أقر البرلمان الإسرائيلي قانونا خلافيا يرغم المنظمات غير الحكومية، التي تتلقى القسم الأكبر من تمويلها من حكومات أجنبية، على التصريح عنه رسميا، في خطوة فسرت على أنها تستهدف المنظمات اليسارية التي تنتقد الحكومة.
وانتقد الاتحاد الأوروبي، الثلاثاء، المصادقة على القانون قائلا إنه قد "يقوض" القيم المشتركة بين الاتحاد الأوروبي و"الدولة العبرية".
ويقول منتقدو القانون إنه يشكل انتهاكا لحرية التعبير، ويكشف أسلوب صياغته أنه سيستهدف بشكل رئيسي الجمعيات اليسارية المناهضة للاستيطان في الأراضي
الفلسطينية والناشطة من أجل حقوق الإنسان.
وأقر القانون الذي قدمه مسؤولون من اليمين بغالبية 57 صوتا مقابل 48 في وقت متأخر من ليل الاثنين بعد مناقشات طويلة.
ويؤكد مؤيدو القانون أنه سيؤمن الشفافية المطلوبة.
وجاء في مقدمة القانون أنه يهدف إلى "معالجة ظاهرة المنظمات غير الحكومية التي تمثل مصالح أجنبية لدول أجنبية، فيما تتحرك تحت ستار منظمات محلية تدعي خدمة مصالح الإسرائيليين".
وأعلن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الهدف من القانون هو "منع قيام وضع عبثي تتدخل فيه دول أجنبية في شؤون إسرائيل الداخلية من خلال تمويل منظمات غير حكومية من دون علم الرأي العام الإسرائيلي".
وكتب نتنياهو على صفحته على موقع "فيسبوك" بعد التصويت النهائي في البرلمان: "خلافا لادعاءات اليسار، فإن المصادقة على القانون ستزيد الشفافية، وستساهم في خطاب يعبر عن الرأي العام الإسرائيلي وتعزز الديمقراطية".
وندد زعيم المعارضة، إسحاق هرتزوغ، بالقانون الذي وصفه بأنه "براعم الفاشية التي تزهر في إسرائيل".
وقال أيمن عودة، رئيس القائمة المشتركة للكتلة العربية في الكنيست الإسرائيلي، إن القانون يهدف إلى "ترهيب" المنظمات الناشطة من أجل "المساواة" في معاملة العرب.
وقالت صحيفة "هآرتس" اليسارية الإسرائيلية إن القانون سيطبق على نحو 27 منظمة، 25 منها تعتبر تابعة لليسار.
ومع أن القانون لا يشير تحديدا إلى المنظمات اليسارية، فإن هذه المنظمات هي المعنية أكثر من غيرها، لأن العديد منها يتلقى تمويلا من الخارج بما في ذلك من حكومات أوروبية.
أما المنظمات اليمينية ولاسيما تلك التي تدعم احتلال الضفة الغربية والاستيطان، فهي غير مشمولة بالقانون إذ تعتمد على الهبات الخاصة، ولاسيما من رجال أعمال أمريكيين.
"انتهاك لحرية التعبير"
من جهته، رأى الاتحاد الأوروبي أن القانون قد يلحق ضررا بالديمقراطية الإسرائيلية.
وقال الاتحاد إن "إسرائيل تتمتع بديمقراطية حيوية وحرية تعبير ومجتمع مدني متنوع يشكل جزءا لا يتجزأ من القيم"، مؤكدا أن "القانون الجديد قد يقوض هذه القيم".
وأعرب متحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية عن "قلق" فرنسا من القانون، مؤكدا أن "المنظمات غير الحكومية تلعب دورا أساسيا في الحياة الديمقراطية".
وكانت السفارة الأمريكية أعربت في السابق عن قلقها إزاء هذا القانون.
ونددت حركة "السلام الآن" الإسرائيلية المناهضة للاستيطان بالقانون، واصفة إياه بـ"الانتهاك الصارخ لحرية التعبير".
وكانت صيغة سابقة للقانون تنص على إلزام ممثلي المنظمات غير الحكومية المشمولة بالقانون بوضع شارة خاصة تشير إلى أن منظمتهم ممولة من دولة أجنبية معينة والتصريح عنها أثناء مداخلاتهم أمام لجنة في الكنيست.
وقالت الحركة في بيان إن القانون "مصمم خصيصا لاستهداف منظمات السلام وحقوق الإنسان فقط، والهدف الفعلي من وضعه هو توجيه الخطاب العام الإسرائيلي بعيدا عن الاحتلال وإسكات المعارضة لسياسات الحكومة".
وتعهدت "السلام الآن" بتقديم التماس ضد القانون إلى المحكمة العليا الإسرائيلية، وهي أعلى سلطة قضائية في الدولة العبرية.
من جانبها، رأت "
هيومن رايتس ووتش" أنه "لو كانت الحكومة الإسرائيلية قلقة حقا على الشفافية، لطلبت من كافة المنظمات غير الحكومية إعلان مصادر تمويلها للجمهور، وليس فقط تلك التي تنتقد سياسات الحكومة".
ومن المنظمات الحقوقية البارزة التي سيستهدفها القانون بالإضافة إلى السلام الآن، منظمة "بيتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية المدافعة عن حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و"كسر الصمت" التي تجمع شهادات لجنود شاركوا في عمليات عسكرية في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى منظمة "عدالة" التي تعنى بحقوق الأقلية العربية في إسرائيل.