تشرع الحكومة
المصرية، في خلال الأيام القليلة المقبلة، في زيادة أسعار الكهرباء والمنتجات البترولية وضريبة السجائر وتطبيق "القيمة المضافة"، في تطبيق واضح لما أشار إليه رئيس الانقلاب عبد الفتاح
السيسي في اجتماعه بمسؤولين حكوميين، السبت، من تنفيذ "الإجراءات الإصلاحية اللازمة"، لمواصلة خفض الدين العام، وزيادة الاحتياطي النقدي.
وبرغم أن السيسي شدد خلال اجتماعه برئيس مجلس الوزراء شريف إسماعيل، ومحافظ البنك المركزي طارق عامر، ووزير المالية عمرو الجارحي، على أهمية توافر السلع الأساسية، والحفاظ على استقرار أسعارها، ومراعاة محدودي الدخل، والفئات الأولى بالرعاية، وعدم تأثرهم بأي إجراءات إصلاحية يتم اتخاذها، إلا أن خبراء اقتصاد أكدوا أن الإجراءات الحكومية الجديدة ستزيد من جنون الغلاء الذي يضرب أسعار السلع والخدمات كافة بمصر، كما سيزيد من معدلات التضخم.
وترتكز أهم "إجراءات الإصلاح"، التي كشفت عنها صحيفة "الشروق"، الثلاثاء، ووصفتها بأنها "خيارات صعبة تتجه الحكومة إليها، لتقليص عجز الموازنة".. ترتكز على استكمال خطة إلغاء دعم المنتجات البترولية والكهرباء، وتفعيل ضريبة القيمة المضافة، إضافة إلى زيادة الضرائب على السجائر.
ونقلت الصحيفة عن مصادر حكومية من وزارات عدة قولها إن الحكومة ستستكمل إجراءات الإصلاح المالي والاقتصادي بالدولة للعام المالي الحالي، في خلال شهر تموز/ يوليو الجاري، لتحجيم ارتفاع حجم الدين العام الذي وصل إلى 98 في المائة من الناتج القومي الإجمالي، وتقليص عجز الموازنة العامة للدولة، الذي يتوقع أن يتجاوز نسبة 10 في المائة، في ظل تعسر بعض مشروعات القوانين الاقتصادية.
وأضافت المصادر أن هذه الإجراءات تمت مناقشتها على مستوى عال، سواء مع القيادة السياسية (رئيس الانقلاب)، أو حتى في أروقة اللجان المختصة بمجلس الوزراء، وأنه لم يتبق إلا الموافقة عليها بصفة نهائية في خلال اجتماعات لمجلس الوزراء في الفترة المقبلة.
وبموجب تلك الموافقة الوزارية، فإنها ستتم زيادة أسعار المنتجات البترولية والكهرباء في إطار خطة الحكومة لخفض فاتورة دعم المواد البترولية.
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الكهرباء، محمد اليماني، أشار أخيرا إلى أن الوزارة تنتظر قرار مجلس الوزراء، باعتماد الزيادة الجديدة في أسعار الشرائح التي يتعدى استهلاكها 200 كيلو وات، مضيفا أن زيادة الأسعار تهدف لتقليل الفجوة بين سعر التكلفة، وسعر البيع، وفق وصفه.
وأشار رئيس مجلس الوزراء، شريف إسماعيل، في الفترة الماضية، إلى أن الحكومة تعتزم خفض فاتورة دعم الطاقة لتصل إلى نحو 30 بالمائة فقط من قيمتها الحالية بعد خمس سنوات.
وبحسب "الشروق": "تسعى الحكومة إلى تحرير أسعار المواد البترولية في خلال خمس سنوات"، وذلك بعد أن رفعت أسعار الوقود بداية شهر تموز/ يوليو من العام قبل الماضي.
وتعتزم الحكومة، وفقا للمصادر المشار إليها، تطبيق ضريبة "القيمة المضافة".
وكان وزير المالية، عمرو الجارحي، قال في الشهر الماضي، إنه من المتوقع أن يبدأ تطبيق الضريبة في بداية أيلول/ سبتمبر المقبل، بعد مناقشتها والموافقة عليها من مجلس النواب، مشيرا إلى أن إجمالي الحصيلة الضريبية المتوقعة في السنة المالية 2016ــ2017 تتراوح بين20 و25 مليار جنيه.
وأشارت المصادر إلى أن خطة الإصلاح الاقتصادي، التي ألمح إليها السيسي في تصريحاته، وأكدتها الحكومة مرارا، ستشمل أيضا زيادة الضريبة على السجائر في خلال الفترة القليلة المقبلة، إذ "يوجد اتجاه قوي لزيادة الضرائب على السجائر، وهناك عدد من شركات السجائر طالبت بزيادة السعر لتحصل على جزء من تلك الزيادة"، وفق الصحيفة.
