نشرت صحيفة "التايمز" تقريرا للصحافيين توم كوغلان من بيروت، وحنا لوسيندا سميث من اسطنبول، يتحدثان فيه عن سيطرة
الأكراد السوريين على مناطق جديدة، بشكل يهدد السلام العرقي والعلاقات الطائفية.
ويقول الصحافيان إن "الأكراد المنتصرين بدؤوا بوضع أيديهم على بلدة غالبيتها عرب، حرروها من سيطرة
تنظيم الدولة، ما يهدد بإضافة طبقة جديدة للصراع الطائفي في النزاع السوري".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن القادة الأكراد، الذين قادوا العملية في
منبج نهاية الأسبوع الماضي، عبروا عن رغبتهم بضم البلدة واستيعابها في كيان الحكم الذاتي الكردي.
وتعلق الصحيفة قائلة إن "المشروع الكردي سيثير الرعب بين سكان البلدة العرب، بالإضافة إلى
تركيا التي تعارض بشدة التوسع الكردي في شمال
سوريا، وستزيد الخطوة من التوتر بين الأكراد والمقاتلين السنة، حلفاؤهم بالاسم في الحرب ضد تنظيم الدولة، وستزيد الخطط الكردية من الضغط على الولايات المتحدة، التي اعتمدت على قوات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، بصفته فصيلا رئيسا تعتمد عليه في الحرب ضد الجهاديين، وهي خطوة تعارضها تركيا، حليفة أمريكا وعضو حلف الناتو، وتصنف الولايات المتحدة المنظمة الشقيقة لها في تركيا، وهي حزب العمال الكردستاني (بي بي كي) منظمة إرهابية".
ويشير الكاتبان إلى أن الدعم الجوي الأمريكي منح قوات حماية الشعب تفوقا، حيث استطاعت السيطرة على مساحات واسعة كانت تحت سيطرة الجهاديين، مستدركين بأن التقدم تباطأ في الفترة الأخيرة؛ بسبب الدينامية الطائفية والعرقية المعقدة.
ويلفت التقرير إلى أن قوات سوريا الديمقراطية، وهي مجموعة أنشأتها الولايات المتحدة في تشرين الأول/ أكتوبر، أخرجت تنظيم الدولة من منبج يوم الأحد، مشيرا إلى أن صورا على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت سكان البلدة وهم فرحون، ونساء يخلعن البرقع، ورجالا يحلقون لحاهم ويشعلون السجائر.
وتستدرك الصحيفة بأنه مع ذلك، فإن قوات سوريا الديمقراطية منعت عودة أعضاء مجلس بلدة منبج، الذي انتخب عام 2012، بعد طرد قوات نظام بشار الأسد منها، لكنهم انتقلوا إلى تركيا بعد دخول الجهاديين، مشيرة إلى أن القادة الأكراد قاموا بانتخاب مجلس جديد، ظهر أعضاؤه على التلفاز، وتعهدوا بدمج البلدة في المنطقة الكردية.
وينوه الكاتبان إلى أن الأكراد هم القوة التي أثبتت قدرة على مواجهة تنظيم الدولة، مستدركين بأن محاولاتهم إنشاء دويلة والتقدم نحو المناطق التي يعيش فيها العرب، قد تدفع باتجاه نزاعات جديدة.
وينقل التقرير عن الناشط السوري المقيم في لندن عبد العزيز الماشي، قوله: "هذا ليس تحريرا، لأن التحرير الحقيقي يتم عندما تقوم قوات سوريا الديمقراطية بعمل الخطوة الأصوب، وتسلم المدينة إلى المجلس المحلي المنتخب عام 2012"، وأضاف الماشي: "لن يعود السكان إلى المدينة في حال بقيت قوات سوريا الديمقراطية فيها، أو قد يعودون لتحريرها من المحتل الجديد".
وتجد الصحيفة أن التطورات في منبج ستفسر في أنقرة على أنها محاولة جديدة من الأكراد للسيطرة على أراض إضافية، منوهة إلى أن المنطقة الكردية تقع قرب الحدود التركية غرب الفرات، بالإضافة إلى جيب صغير في عفرين، يقع على بعد 130 ميلا غرب الفرات.
ويورد الكاتبان نقلا عن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، قوله إن الرئيس الأمريكي باراك أوباما تعهد بعدم السماح لقوات الحماية الشعبية بالبقاء في غرب الفرات بعد تحرير منبج، وأضاف أنه "يجب على الولايات المتحدة الحفاظ على عهدها"، مشيرين إلى أن قادة الأكراد نفوا تعاونهم في الغرب، مع أن قوات سوريا الديمقراطية، التي يشكل الأكراد غالبية المقاتلين فيها، قالت إنها ستواصل التقدم باتجاه مدينة الباب على الطريق من منبج إلى حلب، وتعمل قوات سوريا الديمقراطية إلى جانب 300 مستشار عسكري أمريكي من القوات الخاصة.
وينقل التقرير عن المتحدث باسم البنتاغون الكابتن جيف ديفيز، قوله إن الولايات المتحدة لديها اتفاق مع الأكراد، وهو تولي السكان العرب المحليين مهمة إعادة بناء منبج، مبينا أن قوات حماية الشعب نفت عملها في منبج، مشيرة إلى أن المليشيات العربية المحلية هي التي تولت المعركة لتحرير المدينة.
وتورد الصحيفة نقلا عن المتحدث باسم الأكراد العقيد طلال سلو، قوله إن قوات حماية الشعب ليست موجودة في المناطق المحررة، وأضاف أن "القوى التي حررت منبج هي مجلس منبج العسكري، والتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم الدولة"، مستدركة بأن صورا من المدينة أظهرت مقاتلين ومقاتلات أكرادا وهم يشاركون في المعركة.
ويرى الكاتبان أن "الطموحات الانفصالية الكردية لا تخيف تركيا فقط، بل العراق وإيران أيضا، حيث يعيش ملايين الأكراد في هذين البلدين، وتتسم علاقة بغداد مع حكومة إقليم كردستان في شمال العراق بالتوتر، وتحظى الأخيرة بدعم الولايات المتحدة في قتالها ضد تنظيم الدولة".
وتختم "التايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن مناوشات اندلعت في الآونة الأخيرة بين إيران وانفصاليين أكراد، مستدركة بأنه رغم خلاف إيران مع تركيا في الملف السوري، إلا أنهما قد تتفقان معا ضد الأكراد.