اندلعت معركة، ساحتها المقالات الصحفية، بين رجل الأعمال
المصري، رئيس حزب "المصريين الأحرار"، نجيب
ساويرس، وسكرتير الرئيس المصري الرحل جمال عبد الناصر للمعلومات، سامي شرف، حول حجم
الضباط الأقباط بين ضباط "ثورة 23 يوليو 1952".
وأشعل ساويرس المعركة في البداية بمقاله في جريدة "الأخبار"، تحت عنوان: "آه بس لو كنت مسلم".
وقال فيه إن هناك ثقافة طائفية متشددة تكونت على مدى عشرات السنين بدأت مع ثورة 23 يوليو، مشيرا إلى أنه ليس صدفة أنه لم يوجد ضابط مسيحي واحد في مجموعة "الضباط الأحرار"، بحسب قوله.
وأشار إلى أن السبب في ذلك قد يكون "تنسيقا أو تحالفا مع جماعة الإخوان للقيام بالثورة، وتبع ذلك تدهور التمثيل القبطي في الحكومات المتتالية حتى انحصرت في توليهم لوزارة (الهجرة)"، حسبما قال.
"الأحرار الأقباط" ضباطا ووزراء
لكن سامي شرف، رد على ساويرس بمقال مقابل، في الجريدة نفسها، الثلاثاء، تحت عنوان "الأحرار الأقباط"، قال فيه إن الضباط الأحرار كان من بينهم الملازم أول واصف لطفي حنين في الكتيبة 13 كتيبة الثورة.
وأضاف أن الدور الذي قام به ليلة الثورة كان تأمين البوابة رقم 6 المواجهة لكلية البوليس بالعباسية، واعتقال الضباط من رتبة البكباشي فما فوق.
وأشار شرف إلى أن الوزراء الأقباط كان منهم من تولى وزارات سيادية أمثال كمال رمزي استينو للتموين، ثم في مجلس الرئاسة، وكمال هنري أبادير للمواصلات، وإبراهيم نجيب للإسكان ثم للسياحة والطيران، وألفونس جريس للزراعة، وبطرس بطرس غالي للدولة للشؤون الخارجية، وجندي عبد الملك للتموين، وعبد الملك سعد للمواصلات، وعدلي عبد الشهيد بشاي للهجرة، وعزيز يوسف سعد للري، وفريد أنطون للتموين، وفكري مكرم عبيد نائبا لرئيس الوزراء، وفؤاد إسكندر للهجرة، وفينيس كامل جودة للبحث العلمي، ومحب رمزي استينو للسياحة والطيران، وموريس مكرم الله للتعاون الدولي، ووليم سليم حنا للشؤون البلدية والقروية، ووليم نجيب سيفين للهجرة، ويوسف بطرس غالي للمالية.
وأضاف شرف: "هذه أمثلة لمن عُينوا وزراء بخلاف المناصب العليا الأخرى التي تولاها الأخوة الأقباط في مصر المحروسة، ولن أتعرض للقوات المسلحة لأن الأمثلة معروفة، ويكفي أن أذكر اللواء فؤاد عزيز غالي بطل أكتوبر، والدور الذي قام به، علاوة على الكثير من ضباط
الشرطة الذين ضحوا بكل ما يملكون من أجل مصر"، على حد قوله.
وأضاف: "أما العلاقة بين الرئيس جمال عبد الناصر والبابا كيرلس فقد كانت مستمرة دائمة في كل المناسبات على أساس من المحبة والاحترام المتبادل. والدليل مبنى الكاتدرائية في العباسية الذي تولاه وتبناه عبد الناصر حتى تم على أكمل وأجمل وجه".
واختتم سكرتير عبد الناصر مقاله بتأكيد أنه بعد هذا الشرح الوافي يعتقد أن الأمور أصبحت واضحة وضوح الشمس، وأنه "لا داعي لأن يعيد تقويم ما كتبه نجيب ساويرس في مقاله"، بحسب قوله.
"آه بس لو كنت مسلم"
في المقابل، لخص ساويرس في مقاله: "آه بس لو كنت مسلم"، رأيه في مسلسل الأحداث الطائفية الأخيرة في العامرية والمنيا وبني سويف، مؤكدا أن المشكلة الأكبر هي أن يصل التعصب إلى "العاملين في جهاز الشرطة"، وفق وصفه.
وأوضح أن هذا الإحساس قد تولد لديه "نتيجة ما نراه من تقاعس واضح عن مواجهة الخروج على القانون في أحداث الفتنة، والاعتداء على الأقباط، وعدم التعامل بحزم مع مرتكبيها".
وحذر من أن هناك تخوفا دائما عند قيادات الشرطة المحلية من ردة فعل العناصر المتعصبة، وأن بعض هذه القيادات قد لا تتوافر له الإمكانات والأدوات اللازمة لمواجهة واسعة مع هذه العناصر في ظل الانتشار الواسع لملكية الأسلحة في صعيد مصر.
وأضاف: "حتى لو غيرنا عناصر الشرطة الموجودة فمن يضمن أن العناصر الجديدة مستنيرة؟"، مشيرا إلى أن "المشكلة تكمن في آلية تغيير هذه الثقافة الدخيلة، وهذا لن يحدث بين يوم وليلة"، على حد تعبيره.
واستطرد أنه "على الدولة أن تبدأ في وضع وتنفيذ خطة واسعة لتعديل هذه المفاهيم باستخدام الإعلام الذي دخلت فيه بقوة في المرحلة الأخيرة والاستعانة بالشيوخ والعلماء المستنيرين لإزالة المفاهيم الخاطئة. وفي الوقت نفسه على الأقباط ألا يقعوا في فخ الفتنة الطائفية"، وفق قوله.
ولم يفوت ساويرس الأمر دون أن يمتدح السيسي إذ قال إنه يستطيع أن يجزم بأنه لم يأت على رأس الدولة رئيس مثل الرئيس السيسي في استنارته ورؤيته السمحة وقناعته الدينية بأن الله واحد، والوطن للجميع، على حد قوله.
واختتم مقاله مشيرا إلى أنه لإنهاء المنازعات والاعتداءات التي تنشأ عند محاولات بناء الكنائس، فقد تقدم حزب "المصريين الأحرار" إلى البرلمان بمشروع قانون دور العبادة الموحد بعد مناقشته مع الجهات المعنية كافة، مطالبا مجلس النواب بسرعة مناقشة وإقرار القانون للقضاء على ما يسمى بالفتن الطائفية، لأن أي تقاعس في ذلك يصب فقط في صالح أعداء الوطن، حسبما قال.
مطالب طائفية ممنهجة ومتصاعدة لساويرس
واعتبر مراقبون مقال ساويرس يصب في إطار المطالب الطائفية الممنهجة التي يسير عليها ساويرس، ويحرص على الإلحاح عليها، في خطابه الخاص، وخطاب حزبه العام، أيضا، بغية تحصيل مكاسب للأقلية المسيحية بمصر.
وأضافوا أن ذلك يأتي دونا عن الأغلبية المسلمة، التي تعاني من افتقارها إلى من يدافع عن حقوقها أيضا في جوانب عدة، نتيجة الاستبداد السياسي، وسيطرة رأس المال على الحكم، والتشريع، بمصر، طيلة عقود.