وجذبت المصادر النظر، أيضا، بحسب "الشروق"، إلى أن الحكومة ستلتزم بمراعاة البعد الاجتماعي، مشيرة إلى أن هناك اتجاها للإبقاء على الدعم الخاص بشرائح الأسر الفقيرة والمتوسطة حتى عام 2020، وبالتالي فإن الحكومة عادة ما ترصد أكثر من نحو 10 مليارات جنيه سنويا للإبقاء على دعم هذه الشرائح (مبلغ ضئيل للغاية وفق مراقبين).
ونبهت المصادر إلى أن هناك تعليمات عليا بعدم السماح للهيئات الخدمية مثل "قطاع مياه الشرب، والنقل العام، والمترو، والسكك الحديدية"، بالاقتراض إلا بعد التأكد من قدرتها على سداد هذه القروض من عائداتها السنوية، موضحا أن معظم هذه الإجراءات ما زالت مرتبطة بمدى توجه مصر للحصول قرض من صندوق النقد الدولي.
ويذكر أنه بسبب شائعات زيادة الحكومة لأسعار السجائر، فقد حدث ارتفاع كبير، في خلال الساعات الأخيرة، في أسعار السجائر المحلية والمستوردة، بسوق التجزئة، وصعدت أسعار الأخيرة بنسبة 25 في المائة، والمحلية بنسبة 10 في المائة.
ذلك في وقت عاود فيه الدولار الصعود في السوق الموازية (السوداء) ليصل إلى قرابة 11.5 جنيه، وسط تكهنات باتجاه البنك المركزي إلى إجراء خفض جديد للجنيه مقابل الدولار في سوق الصرف المحلية.
وقال متعاملون بالسوق السوداء إن تلميحات محافظ البنك المركزي، طارق عامر، أخيرا، بخفض جديد للجنيه، تسبب في تحقيق طفرات سعرية للعملة الأمريكية، إذ ارتفعت إلى 11.30 جنيه، عقب انتهاء إجازة عيد الفطر، مقابل 11.05 جنيه قبل العيد، بارتفاع قدره 25 قرشا، فيما توقع تجار ومستوردون استمرار الارتفاع بالسوق الموازية في قيمة العملة الأمريكية خلال الأيام المقبلة.
وأرجع المتعاملون هذا الارتفاع إلى الإقبال الملحوظ على شرائه لتلبية احتياجات المستوردين، لا سيما مع التوقعات بقيام البنك المركزي بإجراء خفض جديد للجنيه بسوق الصرف، مشيرين إلى ضعف المعروض من الدولار حاليا.
وكان رئيس الانقلاب تحدث عن إجراءات وصفها بالإصلاحية واللازمة التي سيتم اتخاذها في خلال الفترة المقبلة؛ لمواصلة خفض الدين العام، وزيادة الاحتياطي النقدي، في وقت واصل فيه الجنيه المصري تراجعه أمام الدولار، وزادت أسعار الكهرباء، والحديد، مع ترقب زيادة أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وسيلة النقل الأهم لملايين المصريين يوميا.
وعانت مصر مع حكم السيسي من أزمة اقتصادية طاحنة، ظهرت آثارها على حياة المواطنين، فبدأ المصريون يشكون من الغلاء الفاحش في الأسعار، بسبب النقص الشديد في العملة الأمريكية، لأسباب كثيرة، منها تأثر السياحة في مصر بكثرة حوادث الطيران بداية من سقوط الطائرة الروسية في سيناء، مرورا بخطف طائرة أخرى إلى قبرص، وآخرها تحطم طائرة "مصر للطيران" في مياه البحر المتوسط.
وأرجع خبراء النقص في كميات الدولار بمصر إلى عزوف المصريين بالخارج عن تحويل مدخراتهم به، وانخفاض دخل قناة السويس بسبب تأثرها بحركة النفط العالمية التي تشهد انخفاضا شديدا في سعر البرميل.
وتفاقمت أزمة الدولار في العام الماضي مع تزايد العجز في الميزان التجاري إذ تقدر الصادرات بنحو 22 مليار دولار في حين تتجاوز فاتورة الاستيراد 60 مليار دولار سنويا، ما اضطر البنك المركزي إلى السحب من احتياطي النقد الأجنبي لتمويل تلك الفجوة.
وأسهم توقف المنح النقدية والعينية من دول الخليج - التى دعمت مصر بنحو 12 مليار دولار في أعقاب انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013 - خلال العام الحالي، في تزايد الضغط على الاحتياطي النقدي، الذي يعاني منه الاقتصاد المصري.