نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرا؛ تحدّثت فيه عن الدور الذي لعبته
الإمارات العربية المتحدة في
الخليج العربي كقوة عسكرية صاعدة، خاصة من خلال مشاركتها في الحروب ضد اليمن وتنظيم الدولة وموقفها من الإخوان المسلمين.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الإمارات نشرت قوات خاصة في اليمن بحرا وبرا وجوا بهدف مساعدة القوات الحكومية لتحرير مدينة المكلا من قبضة تنظيم القاعدة، وهو ما تسبب في هزيمة لهذا التنظيم، للمرة الأولى منذ بداية الحرب الأهلية اليمنية في آذار/ مارس 2015.
وذكرت الصحيفة أن القوات الخاصة الإماراتية لعبت دورا حاسما، أيضا، في طرد المتمردين الشيعة من ميناء عدن في تموز/ يوليو سنة 2015 وذلك عبر تقديم الدعم العسكري اللازم لقوات عبد ربه هادي منصور بمساعدة المملكة العربية السعودي,، التي تقود التحالف العربي في اليمن، بهدف التصدي للحوثيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحاكم الفعلي للإمارات العربية المتحدة، محمد بن زايد
آل نهيان، يعدّ الرجل القوي في البلاد الذي ساهم في تنامي القوة العسكرية للإمارات في الشرق الأوسط، والذي اعتمد سياسة المواجهة كسياسة خارجية للبلاد؛ حيث شاركت القوات الإماراتية في الائتلاف الذي تقوده واشنطن المناهض لتنظيم الدولة في سوريا.
وتجدر الإشارة إلى أن الطائرات الإماراتية شنّت حوالي 20 في المئة من الغارات الجوية ضد تنظيم الدولة، قبل أن تُعلق ضرباتها في حزيران/ يونيو 2015 وتتفرغ للمشاركة في حرب اليمن.
وأضافت الصحيفة أن الطائرات الحربية الإماراتية شنت خلال آب/ أغسطس سنة 2014 غارات جوية سرية في ليبيا استهدفت من خلالها مواقع قوات فجر ليبيا، لكنها فشلت في منعها من السيطرة على العاصمة طرابلس.
وتجدر الإشارة إلى أن الجيش الإماراتي يملك تجهيزات عسكرية متطورة، ما خوله التدخل بحوالي 135 طائرة مقاتلة و400 طيّار، حيث يعتبر الخبراء الغربيون أن حوالي ربع هذه المعدات العسكرية هي من "أعلى مستوى". وفي هذا السياق صرّح المحلل الجيوسياسي، تيودور كاراسيك، أنه "مما لا شكّ فيه أن الجيش الإماراتي هو أفضل جيش في منطقة الخليج، وهو ثاني أفضل جيش في منطقة الشرق الأوسط بعد الأردن".
وأفادت الصحيفة أن الإحصاءات الصادرة عن معهد أبحاث السلام الدولي في ستوكهولم، بيّنت أنه خلال الفترة الممتدة بين سنتي 1999 و2003 كانت دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المركز 16 كإحدى الدول المستوردة للأسلحة، لتصبح بين سنتي 2011 و2015 رابع دولة مستوردة للأسلحة، وهو ما جعلها "أسبارطة" الشرق الأوسط بعدما كانت سويسرا منطقة الخليج.
وذكرت الصحيفة أن الإمارات العربية المتحدة، مثلها مثل كافة دول الخليج التي تُعرف بخلافها عن إيران، لم تتوان عن اعتبار الحوثيين بمثابة الجناح المسلّح لإيران في اليمن. كما أنها لم تتردد، في ظلّ حكم محمد بن زايد آل نهيان، في الإفصاح عن معاداتها للتنظيمات المتشددة مثل تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة، إلى جانب معاداتها لجماعة الإخوان المسلمين، الأمر الذي شكّل نقطة الخلاف مع جارتها قطر التي لطالما دعمت هذه الحركة.
وفي هذا السياق، قال أحد الدبلوماسيين الإماراتيين: "نحن لم نشاهد أي علامة تدلّ على الاعتدال في الموقف الإيراني منذ التوقيع على الاتفاق. أما بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، فإن إيديولوجيتهم المتطرفة تتعارض مع مشروع مجتمعنا".
وأضافت الصحيفة أن هاجس محمد بن زايد الرئيسي هو الإسلام السياسي، ما دفعه إلى دعم الانقلاب العسكري الذي وقع في مصر بقيادة عبد الفتاح السيسي، والتدخل في شؤون تونس، فتَعامُلُ الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي مع الإسلاميين التونسيين وإشراكِه حركة النهضة في الحكومة أثار حفيظة ولي العهد الإماراتي، ما دفعه إلى إعلان أن التونسيين غير مرغوب بهم في الإمارات.
تدخل الإمارات لم يقتصر فقط على تونس، بل شمل أيضا ليبيا، حيث إن هوسها أذكى نيران الحرب الأهلية في البلاد، خاصة عندما أرسلت أسلحة إلى حكومة طبرق المكونة من الليبراليين ومن الموالين السابقين لمعمر القذافي، وهو ما يعدّ انتهاكا خطيرا لاتفاق حظر الأسلحة الصادر عن الأمم المتحدة. وفي الوقت نفسه، سلمت جارتها قطر أسلحة إلى حكومة طرابلس المنافسة التي تتألف من الإسلاميين ومن ممثلين عن مدينة مصراتة، ما خلق نوعا من العداوة بين البلدين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الإمارات موّلت اللواء خليفة حفتر، الذي يعدّ الرجل القوي في شرق ليبيا، عبر إرسال العربات المدرعة والمعدات العسكرية الأخرى. وفي هذا السياق، قال أحد المختصين في القضايا الأمنية الليبية إن "الإماراتيين لا يهتمون بتأسيس حكومة وحدة وطنية في ليبيا، بل لديهم أجندة أخرى، تتمثل في دعم حفتر وشخصيات معينة من النظام القديم. كما أنها تنتهج سياسة مماثلة في تونس، مع الشبكات المعادية للحركة الثورية والإسلامية".
وأوضحت الصحيفة أن تدخل الإمارات العربية المتحدة في الدول العربية كانت له تداعيات سلبية أدّت إلى مقتل 45 جنديا إماراتيا على خلفية استهداف الحوثيين لمواقع عسكرية إماراتية في اليمن، كما أنه ليس من المستبعد أن تكون هناك هجمات على الأراضي الإماراتية، الأمر الذي دفع بالسلطات الإماراتية إلى اعتماد وسائل وقائية جذرية لتجنب الضربات المحتملة.