فتح الإعلان عن اتفاق تطبيع
العلاقات بين
تركيا وإسرائيل، الثلاثاء، الحديث عن ملف العلاقات
المصرية التركية، فيما يرى محللون أنها أجندة دولية سيتم تنفيذها حتى ولو كانت
مصالحة غير مكتملة الأركان.
وقد أشارت الصحافة الإسرائيلية إلى هذا الملف. وكتب رون بن يشاي، محلل الشؤون العربية في صحيفة "يديعوت أحرونوت": "عندما يتم تطبيع العلاقات بين تركيا وإسرائيل، سوف يضطر الخليج والولايات المتحدة للمصالحة أيضا بين القاهرة وأنقرة، وقتها سيكون المعسكر البراجماتي الموالي للغرب كاملا وموحدا". واعتبر أنها أجندة دولية، وقال: "إن ذلك هو الجانب الإقليمي والعالمي الذي لا يجب التقليل منه".
سجال القاهرة وأنقرة
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، لقناة "تي آر تي خبر" التركية، الاثنين، إنه "لا مانع من تطوير العلاقات الاقتصادية بين تركيا ومصر وعقد لقاءات بين مسؤولي البلدين، مع استمرار الموقف التركي الرافض للانقلاب".
وأعربت الخارجية المصرية، الثلاثاء، عن عدم الارتياح تجاه ما قالت إنه استمرار التناقض في التصريحات والمواقف التركية، ورحبت في الوقت نفسه بكل جهد يستهدف تحسين العلاقات، إلا أنها قالت إنه "يجب أن يكون واضحا أن الاعتراف بشرعية ثورة 30 يونيو، وما نجم عنها من تولي مؤسسات شرعية مسؤولية إدارة البلاد، يحتم الاعتراف بها كنقطة انطلاق لتطوير علاقة تركيا مع مصر".
هل ستنجح الضغوط في فك الاشتباك؟
والسؤال: "هل ستتفق القاهرة وأنقرة رغم ما بينهما من خلاف نشب إثر انقلاب الجيش على الرئيس محمد مرسي منتصف 2013؟ وهل ستنجح الضغوط الدولية في فك الاشتباك؟ وهل سيقبل كل طرف بشروط الآخر؟ وما تأثير المصالحة على المعارضة المصرية في تركيا، وعلى ملف المصالحة بين جماعة الإخوان المسلمين والانقلاب العسكري؟".
وفي هذا السياق، يقول الإعلامي المصري ماجد عبد الله؛ "إننا أمام تقارب مصري تركي حتمي تفرضه الأجندة الدولية وتبعاته ستتحملها المعارضة المصرية في تركيا".
وقال لـ"
عربي21": "أعتقد أن الاتفاق سيضيق الخناق على المعارضين بالأساس، ولكني أعتقد أيضا أنه يتم استخدام هذا التقارب بين البلدين للضغط على الطرفين (الإسلاميين والانقلاب) لوجود صيغة تفاهم".
الغاز المصري والأنبوب التركي
ويرى الباحث المتخصص في الشأن التركي، محمد الزواوي، أن الدافع وراء التقارب التركي الإسرائيلي هو مشروع أنبوب الغاز الذي سيصدر غاز شرق المتوسط إلى أوروبا عبر تركيا، وقال إن غاز الحقول المصرية المكتشفة حديثا في البحر الأبيض سيبدأ باستخراجها العام المقبل، ومن ثم فإن لمصر مصلحة أن تنضم لمشروع أنبوب الغاز الإسرائيلي التركي، وفق قوله.
وأوضح الزواوي خلال حديثه لـ"
عربي21"؛ أن "تركيا دخلت ولأول مرة كشريك رسمي في القضية الفلسطينة بالاتفاق مع إسرائيل، وشرعنت وجودها كأحد الأطراف الفاعلة، وهو الدور الذي سترفضه مصر لأنها تريد احتكار الحل الفلسطيني عن طريق حركة فتح وخيار السلام؛ لأن أي تصعيد عسكري لن يصب في مصلحة الدولة المصرية".
ويضيف الزواوي أن التوترات السياسية بين مصر وتركيا قد يتم تناسيها بوجود مشروع ضخم لتصدير الغاز، ورأى أنه من المتوقع أن يتم تنحية نقاط الخلاف جانبا والعمل على المصالح المشتركة.
