نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" تقريرا أعده سايمون كير، قال فيه إن المملكة العربية
السعودية تفكر بفرض
ضريبة دخل على المواطنين
الأجانب العاملين لديها.
ويقول الكاتب إن المملكة، التي تعاني من مشكلات مالية، ترغب بزيادة الموارد المالية بقيمة 72 مليار دولار، من أجل تنويع
الاقتصاد، مشيرا إلى أن وزير المالية السعودي أكد أن الدولة ستفرض ضريبة الدخل على العمال الأجانب.
ويشير التقرير إلى أن هذه الخطوة تعد جزءا من سلسلة إصلاحات واسعة، تشمل السياسة المالية والاستثمار والمبادرات الاجتماعية، بالإضافة إلى خطوات تتعلق بإصدار الصكوك وتخفيض النفقات المحلية.
وترى الصحيفة أن ضريبة الدخل ستدر دخلا كبيرا على ميزانية الدولة، خاصة أن ثلث السكان هم من غير المواطنين السعوديين، مستدركة بأنها قد تجعل من استقطاب العمالة الأجنبية والمستثمرين الخارجيين أمرا صعبا، حيث إن ما يجذب العمال من الخارج إليها هو أن الرواتب فيها معفية من الضرائب، مثل بقية دول الخليج.
وينقل كير عن المستشار المقيم في السعودية طلال مالك، قوله إن "الشيء الذي يجذب الأجانب لدول الخليج هو حجم ما يمكنهم توفيره، وحجم ما يمكنهم إرساله إلى بلادهم الأصلية"، ويضيف: "لو تم تطبيق ضريبة الدخل، فإن هناك توقعات كبيرة بازدياد تكلفة المعيشة".
ويلفت التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن هذه ليست هي المرة الأولى التي تم فيها طرح فكرة فرض ضرائب على العاملين الأجانب، حيث إنه تم طرح الفكرة في ثمانينيات القرن الماضي، عندما تراجعت أسعار
النفط، إلا أن الأجانب عبروا عن غضبهم، وأعلن عدد منهم الإضراب عن العمل، وبينهم المتعهدون العسكريون، وعطلوا حركة الطيران العسكري، حتى وافقت السلطات على إلغاء الفكرة.
وتذكر الصحيفة أن خطة التحول الوطني، التي أعلنت فيها الحكومة عن سياسات لإصلاح الاقتصاد، الذي يعتمد على النفط، أشارت إلى خطط لزيادة ضريبة الدخل على الأجانب، إلا أن مسؤولا نفى وجود الخطة في المؤتمر الصحافي الذي رافق الإعلان عن الخطة الوطنية.
ويورد الكاتب أن وزير المالية إبراهيم العساف حاول توضيح اللبس المتعلق بموضوع الضريبة في مؤتمر صحافي في مدينة جدة، قائلا إنها ليست خطة، لكنها "مقترح"، مضيفا أنه "لم تتم الموافقة على أي شيء حتى الآن، وستتم مناقشة ذلك".
ويفيد التقرير بأن السعودية، التي يزيد عدد سكانها على 30 مليون نسمة، أي أعلى من دول الخليج الأخرى، أجبرت على تسريع الخطط المتعلقة بالمالية والتغييرات الاقتصادية، بعد أن أدى تراجع أسعار النفط العالمي خلال العامين الماضيين إلى عجز كبير في الميزانية.
وتنوه الصحيفة إلى أن "انخفاض النفقات الحكومية أدى إلى التأثير في الاقتصاد، وهو ما دفع العمال إلى تنظيم إضرابات احتجوا فيها على تأخر رواتبهم، بعدما فشلت الوزارات بالدفع للمتعهدين والمزودين، وبسبب هذا الأمر، فإنه يتوقع أن يتباطأ النمو الاقتصادي عن الدخل المحلي العام لهذه السنة 1.2%، بحسب تقديرات صندوق النقد الدولي، ويقلل عدد من المستثمرين من إمكانية تخلص السعودية من (الإدمان) على النفط، رغم خطة التغيير الاقتصادي".
وبحسب التقرير، فإن خطة التحول الوطني قدمت ملامح لعدد من المبادرات، التي تهدف إلى خفض الإنفاق الحكومي على رواتب الموظفين، من نسبة 45% إلى 40% بحلول عام 2020، وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد من 40% إلى 65% بحلول عام 2030.
ويذكر كير أن المملكة، بالإضافة إلى دول الخليج الأخرى، ترغب بتقليل اعتمادها على العمالة الأجنبية، وزيادة عدد المواطنين العاملين في القطاع الخاص، الذي يعد العاملون الأجانب غالبية فيه، مستدركا بأن الحاجة للأجانب قائمة في الوظائف التي لا تتوفر لدى السعوديين المهارات المناسبة التي تتطلبها، وللقيام بالأعمال المكتبية واليدوية التي يتجنبها المواطنون.
وتبين الصحيفة أن العساف قلل من شكوك النقاد حول إمكانية تحقيق خطة التحول الوطني، وقولهم إنها غير طموحة، ولن تستطيع كسر المقاومة الثقافية والبيروقراطية لإحداث تغييرات عميقة في البلد، الذي تعود سكانه على مساعدات الدولة الكريمة لهم.
ويشير التقرير إلى أن العساف أخبر الصحافيين أن التفاصيل التي وردت في المبادرات والأهداف التي تم التأكيد عليها، تعبر عن جدية المقترح، وقال: "أقول إننا بهذه الخطوات علينا أن نكون متفائلين من تحقق هذه البرامج والخطط"، حيث أكد العساف خطط الحكومة للإعلان عن صكوكها المالية الدولية، بناء على الاحتياجات التي تحددها الدولة.
ويكشف الكاتب عن أن البنوك بدأت بالتدفق على الرياض؛ للحصول على تفويض في إصدار الصكوك، التي يتوقع أن تجمع 15 مليار دولار بعد نهاية شهر رمضان في بداية تموز/ يوليو.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن من المصادر التي تبحث الحكومة من خلالها عن جمع المال، "ضرائب الإثم"، التي تفرض على المواد المضرة بالصحة، مثل السجائر والمواد السكرية.