كشفت تقارير إعلامية عن 14 شرطا يشترطها
صندوق النقد الدولي كي يوافق على إقراض حكومة الانقلاب، برئاسة شريف إسماعيل، في حين قال خبراء اقتصاد إن الحكومة بدأت في تنفيذ عدد كبير منها، ولجأ الإعلام الموالي للسلطات إلى تبريرها.
وبدأت بعثة الصندوق المكونة من سبعة خبراء، برئاسة كريستوفر غارفيس، مستشار الصندوق للشرق الأوسط وآسيا، زيارة رسمية لمصر، السبت، تستغرق أسبوعين، وتستهدف تقويم برنامج الحكومة
المصرية لما يسمى "الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي"، بهدف الحصول على
القرض.
واستهلت البعثة زيارتها بلقاء المسؤولين بوزارة المالية، السبت، وتتابع على مدى الأيام المقبلة جولاتها التي تشمل كبار المسؤولين بالجهات الحكومية، ومنها: البنك المركزي، ووزارات التخطيط، والصناعة، والتعاون الدولي، والاستثمار، والتجارة.
وقال المتحدث الرسمي لوزارة المالية المصرية، أيمن القفاص، في تصريحات السبت، إن برنامج التمويل الذى تتفاوض مصر بشأنه مع الصندوق يقدر بـ12 مليار دولار، تستهدف مصر الحصول عليها خلال ثلاث سنوات، بواقع أربعة مليارات دولار للعام الواحد، لدعم رصيد الاحتياطي الأجنبي، وإتاحة تمويل إضافي لسد عجز الموازنة، ما يسهم في خفض معدل العجز والتضخم.
ونقلت صحيفة "المصري اليوم" عن "مصدر مسؤول رفيع المستوى"، وفق وصفها، قوله إن الطلبات التي طرحها الصندوق منذ بدء المفاوضات بين الجانبين، لمنح القرض، قبل ثلاثة أشهر، بلغ عددها 14 شرطا، منها ما تمت الموافقة عليه (لم تصرح به الصحيفة)، ومنها ما رفضته الدولة، وفق الصحيفة.
شروط تستجيب مصر لها
وأكدت العميدة السابقة لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية، عالية المهدي، أن البرنامج الاقتصادي للحكومة المصرية، متسق إلى حد ما مع
شروط صندوق النقد الدولي، على حد قولها.
وأضافت - في لقاء ببرنامج "الحياة اليوم" عبر فضائية "الحياة" مساء السبت - أن الإدارة المصرية على علم بكل متطلبات وشروط طلب القرض من صندوق النقد.
وأوضحت أن هناك نقاطا محددة، وأُطرا أساسية، تتضمنها شروط الصندوق، من أهمها: ضغط عجز الموازنة العامة، من خلال زيادة الإيرادات العامة، مشيرة إلى عمل الحكومة على ذلك عن طريق فرض ضريبة القيمة المضافة، ودمج القطاع الاقتصادي غير الرسمي مع القطاع الرسمي لتحصيل الضرائب.
وبحث
السيسي في اجتماعه، السبت، برئيس مجلس الوزراء ووزير المالية عمرو الجارحي، النظام الضريبي الحالي بمصر، وعرض الوزير ونائباه مشروع قانون تسوية المنازعات الضريبية، والنظام الضريبي المقترح للمنشآت الصغيرة ومتناهية الصغر، بما يساعد على جذب الاقتصاد غير الرسمي إلى المنظومة الرسمية، بحسب بيان صادر عن الاجتماع.
ومن جهتها كشفت عالية المهدي أنه من ضمن شروط صندوق النقد أيضا تحرير أسعار السلع الحكومية، والعمل على برامج الخصخصة عن طريق بيع بعض الأصول المملوكة للدولة لتخفيف العبء عليها.
وأشارت إلى أنه سيكون من الضروري تحرير سعر صرف الجنيه المصري أمام الدولار، مع وجود نوع من التعويم، ليؤدي إلى انخفاض سعر الصرف، كما حدث في عام 2003، باعتبار أن قيمة الجنيه حاليا أعلى من سعر الصرف المعلن.
ومن جهتها، نقلت صحيفة "فيتو" عن مصدر مصرفي رفيع المستوى، قوله إنه من المتوقع أن يتخذ البنك المركزي حزمة إجراءات منها تعويم الجنيه.
والأمر نفسه ساقه الخبير الاقتصادي، أحمد القصاص، إذ توقع أن يطلب الصندوق من مصر أن تخفض قيمة الجنيه أمام الدولار، كشرط لمنحها القرض، بجانب تطبيق قانون الضريبة والقيمة المضافة، الذي يستعد البرلمان المصري بالفعل، لإصداره بعدما تلقاه من "رئاسة الجمهورية".
