قال رئيس حركة
النهضة، راشد
الغنوشي، إن الحزب يفضل أن يكون رئيس الحكومة القادم شخصية حزبية، مبينا أن حركة نداء
تونس التي حصلت على أعلى النتائج في الانتخابات التشريعية هي الحزب المدعو لقيادة هذه الحكومة.
وأكد الغنوشي في تصريح إعلامي عقب الموكب الرسمي الذي نظم، الأربعاء، بقصر قرطاج، لتوقيع الوثيقة التأليفية المتعلقة بأولويات حكومة الوحدة الوطنية، ضرورة أن تحظى الشخصية التي سيقترحها
نداء تونس بقبول الأطراف الموقعة على الوثيقة.
وأضاف الغنوشي أن المطلوب من حكومة
الحبيب الصيد أن تتفاعل إيجابيا مع الوثيقة وتفسح الطريق أمام تحقيق بنودها، وأن الهدف من اختيار شخصية حزبية لترؤس الحكومة هو أن تحظى هذه الحكومة بدعم الأغلبية في مجلس نواب الشعب وأن تكون مسنودة من قوى سياسية واجتماعية حقيقية، مشيرا إلى أن هذا الخيار سيشجّع رئيس الحكومة القادم على اتخاذ القرارات الصعبة المُتعلّقة بالإصلاحات الكبرى التي لم تقدر عليها الحكومات المتتالية.
وأوضح الغنوشي أن "تونس مقبلة على إصلاحات ضرورية في سائر المجالات تتطلب قرارات صعبة لا يمكن أن تتخذها الا حكومة ذات تمثيلية واسعة واثقة من نفسها ومن القوى التي تدعمها".
وأشارالغنوشي إلى ما اعتبره وجود "إرادة شعبية واضحة من أجل تغيير السياسات وتغيير الفريق الحكومي على حد السواء تجسدت من خلال الأحزاب والمنظمات التي وقعت على هذه الوثيقة والقوى السياسية والاجتماعية الأخرى التي أعلنت عن مساندتها لخيار تشكيل حكومة وحدة وطنية".
ويرى مراقبون أن تصريحات الغنوشي أتت لتحسم موقف النّهضة من مسألة الإبقاء على الحبيب الصيد كرئيس للحكومة، والذي اتّسم بالضّبابية في الفترة الماضية.
النهضة تسحب دعمها السياسي للصيد
واعتبر نورالدّين العرباوي، رئيس المكتب السياسي لحركة النّهضة، أن المرحلة التي بلغتها مُبادرة رئيس الجمهورية باتت تقتضي موقفا واضحا من رئيس الحكومة.
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21"، أن حركة النّهضة وكما عبّر رئيسها، تُقدّر أن الوقت حان لإفساح المجال أمام المُبادرة حتّى تستكمل نجاحها، خاصة مع إتمام مرحلة التوافق حول أولويّات عمل الحكومة القادمة.
وتابع: "المرحلة التي ستعقب الإمضاء على وثيقة قرطاج ستخوض في تشكيلة الحكومة ورئيسها، والأسماء المطروحة عديدة ومازال لم يتم الحسم فيها بعد".
وقال العرباوي إن النّهضة تُقدّر جهود الحبيب الصّيد، مُشيرا إلى أن الأطراف التي اقترحت الحبيب الصّيد لرئاسة الحكومة طلبت منه صراحة المُغادرة، في إشارة إلى نداء تونس ورئيس الجمهورية، وهو ما يفترض الاستجابة حتى لا تدخل البلاد في وضع لي ذراع هي في غنى عنها، وفق تعبيره.
الصّيد يرفض الاستقالة
وكان السبسي قد صرّح، الأربعاء، أن الحبيب الصيّد خيّر بالذّهاب إلى مجلس نواب الشعب، في إشارة إلى أن رئيس الحكومة رفض تقديم استقالته، وأنه سيلجأ إلى الفصل 98 من الدستور الذي يخوله بطرح مسألة تصويت البرلمان على الثقة في مواصلة الحكومة لنشاطها.
وينص هذا الفصل على أن للحكومة الحق في طلب تجديد الثقة، ويتم التصويت بالأغلبية المطلقة لأعضاء مجلس نواب الشعب، فإن لم يجدد المجلس الثقة في الحكومة فإنها مستقيلة.
يُذكر أن خالد شوكات، الناطق الرسمي باسم الحكومة، كان قد صرّح أن الحكومة متمسكة بتقييم أدائها قبل الاستقالة، وأن الحكومة حريصة على احترام التراتيب الدّستورية، وهو ما يقف وراء تمسّكها بالمرور للبرلمان، وفق ما نص عليه الدّستور.
النهضة تناور
وفي تعليقه حول موقف النّهضة، قال المُحلّل السياسي، نور الدين الختروشي، إن النهضة أكّدت منذ الإعلان على مبادرة السبسي ثقتها في شخص الصيد.
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21": "فهمنا من ذلك كملاحظين أن النهضة بقدر "اطمئنانها الأخلاقي" لنزاهة ووطنية الصيد، كانت بصدد المناورة لتحسين موقعها في الحكومة القادمة، وهو ما بدأ يتأكد الآن بعد تعدّد الإشارات النّهضوية المتعلّقة بإمكانية التخلّي عنه".
واعتبر الختروشي أن الصيد يتمسك بحقه في الخروج من الباب الدستوري، مشيرا إلى أن هذا لا يغير من الأمر شيئا باعتباره الآن بين خيارين، إما أن يستجيب لدعوة سياسية بالمغادرة أو أن يغادر من قبة البرلمان وفق النصوص الدستورية ذات الصلة بسحب الثقة من الحكومة.
أزمة دستورية ممكنة
وبالنّظر إلى السيناريوهات الممكنة لإقالة الحكومة التي نصّ عليها الدّستور التونسي، وفي حال لم يعرض الحبيب الصّيد حكومته من أجل تجديد الثقة وفق الفصل 89، يُمكن لأعضاء مجلس نواب الشعب التقدّم بلائحة لوم بهدف سحب الثقة وفق الفصل 97، كما يُمكن لرئيس الجمهورية أن يطلب من مجلس نواب الشعب سحب الثقة من الحكومة وفق الفصل 99.
ورغم هذه الخيارات المُتبقّية، لن يكون بإمكان مجلس النواب ولا رئيس الجمهورية المُطالبة بسحب الثقة من الحكومة، باعتبار أن الفصل 80 من الدّستور منع كلا المُؤسّستين من إمكانية تقديم لائحة لوم أو إعفاء للحكومة عندما تكون البلاد في حالة طوارئ، وهو الوضع الحالي للبلاد.
ويرى مُراقبون أن هذه السيناريو، في حال تحقّقه، قد يخلق أزمة دستورية وسياسية في البلاد وهو ما من شأنه أن يُعمّق من حدّة الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.