أفرط زعيم الانقلاب في مصر عبد الفتاح السيسي في إغداق الوعود على الشعب، من مصر التي وعد أنها ستكون "قد الدنيا"، إلى الثراء الذي سوف يعم "يغني الناس" ويحول حياتهم من الضنك إلى الرغد.
لقد كانت وعود السيسي كبيرة بحجم الجبال، لكنها جبال تمخضت فولدت "فئران وفناكيش"، وتحولت مصر في عهده إلى دولة تعيش على المساعدات والمنح والضرائب المرتفعة والرسوم الخيالية، ورفع الأسعار، بطريقة "هدت حيل" الإنسان البسيط.
لم تلد وعود السيسي "الفنكوشية" إلا "فئران" الفساد والبطالة والفقر والفاقة والعنت والتعب والكدح للمصري البسيط، الذي قبل بالهم من أجل "رغيف العيش"، لكن السيسي حول الرغيف إلى طائر بأجنحة، لا يحصل عليه المصري إلا بشق الأنفس.
ما فعله السيسي بالمصريين خلال 3 أعوام يكفي لاندلاع 10 ثورات مرة واحدة، لكن ذلك لم يحدث؛ لأنه حول البلد إلى دولة أمنية يسود فيها الخوف، اعتقل فيها 100 ألف مصري خلال 3 أعوام فقط، ما حول مصر إلى سجن كبير لكل من يفتح فمه منتقدا حكم العسكر ودولة الجنرالات.
منذ أن استولى السيسي على السلطة، والاقتصاد المصري يتراجع بشكل حاد، ولولا المعونات والمنح الخليجية، التي بلغت أكثر من 50 مليار دولار، لأشهرت الدولة المصرية إفلاسها على الملأ.
لجأ السيسي إلى صندوق النقد الدولي لاقتراض 12 مليار دولار، مقابل شروط في غاية القسوة، منها الاستغناء عن 3 ملايين موظف، ورفع قيمة الضريبة المضافة، ورفع الدعم عن الخدمات والسلع الأساسية، وخفض قيمة الجنيه، ما يعني تحويل حياة المصريين إلى "جحيم"، باستثناء الجنرالات ورجال الأعمال والبلطجية وجوقة الإعلاميين والقضاء الفاسدين.
هذا "الجحيم" الذي صنعته النكسات المتتالية التي تطحن الاقتصاد المصري دفع رئيس بعثة صندوق النقد إلى مصر للقول إن الأموال التي يقدمها الصندوق لمصر غير كافية، وإن مصر تحتاج إلى تمويل إضافي في العام الأول ما بين 5 - 15 مليار دولار، على السيسي أن "يدبرها" من خلال الاتفاقيات الثنائية، أي من دول الخليج بالطبع.
هذا الوضع الانتحاري للاقتصاد المصري الذي صنعه السيسي وجنرالاته ودولته العميقة تؤكده الأرقام الرسمية المصرية، فقد ارتفعت معدلات البطالة، وفقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء الصادر في مايو الماضي حول الربع الأول من 2016، ووصلت إلى 27.3% بين الشباب "15 - 29 سنة".. وبلغ معدل البطالة بين حملة المؤهلات من الشباب (15 - 29 سنة) 36.1%.
وأظهرت بيانات التعبئة والإحصاء أن التضخم السنوي قفز إلى 14% حتى 10 يوليو 2016. ووصل سعر الدولار إلى 12.70 جنيها، مقارنة بـ6.5 جنيه للدولار أثناء حكم الرئيس الدكتور محمد مرسي. وبلغ عجز الموازنة حسب وزارة المالية المصرية 311 مليار جنيه خلال العام الحالي بنسبة 11 %، وصنفت مصر كواحدة من أسوأ الدول سمعة في العالم إلى جانب العراق وسوريا بالطبع، وجاءت ضمن أسوأ 10 دول في مجال المساواة بين الجنسين.
المشكلة الخطيرة أن دولة الجنرالات تمول نفسها حاليا من جيوب المواطنين الفقراء، فلا وجود للاستثمارات، ولا قواعد إنتاجية تذكر، والسياحة في حالة تراجع كبير، وهذا يعني أن فقراء المصريين، وهم غالبية الشعب المصري، يتحملون وزر فشل سياسات سلطة الانقلاب التي تسلب ما في جيوبهم، يضاف إلى ذلك "استشراس" ظاهرة الفساد التي وصلت إلى صفقات القمح التي كلفت الدولة مليارات الدولارات، ويكفي أن نشير إلى أن هشام جنينة أكد أن كلفة الفساد في مصر بلغت 600 مليار جنيه، الأمر الذي كلفه خسارة منصبه، والحكم عليه بالسجن لمدة عام.
لا تتوقف مصائب نظام السيسي الانقلابي عند حدود سرقة أموال الشعب وإنهاكه، بل يضاف إليها مصادرة حرياته وقمعه وقتله وسجنه وتعذيبه وفصله من وظيفته وتشريده وتهجيره، في انتهاك واضح لحقوق الإنسان المصري، الذي أصبح بلا حقوق إلا من كان من شيعة السيسي وجنرالاته الفاسدين ودولته العميقة.
الشرق القطرية