مقالات مختارة

تسابق نحو موسكو يأسا من أوباما أم أمريكا ؟

روزانا بومنصف
1300x600
1300x600
في الفترة الفاصلة عن الانتخابات الأمريكية في مطلع تشرين الثاني المقبل ووصول رئيس أمريكي جديد تشهد المنطقة سباقا محموما على روسيا لا يقتصر على إسرائيل التي زار رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو موسكو مرتين خلال شهرين واتصالات قوية منذ دخول روسيا عسكريا في سوريا؛ لمنع انهيار نظام بشار الأسد في نهاية أيلول الماضي، بل يشمل أيضا الدول العربيةن وكذلك ايرانن على نحو يثير تساؤلات عميقة، في مقدمها: هل إن هذا التوجه الكثيف في اتجاه موسكو ينتظر رحيل الرئيس الحالي باراك أوباما باعتبار انه اصبح بطة عرجاء من اجل معرفة ما إذا كانت ستنشأ سياسة أمريكية مختلفة إزاء دول المنطقة ولا سيما دول الخليج العربي أم إن هذه الدول قطعت الأمل من الولايات المتحدة وقررت الانفتاح جديا على روسيا وتحسين أوراقها تحسبا لأي طارئ؟

يقول مطلعون إن هذا السؤال قد يعني بقوة دول الخليج العربي اكثر من إسرائيل مثلا التي ستجد موقعها وتميزها في أي معادلة أمريكية جديدة، في حين تجد هذه الدول وضعا اكثر صعوبة إزاء تراجع أهميتها بالنسبة إلى أمريكا في العامين الأخيرين. وفيما يوجه المرشد الإيراني علي خامنئي انتقادات قوية إلى الولايات المتحدة على نحو يوحي باستمرار العداء الشديد وعدم التهاون إزاء أي تغيير في العلاقات بين ايران وأمريكا، فإن الواقع الإيراني يعكس أمرا مختلفا وفق ما ينقل هؤلاء المطلعون عن نخب إيرانية. فالإيرانيون لديهم شعور بالزهو والقوة ازداد في الأشهر التي تلت توقيع الاتفاق النووي.

 وهم، على ضوء ما يعتبرون أنها انتصارات تحققت لهم عبر الاتفاق كما عبر مد نفوذهم إلى بعض دول المنطقة، يظهرون استعلاء على العرب على نحو لا سابق له. ومع أن أسباب هذا الشعور لدى ايران فارسي قومي قديم، إلا أن ما عززه هو مجموعة عناصر احدها يعود إلى نجاح المفاوضات حول الاتفاق النووي وخوف العرب من هذه المفاوضات ونتائجها المحتملة. وقد أضيف إلى ذلك شعور العرب أن الولايات المتحدة قد تخلت عنهم، فيما يعتقد الإيرانيون أن وضعهم افضل نتيجة ما يعتبرونه ورطة السعودية في اليمن. كما يزيد تعزيز هذا الشعور هيمنة " حزب الله" على لبنان، وهو عامل لا يستهان به، خصوصا أن " الانسحاب " الرمزي السعودي من لبنان أتى على خلفية الإقرار بسيطرة الحزب على هذا البلد. 

إلا أن الأهم في الفوقية الإيرانية المستجدة التي يتم السعي إلى توظيفها بقوة لا يعود إلى تبدل العلاقة مع الولايات المتحدة بل أيضا إلى تبدل وضع الإيرانيين داخل الولايات المتحدة. فهؤلاء يشعرون بالقوة إزاء ما يعتبرون انه عدائية ضد المملكة السعودية في الولايات المتحدة وبالمقارنة بين صورة ايران وصورة العرب هناك ولا سيما صورة دول الخليج، فإن ايران تبدو مزهوة بان صورتها قد تحسنت كثيرا إزاء تراجع صورة خصومها. 

إذ تعتبر أنها ربحت المعركة وتستمر في ربحها داخل الولايات المتحدة وأن ما حصل من تسوية على النووي بينهما لا يقتصر على السياسة الخارجية بل إن هناك علاقة جديدة مع المجتمع الأمريكي. وهذا ما يجعلها في موقع قوة في مركز حليف قديم محسوب على الدول العربية منذ عقود ونجحت ايران في اختراقه.

هذا التنافس في اتجاه موسكو علنا وفي اتجاه الولايات المتحدة ضمنا يظلل مساع أو محاولات لفتح قنوات خلفية للحوار في المنطقة بين ايران والدول الخليجية يقوم بها بعض الدول عبر اطراف ثالثين أو على نحو غير مباشر. إلا انه ليس واضحا إذا كان يمكن أن يشهد اختراقا ما أم لا قبل تسلم الإدارة الأمريكية الجديدة مهماتها السنة المقبلة.

عن صحيفة النهار اللبنانية
0
التعليقات (0)

خبر عاجل