الشوكة الأخيرة في شرعية السيسي
أما المحلل والكاتب الصحفي عمرو توفيق فيقول: "لو تحدثنا عن الجانب المصري، فإن السيسي هو الأحرص على تطبيع العلاقات مع تركيا. حيث لا يزال يؤرقه سؤال الشرعية، وكل اعتراف دولي أو إقليمي بشرعيته يرسخ من سلطته، وتظل تركيا هي الشوكة الأخيرة في هذه النقطة".
وقال لـ"
عربي21": "تطبيع العلاقات مع تركيا وفتح قنوات تواصل
دبلوماسية واقتصادية وعسكرية؛ يمنح السيسي أوراق ضغط دبلوماسية على تركيا لتخفيف دعمها لقيادات المعارضة المتواجدة على أراضيها".
وأوضح أن المطلب الأهم لدى السيسي هو إغلاق أو تحجيم القنوات المصرية المعارضة في تركيا، "وهذه الأخيرة هي حائط الصد الأخير أمام بسط السيسي لسيطرته على الرأي العام، على رغم من ضعف إمكانيتها".
السيسي وأردوغان وحماس
من ناحية أخرى، يرى توفيق أنه بعد تطبيع العلاقات التركية مع إسرائيل؛ "لا يرغب السيسي في ترك الساحة الفلسطينية أمام تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان لتنفيذ أجندة دعم حركة حماس، وخارجيا أيضا، حيث يرغب السيسي في تخفيف الضغوط الأمريكية والخليجية المتواصلة باتجاه المصالحة مع تركيا"، حسب قوله.
ويشير توفيق إلى أنه "لو صحت الأنباء التي تتحدث عن تسوية سياسية أو مصالحة شاملة بين نظام السيسي والإسلاميين؛ فإن تطبيع العلاقات مع تركيا يمهد الطريق أولاً لمزيد من الضغط على الإسلاميين، ثم التمهيد لدور تركي بارز في هذه التسوية".
ماذا الذي يدفع نحو المصالحة؟
ويرى الصحفي والباحث السياسي المصري، غاندي عنتر، أن "الواقع الآن يفرض على تركيا التخلص من عداءاتها بالمنطقة وإعادة رسم سياستها الخارجية مرة أخرى، والعودة إلى نظرية تصفير المشاكل التي كانت تسير عليها قبل الربيع العربي، بعدما عادت الأنظمة السابقة للحكم في مصر عبر الانقلاب العسكري، وفي تونس رغم استمرار الحالة الديمقراطية".
وقال عنتر لـ"
عربي21"؛ إن المصالحة التركية الإسرائيلية لن تضر بعلاقات القاهرة وتل أبيب، بل ستدفع نحوها، ويضيف: "تركيا تعي جيداً العلاقة الحميمية بين مصر السيسي وإسرائيل، إلا أن حاجة تل أبيب لنقل الغاز إلى أوروبا عبر تركيا جعلها تحسم الاتفاق مع أنقرة دون التنسيق مع القاهرة".
الخليج والتحالف السني
ويضيف عنتر: "رغم أن المصالحة (التركية المصرية) مطلب خليجي دائم من أجل تقوية التحالف السني لحسم الملف السوري واليمني، إلا أن عودة العلاقات السياسية بالكامل صعبة لعدة اعتبارات، منها الشروط التركية بإطلاق سراح الرئيس مرسي والمعتقلين السياسيين، والتي قد لا يقبل بها النظام المصري؛ الذي يطلب في المقابل وقف بث القنوات الفضائية الداعمة للشرعية وطرد قيادات جماعة الإخوان من تركيا، وهو الأمر الذي قد لا تقبل به تركيا"، حسب قوله.
ويتوقع غاندي عودة للعلاقات الاقتصادية والتجارية بالشكل السابق، وربما عودة السفراء، لكن يبقى الوضع السياسي كما هو، وفق تقديره.
الواقع يفرض المصالحة
وفي المقابل، تعتقد الكاتبة دينا شرف الدين أن "التقارب بين البلدين أصبح حتميا الآن"، معتبرة أنها "لعبة السياسة المعتادة.. عدوي بالأمس صديقي اليوم وربما العكس".
وقالت دينا، التي تدعم النظام المصري الحالي، في حديثها لـ"
عربي21"، إنه "حتى وإن كان هذا التقارب على غير رغباتنا الشخصية، ولكن هذا ما يفرضه الواقع وتفرضه ألاعيب السياسة".