شنت طوائف
الأقباط الثلاث في
مصر هجوما عنيفا على النظام واتهمته بخيانتها، بعد إدخال تعديلات على مشروع قانون لبناء الكنائس تم التوافق عليه مؤخرا.
وقالت الكنيسة الأرثوذكسية، إنها فوجئت بتعديلات غير مقبولة على مشروع القانون المزمع عرضه علي مجلس النواب خلال أيام، محذرة من أن تلك التعديلات تسبب خطرا على الوحدة الوطنية.
وأضافت الكنيسة في بيان لها، نشره القس بولس حليم، المتحدث باسم الكنيسة على صفحته على "فيسبوك"، أن ممثلي الكنائس المصرية الثلاث حضروا اجتماعا مهما الأربعاء مع ممثلي جهات عديدة بالدولة لمناقشة مشروع القانون، وفوجئت بإضافات غير عملية وتعقيدات ومعوقات لا تراعي حقوق المواطنة والشعور الوطني لدى الأقباط".
واختتم المتحدث باسم الكنيسة بيانه، قائلا: "مازال المشروع قيد المناقشة، ويحتاج إلى نية خالصة وحس وطني عال من أجل مستقبل مصر وسلامة وحدتها".
ولم تحدد الكنيسة تفاصيل التعديلات التي أدخلتها الحكومة على مشروع القانون، إلا أن مصادر قبطية أوضحت أن اشتراط الحصول على موافقة الجهات الأمنية قبل التصريح ببناء الكنائس، هو أبرز البنود التي يرفضها الأقباط.
وأشارت إلى أن وجود هذا الشرط يفرغ القانون من مضمونه، حيث يمكن، ببساطة، رفض بناء أو ترميم أي كنيسة بحجة وجود دواع أمنية تمنع ذلك.
وكان البابا تواضروس الثاني بابا الأقباط الأرثوذكس قد التقى قائد الانقلاب عبد الفتاح
السيسي في قصر الرئاسة نهاية يوليو الماضي، وأعلن عقب الاجتماع اتفاق الجانبين على إصدار قانون لبناء الكنائس يرضي الأقباط".
خبيث ومتطرف
وفي بيان له، الخميس، أكد القس، رئيس الطائفة الإنجيلية، أندريه زكي، أنه يتابع عن كثب النقاش الدائر حاليا بين الحكومة والكنائس حول قانون بناء الكنائس، وكذا التصريحات التي تصدر عن نواب البرلمان، مطالبا الأجهزة المعنية بالاستجابة للملاحظات التي تتعلق بعدد من الأمور الدقيقة في بناء الكنائس، لا سيما أن القانون مازال في مرحلة النقاش.
ووصف الأنبا "يوحنا قلتة"، النائب البطريركي للكنيسة الكاثوليكية، القانون بأنه خبيث، وأن الجهة التي صاغته "متطرفة ومعادية للأقباط".
ويتضمن الدستور المستفتى عليه في كانون الثاني/ يناير 2014 مادة بأن يصدر مجلس النواب في أول دور انعقاد له قانونا لتنظيم بناء وترميم الكنائس، بما يكفل حرية ممارسة المسيحيين لشعائرهم الدينية.
وينتهي دور الانعقاد الأول للبرلمان في شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.
وكان مشروع القانون السابق يتضمن موافقة الدولة، عبر محافظ الإقليم، على بناء كنيسة جديدة في مدة لا تتجاوز أربعة أشهر، دون تدخل من الأجهزة الأمنية.
الإسلام أكثر تسامحا من النظام
وأعلن النواب الأقباط في مجلس النواب تضامنهم مع مواقف الكنائس الثلاث، وطالبوا عبد الفتاح السيسي بالتدخل لإنهاء هذه الأزمة.
ووصف النائب القبطي عماد جاد، في تصريحات صحفية، بيان الكنيسة الأرثوذكسية بأنه إعلان عدم ثقة بين الكنيسة والدولة، ودليل على أن الكنيسة ضاقت ذرعا بمراوغات النظام التي قد تفجر المجتمع من الداخل، على حد قوله.
واستنكرت البرلمانية مارجريت عازر تغيير الحكومة كل ما تم الاتفاق عليه مع الكنيسة بشكل مفاجئ، متهمة الحكومة بالسعي إلى الصدام مع الأقباط الذي يطالبون فقط بالحرية في ممارسة شعائرهم الدينية.
وشددت على أن النظام يتعمد وضع التعقيدات أمام الأقباط، مؤكدة أن الإسلام أكثر تسامحا مع الأقباط من النظام".
واتهمت النائبة سوزي ناشد النظام بعرقلة بناء الكنائس، والإصرار على وضع مواد مرفوضة من قبل الأقباط، وعدم الالتزام بتعهداته السابقة بإصدار "قانون توافقي".
الحكومة تقلل من تهديدات الكنيسة
من جانبها، ردت الحكومة على بيان الكنيسة بالتأكيد أن كل الملاحظات ماتزال مستمرة في مناقشة مشروع القانون مع الأطراف المعنية، وأن الاعتراضات كافة سيتم بحثها حتى يخرج القانون بالشكل الذي يرضي الأطراف جميعها.
وقال وزير الشؤون القانونية ومجلس النواب، مجدي العجاتي، في تصريحات صحفية، إن التعديلات التي أدخلتها الحكومة على القانون لا تهدد الوحدة الوطنية المصرية كما تدعي الكنيسة، مشددا على أن الحكومة أكثر حرصا على الوحدة الوطنية من أي طرف آخر.
وتوقع العجاتي أن يتم الانتهاء من مشروع القانون الأسبوع المقبل؛ تمهيدا لإرساله لمجلس النواب لمناقشته وإقراره، مقللا من المخاوف التي أثارتها الكنيسة.
"الكنيسة اختارت الصدام"
وهاجمت وسائل إعلام مؤيدة للنظام الكنيسة الأرثوذكسية، وقالت إنها اختارت الصدام مع الدولة، وحملتها مسؤولية هذه الخطوة التصعيدية المفاجئة.
وقالت صحيفة "اليوم السابع"، إن الكنيسة عادت بقانون بناء الكنائس إلى نقطة الصفر، بعدما كانت قد توافقت عليه مع الدولة نهاية تموز/ يوليو الماضي، مؤكدة أن الكنائس أعادت التفاوض مع الدولة مرة أخرى؛ استجابة للحملة الشعواء التي شنتها منظمات قبطية وأحزاب رافضة للقانون المتوافق عليه مسبقا.
ويشتكي الأقباط من تعسف السلطات معهم في بناء كنائس جديدة تستوعب الزيادة المضطردة في أعدادهم، فيما تقول الحكومة إن بناء الكنائس دون ضوابط يثير مشاعر المسلمين، وكان سببا في صدامات طائفية كثيرة في السنوات الماضية.