيئة هي الجهة الوحيدة المفوضة للإعلان عن أي خطوة مستقبلية.
وبهذا الإعلان، تبدو جماعة "الإخوان" وكأنها تواجه انشقاقا جديدا في جماعتها، إذ إنه سبق وأن أعلن المراقب العام الأسبق عبد المجيد ذنيبات (71 عاما) عن جمعية جماعة الإخوان المسلمين، بديلا للجماعة الأم وقامت الحكومة الأردنية بترخيصها، وهو ما أثار خلافات وانشقاقات كبيرة في الجماعة.
وكانت الجماعة أيضا بقيادة المراقب الحالي همام سعيد (72 عاما) قد قامت بفصل القيادي السابق، الدكتور رحيل غرايبة، إلى جانب آخرين إثر إعلانهم مبادرة "زمزم" التي رأى قادة الجماعة أنها تمثل خطوة انشقاقية، وهو ما رفضه غرايبة ولم يعترف به، وانبثق مؤخرا عن المبادرة حزب جديد بمسمى "زمزم".
وتنص اللوائح الداخلية للجماعة والحزب على فصل الأعضاء الذين يشرعون في تأسيس أحزاب سياسية دون علم المكتب التنفيذي.
ولا يزال الخلاف كبيرا بين جمعية الإخوان التي يرأسها ذنيبات، وجماعة الإخوان قائما، على مبدأ الشرعية، في حين أن الدولة تدعم "الجمعية" من خلال إغلاق مقرات "الجماعة"، بحجة عدم الترخيص.
الحكماء: قدمنا مبادرات وقوبلت بالرفض
وكان "تيار الحكماء" كما يطلق عليه البعض، قد أطلق مبادرات عدة، كان آخرها مبادرة بحل القيادة الحالية خلال شهرين من تاريخ إرسال نصها، وإلا فإنها ستشكل إطارا تنظيميا جديدا للخروج من الأزمة، وإجراء إصلاحات فورية في قيادتي الجماعة والحزب، وفق نص المبادرة.
ودعت "الشراكة والإنقاذ" إلى إعادة تشكيل الهيئات القيادية التنفيذية الأولى في الجماعة والحزب، على أسس الشراكة الحقيقية في تحمل المسؤولية ومواجهة التحديات، وأن "تعتمد على الكفاءة والقدرة على حمل أهداف الجماعة ومشروعها من قبل أشخاص معروفين بروح التوافق"، وذلك لفترة انتقالية مدتها عام، يصار فيها إلى توحيد الجهود في مواجهة المرحلة وتهيئة الظروف والمناخات الملائمة لإجراء الانتخابات في الجماعة والحزب، بما يضمن العمل على إجراء التعديلات الضرورية.
وكان الفلاحات قال في حديث سابق مع "
عربي21" إن أكثر من 18 مبادرة طرحت على قيادة الجماعة، من أطراف وطنية وإخوانية مختلفة، إلا أن الرد واحد من المراقب العام للجماعة، همام سعيد، بأن ما يحدث هو "زوبعة حكومية في فنجان مكسور"، وأنه مستهدف "شخصيا" من هذه الأزمة، وبقاؤه هو المصلحة للجماعة، وفق ما يراه.
وأضاف أنه تقدم بمقترح للقيادة قبل ترخيص الجميعة (المرخصة) يتضمن إقالة المراقب العام همام سعيد، وأن يأتي بديل متفق عليه إخوانيا واجتماعيا مثل عبد اللطيف عربيات، إلا أن المقترح قوبل بالرفض.
في المقابل، يرى أعضاء المكتب التنفيذي الشرعي أنهم والمراقب العام لم يرفضوا مبدأ الاستقالة، لكنهم وضعوا شروطا تحقق مصلحة الجماعة برأيهم، لكن الفريق الآخر داخل الجماعة هو الذي يريد استسلاما أكثر من تسوية توافقية، تأخذ في الاعتبار آراء المجموع العام وخياراتهم الحرة، بحسب تعبير أكثر من عضو في المكتب، حسبما نقل عضو في مجلس الشورى لـ"
عربي21"، فضل عدم ذكر اسمه.
ولفت الفلاحات في حديثه إلى أن رفض المبادرات الأخيرة والانقلاب على التوافق في انتخابات حزب جبهة العمل الإسلامي الأخيرة، هو ما دفع نحو إيجاد حلول بديلة، ومظلة تحتوي الجميع لإنقاذ الوضع وتقليل الخسائر.