سلط الهجوم الذي تبناه
تنظيم الدولة على ناد للمثليين في فلوريدا الضوء على
موقف تنظيم الدولة من قضية المثليين.
ورغم أنه لا أدلة للآن أن عمر متين قد ارتكب هجومه بأوامر مباشرة من التنظيم، إلا أنه وحسب معهد واشنطن للدراسات فقد نشر التنظيم مجموعة واسعة من المبررات لقتل المثليين جنسيا، خصوصا من الرجال، واستهدف علنا العديد من الرجال الذين يزعم أنهم مثليون في العراق وسوريا في العام ونصف الماضي وحده.
وحسب تقرير المعهد الذي أعده هارون زيلين ويعقوب أوليدورت، فإن مسألة رفض
المثلية الجنسية لا تقتصر على تنظيم الدولة، بل هي مجرمة من قبل النظامين العراقي والسوري، كما أن البيئة القانونية والدينية في المنطقة لا تتقبل هذه الفئة من الناس، لكن ما يبرز في قضية تنظيم الدولة هو مستوى النص المبرر الذي أعده التنظيم لعمليات الإعدام المماثلة والطريقة المسرحية التي تتم فيها هذه العمليات، الأمر الذي يحتمل أن يحرّض على قيام المزيد من أعمال العنف ضد المثليين. وفق التقرير.
إن إدانة المثلية الجنسية واسعة الانتشار في [حملة] الدعاية التي يبثها تنظيم «الدولة الإسلامية»، حيث غالبا ما يصف المثلية على أنها "أفعال قوم لوط"، في إشارة إلى الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تدين قوم لوط عليه السلام على أعمال اللواط. ومع ذلك، يختلف التنظيم اختلافا كبيرا في وجهات نظره عن كيفية معالجة الشريعة الإسلامية، وفقا للتقاليد، لأفعال الجنسية المثلية.
ويقر التقرير بأن الشريعة الإسلامية تحرم تلك العلاقات، لكنه يقول إن تنظيم الدولة اتخذ مثل هذه المواقف والمفاهيم إلى أقصى الحدود الممكنة، واعتبر جميع جوانب أشكال المثلية (السحاق، المثلية، ازدواجية التوجه الجنسي والتحول الجنسي) على أنها عبارة عن "أفعال قوم لوط"، وبالتالي على أنها من أشكال اللواط والانحلال الأخلاقي.
ويعتقد معدا التقرير أن التنظيم يستهدف المثليين الرجال بشكل حصري، كما يتجاوز التنظيم متطلبات عبء الإثبات، ما يسمح لأتباعه بتطبيق
العقوبة على أعمال المثلية الجنسية المشتبه بها بحرية.
ويجتهد التنظيم في لصق المثلية الجنسية ونشرها في العالم بالولايات المتحدة، وينقل التقرير عن مقال بعنوان "البراهين النبيلة المتعلقة بطرد أولئك الذين يساعدون الحملة الصليبية ضد الخلافة الإسلامية" (نُشر للمرة الأولى في أيلول/ سبتمبر 2014، وأُعيد إصداره في أيلول/سبتمبر 2015)، أن التنظيم دعم هذه التهمة بالعديد من المزاعم ونظريات المؤامرة. على سبيل المثال، ورد في أحد المقاطع أن "سان فرانسيسكو تعدّ عاصمة اللواط، حيث يشكل [المثليون جنسيا] ربع سكان الولاية" (ص. 10). واعتبر مقطع آخر أن بانكوك هي "العاصمة العالمية للانحراف الجنسي" ويرجع ذلك إلى وجود قاعدة عسكرية أمريكية فيها (ص. 13).
كما يستخدم التنظيم "العقاب" على هذه "التجاوزات"، للتعبير عن التزامه بإحياء قانون العقوبات في الشريعة الإسلامية. ويتهم التنظيم كل من لا يقيم الحدود بالكفر؛ فعلى سبيل المثال، توضح وثيقة إدارية صادرة عن "ولاية حلب" التابعة للتنظيم في كانون الأول/ ديسمبر 2014 أن أولئك الذين لا يفرضون "الحدود" هم كفّار حتى ولو التزموا بجميع الشعائر الدينية الأخرى.
وتتابع الوثيقة الأعمال التي يجب المعاقبة عليها وهي: التجديف (على الله، أو النبي، أو الدين)، والزنا والمثلية الجنسية والسرقة وشرب الكحول والافتراء و"التجسس، لما يصب في مصالح الكفار" والردة وقطع الطرق. وبالمثل، في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 أصدرت "ولاية حلب" مقالا مصورا يظهر إعدام المثليين تحت عنوان "شريعة الله فيما يتعلق بأي مرتكب لـ'أفعال قوم لوط ' " تستخدم فيه هذا المبرر حول ضرورة تطبيق الشريعة الإسلامية، باعتبارها وسيلة لتبرير رجم مثليي الجنس من الرجال.
ويشير التقرير إلى أن مثل هذه المبررات حول قتل المثليين جنسيا تظهر بشكل واسع في دعاية تنظيم الدولة. وتشمل هذه المقالات الصادرة في مجلاته باللغتين الفرنسية والإنجليزية ("دابق" و"دار الإسلام") وأشرطة الفيديو التي تصور معاقبة المثليين كوسيلة للانتقام الصارم ضد الكفار و"حماية الفضيلة ومحاربة الرذيلة" على حد سواء. وهذا المفهوم الأخير، المعروف عموما باسم "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، هو مبرر "الحِسبة" الذي غالبا ما يُستخدم للحفاظ على نظام اجتماعي محافظ في المنطقة.
