ذكرت صحيفة "إندبندنت" في تقرير أعده روبرت فيركيك، أن تقرير لجنة سير جون
تشيلكوت جاء يوم الأربعاء ليكشف تفاصيل حول تداعيات قرار بريطانيا المضي في غزو
العراق عام 2003.
ويكشف التقرير عن أنه تم تحذير رئيس الوزراء البريطاني السابق توني
بلير، من خطر ظهور الجماعات الجهادية، في حال شارك في غزو العراق، لكنه قرر عدم أخذ هذا التحذير على محمل الجد.
ويشير الكاتب إلى الشاحنة التي فجرها انتحاري في سوق الكرادة في العاصمة بغداد نهاية الأسبوع الماضي، وقتل في العملية 250 شخصا، حيث إنها كانت أكثر الهجمات القاتلة التي تعرضت لها العاصمة منذ الإطاحة بالرئيس العراقي السابق صدام حسين، ويقول: "باختصار، فإن حالة عدم الأمن العالمية دارت دورة كاملة، وبدلا من أن يحمي غزو العراق من الهجمات الإرهابية جعله عرضة لها".
وتلفت الصحيفة إلى أن كاميرون كرر في رده على تحقيق تشيلكوت الحث على تعلم الدروس، وأخذ العبر مما حدث في العراق، خاصة في هذه المرحلة التي يخوض فيها العالم حملة ضد
تنظيم الدولة.
ويعلق فيركيك قائلا: "بالتأكيد لا أحد، حتى توني بلير، تخيل أن يؤدي تدخلنا في الشرق الأوسط إلى هذه النتائج الكارثية، ومع ذلك، فإن تقرير تشيلكوت قدم تفاصيل تكشف عن أن رئيس الوزراء تم تحذيره في عام 2003، من مخاطر صعود الإرهاب، ومع ذلك قرر جر البلاد للحرب".
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "تقرير تشيلكوت، الذي يستحق كل يوم من سنواته السبع، التي قضاها وهو يبحث في الحرب، قدم تفاصيل عن تهور بلير"، وجاء فيه: "تلقى بلير تحذيرات عن مخاطر زيادة تهديد تنظيم
القاعدة على بريطانيا ومصالحها، جراء العمل العسكري، وتم تحذيره من مخاطر انتقال قدرات أسلحة الدمار الشامل العراقية إلى أيدي الإرهابيين"، رغم أن وقوع الأسلحة في يد الإرهابيين كان أحد تبرير مبررات بلير للتدخل في العراق والإطاحة بصدام حسين.
وتنقل الصحيفة عن بلير، قوله في شهادته أمام اللجنة، إنه لم يكن يعرف في حينه أن الغزو سيؤدي إلى نتائج كارثية، لكن تشيلكوت يقول: "لا نوافق، حيث إن مخاطر النزاع الداخلي والتدخل الإيراني النشط، وملاحقتها لمصالحها، وعدم الاستقرار، ونشاط تنظيم القاعدة في العراق، تم تحديدها بوضوح قبل الغزو".
ويورد الكاتب أن اللجنة الأمنية المشتركة أخبرت توني بلير أن العمليات العسكرية في العراق ستؤدي إلى هجمات تنظيم القاعدة في الغرب، مشيرا إلى أن وكالة الاستخبارات الخارجية "أم آي-6" شكت بوجود خلايا نائمة لتنظيم القاعدة في العراق جاهزة للرد.
ويستدرك التقرير بأنه رغم رفض بلير ربط الغزو بظهور الجماعات الجهادية، الذي قال إنها ظهرت بعد ذلك بسنوات، حيث استغلت الفوضى التي أحدثتها الحرب الأهلية في سوريا، إلا أنه ينسى أن تنظيم الدولة هو نتاج لتنظيم القاعدة، الذي أعلن زعيمه أبو مصعب الزرقاوي ولاءه لتنظيم القاعدة عام 2004، وأصبح قوة مهمة في التمرد ضد الاحتلال الأمريكي البريطاني.
وتفيد الصحيفة بأن اللجنة الأمنية قدمت هذا الاحتمال بالتفصيل في شباط/ فبراير 2003، حيث استنتجت مذكرة سرية، حملت عنوان "الإرهاب الدولي: الحرب مع العراق"، أن "تنظيم القاعدة والجماعات المرتبطة به ستظل تمثل تهديدا إرهابيا عظيما للغرب ومصالحه، وستزيد مع غزو العراق، وسيعمل الغزو على زيادة تهديد المنظمات الإسلامية الإرهابية بشكل عام، بشكل يعكس المشاعر الساخطة ضد أمريكا والغرب في العالم الإسلامي، بما في ذلك المجتمعات المسلمة التي تعيش في الغرب، وهناك خطر من أن يؤدي نقل القدرات الكيماوية لتنظيم القاعدة إلى تعزيز إمكانياته".
وبحسب فيركيك، فإن لورد مايكل ويليام، الذي عمل مستشارا لوزير الخارجية في حينه جاك سترو، قال إنه كان لا يشك في تداعيات عدم اتباع نصيحة الأجهزة الأمنية.
وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى أن قول ويليام في تصريحات للتلفزيون الأسترالي: "التهديد الذي يمثله تنظيم الدولة في العراق وسوريا على بريطانيا والولايات المتحدة، هو أخطر بكثير من ذلك الذي مثله صدام حسين، حيث إن هؤلاء سيقتلون أعدادا كبيرة في لندن وواشنطن وسيدني، وهذا ليس هو الحال بالنسبة لصدام، رغم الملامح الكريهة لحكومته".