ما رفضته الحكومة
في المقابل، زعمت صحيفة "المصري اليوم"، الأحد، أن الصندوق تحفظ على العمالة الزائدة، داخل الجهاز الإداري للحكومة، البالغ عددها 5.5 مليون موظف، لأنها تساعد على تآكل ربع الموازنة العامة في الأجور.
ونقلت الصحيفة عن مصدر (لم تكشف عنه) تأكيده أن مصر رفضت توصيات الصندوق بتسريح مليوني موظف، في ظل إعداد مقترح يقر خطة تدريب الموظفين، وإعادة تدويرهم بين المؤسسات والهيئات والوزارات الحكومية.
تحذيرات خبراء الاقتصاد
حذر عدد من خبراء الاقتصاد من خطورة استجابة الحكومة لمعظم شروط صندوق النقد الدولي، وتأثيره الفادح على المصريين، وتسببه في زيادة رقعة الفقر.
وقال المستشار القانوني لوزير المالية الأسبق، ماجد شبيطة: "الصندوق سيعطي ثقة للمستثمرين الأجانب، إلا أنه لا يرضى إلا بإجراءات غاية في الخطورة على الدولة، أقلها رفع الحصانة الامتيازية عن الأملاك العامة للدولة حال عدم السداد".
وإعلاميو السيسي يبررون
في السياق نفسه، حاول الإعلاميون المعروفون في مصر بموالاتهم للسيسي، وكونهم أذرعا إعلامية له، تبرير لجوء حكومته إلى الاقتراض من الصندوق، مخففين من تأثير الاستجابة لشروطه على المصريين.
وقال سعيد الشحات، مدير تحرير صحيفة "اليوم السابع"، في مقاله الأحد، بعنوان "أين إنتاجنا؟": "إنه ليس خافيا على أحد أن للصندوق شروطه التي يفرضها على أي دولة تلجأ إليه للاقتراض، والدولة التي تقبل هذه الشروط هي التي تحصل على القرض، وتبقى المشكلة في نوعية هذه الشروط التي يدفع الفقراء عادة فاتورتها".
وأضاف: "نحن نجني الآن ثمار سياسات فاشلة، تواصلت طوال السنوات الماضية، فحصاد اليوم هو مما فعلته بنا حكومات الأمس، الحكومات التي رفعت شعار البيع في كل شيء باسم الخصخصة، دون أن يتم تشييد صروح إنتاجية حقيقية، ويمكننا في ذلك أن نعد مئات المصانع والشركات التي راحت ضحية الفساد واللصوصية، ومجمل هذا المسار هو الذي أوصلنا إلى ما نحن فيه من أزمات".
وشدد الشحات على أن "انخفاض قيمة الجنيه المصري أمام الدولار ليس مسألة فنية، ولا نتيجة مضاربات في السوق السوداء، وليس في انحرافات الصرافات، وإنما يكمن في قدرتنا على الإنتاج، فطالما بقينا خارج هذا المجال فسيبقى اقتصادنا ضعيفا، والاقتصاد الضعيف يؤدى إلى عملة ضعيفة، وإلى فقر أكثر، وإلى الارتماء في أحضان صندوق النقد الدولي وغيره"، بحسب قوله.
ومتسائلا أيضا: "من الذي سيطبق برنامج الإصلاحات؟"، قال عماد الدين حسين، رئيس تحرير "الشروق": "قد تنجح المفاوضات مع الصندوق، وتحصل الحكومة على القرض، لكن ذلك يتطلب أن نكون نحن مستعدين هنا بقرارات صحيحة ومدروسة، حتى لا ندفع ثمنا مؤلما"، حسبما قال.
وأضاف: "على رئيس الجمهورية باعتباره يتحمل المسؤولية السياسية، أن يكون متأكدا أن الذين يديرون هذه العملية هم أفضل الخبراء والمختصين في مصر، وهم الأكثر فهما ودراية بالاقتصاد المصري، وظروف مرضه، وطرق علاجه، حتى يخرج من المستشفى سليما معافى"، على حد تعبيره.
2 بالمائة الفائدة على القرض
إلى ذلك، كشف نائب وزير المالية، أحمد كوجك، أن فترة السماح للحصول على قرض صندوق النقد بقيمة 12 مليار دولار، تبلغ 3.25 أعوام، بمدة سداد تبلغ خمس سنوات، تبدأ فور انتهاء مدة السماح.
وأضاف كوجك، في تصريحات صحفية، أن سعر الفائدة علي قرض النقد الدولي ثابت ومعلن عبر الموقع الرسمي لصندوق النقد الدولي، وغير قابل للتفاوض مع الوزارة، على حد قوله.
ومن جهتها، نقلت صحيفة "صدى البلد" الإلكترونية، عن مصدر بارز بوزارة المالية قوله إن سعر الفائدة على القرض يقدر بنسبة 2 بالمائة، مؤكدا أن هناك اتفاقا في وجهات النظر بين مصر والصندوق لتمرير القرض.