وفي هذا الصدد، يختلف تنظيم الدولة عن الجماعات الجهادية الأخرى؛ فالتنظيم في جوهره هو مؤسسة تقوم على بناء دولة، وتسعى إلى إعادة تحديد العلاقات الاجتماعية وضبطها وفقا لقانونها الأخلاقي الذي يعامل أي شخص ينحرف عن فهمها للإسلام على أنه كافر قابل للحياد عن الدين، وغالبا ما يلقى عقوبات سريعة، وفق التقرير.
بناء على قاعدة البيانات التي جمعها المؤلفان، منذ أن أعلن تنظيم الدولة قيام خلافته في حزيران/ يونيو 2014، أعلن "ديوان الحِسبة" التابع له وأجهزته الإعلامية على الإنترنت علنا عن إعدام سبعة وعشرين شخصا زُعم أنهم مثليو الجنس. وقد اقتصرت هذه الإجراءات حتى الآن على ثمانية "ولايات" من أصل واحد وعشرين ولاية في المناطق الأساسية الواقعة تحت سلطة التنظيم في العراق وسوريا.
ولاية نينوى (العراق) 7
ولاية الجزيرة (العراق/ سوريا) 4
ولاية حمص (سوريا) 4
ولاية الفرات (العراق/ سوريا) 3
ولاية الرقة (سوريا) 3
ولاية حلب (سوريا) 3
ولاية الفلوجة (العراق) 2
ولاية الخير (سوريا) 1
والعقوبة كانت رميهم من على أسطح المباني الشاهقة، بناء على حديث من قبل خليفة النبي، أبو بكر الصديق، ينص على رمي رجل من على منحدر؛ لمشاركته في أعمال جنسية مثلية. وفي حالات أخرى، تم رجم المدانين، أو قطع رؤوسهم أو رميهم بالرصاص.
وحسب التقرير، فقد تم تنفيذ اثنين وعشرين عملية إعدام في خلال العام الماضي وحده، لكن يبدو أن قدرة التنظيم على الاستمرار في مثل هذه العقوبات قد تراجعت؛ نظرا إلى الخسائر العسكرية التي لحقت به في الأشهر القليلة الماضية.
ووفقا لملفات، يقول معدا التقرير إنها تسربت عن سمير عبد محمد الخلفاوي (الذي يُعرف أيضا باسم الحاج بكر)، رئيس المجلس العسكري للتنظيم ومهندس خططه لغزو الأراضي وإدارتها حتى وفاته في كانون الثاني/ يناير 2014، أمر التنظيم جواسيسه بتحديد مثليي الجنس عند التسلل إلى مناطق جديدة، بحيث يمكن ابتزازهم في وقت لاحق. كما احتال أعضاء التنظيم على مثليي الجنس من الرجال من خلال الادعاء بحبهم، إما للحصول على فدية (يُزعم أنها تصل إلى 11,000 دولار للشخص الواحد) أو لكشفهم وإعدامهم. وغالبا ما يحاول تنظيم «داعش» استخدام جهات الاتصال على الهواتف الخليوية، وعلى حسابات "فيسبوك" التابعة لهؤلاء المعتقلين؛ لتعقب مثلي الجنس الآخرين "المشتبه بهم". وفي بعض الحالات المزعومة، انضم مثليو الجنس من الرجال إلى التنظيم؛ لإخفاء ميولهم الجنسية المثلية، والتبليغ عن آخرين لحماية أنفسهم.
ويشير التقرير إلى الطريقة التي يتعامل بها التنظيم مع من يدان بهذه الفعلة؛ إذ يؤخذ الشخص إلى ساحة مدينة أو ما شابه ذلك حيث تتواجد الحشود الكبيرة. وفي حالة وجود مثلي جنس، كما يُزعم، يتم سحب الرجل إلى وسط الحشد أو يؤخذ إلى قمة مبنى شاهق ليُقرأ له التبرير الديني لإعدامه. ثم يتم تنفيذ الحكم، في الوقت الذي تلتقط فيه عناصر التنظيم الصور و/ أو مقاطع الفيديو لتظهر لمؤيديه ومجنديه بأنها تنفذ ما تراه كشرع الله.
ويحذر التقرير واشنطن من أنه في ظل غياب أي دليل على وجود تعليمات مباشرة من قبل تنظيم الدولة إلى متين لمهاجمة الملهى الليلي المعروف لمثليي الجنس في أورلاندو، يمكن أن تشير هذه الحادثة إلى وجود اتجاه جديد يتمثل بقيام الجهاديين بأخذ القانون بيدهم بصورة تمزج ما بين الأعمال الإرهابية التي يشهدها الغرب عادة وإعادة تحديد نطاق الشريعة الإسلامية وتطبيقها - أي في هذه الحالة تجاوز التعريفات والعمليات والمؤسسات القانونية التقليدية الأكثر دقة، وتشجيع العنف الموجه ضد مجتمعات المثليين وثقافتهم من الأفراد المسلمين العاديين.