بمجرد أن أعرب رئيس الانقلاب، عبد الفتاح
السيسي، عن استعداده للترشح لفترة رئاسية ثانية، في عام 2018، شريطة أن يريد
المصريون ذلك؛ تلقف عدد من مؤيديه ومعارضيه تلك التصريحات.
فقال الأولون إن شعبيته تؤهله لهذا الترشح، فيما قال الآخرون إنه لم يقدم ما يؤهله لتولي
الرئاسة فترة ثانية، فضلا عن أنه يراوغ لتفويت الفرصة على مطلب رحيله.
في حين كان هناك فريق ثالث أمسك بالعصا من المنتصف، وأعلن تأييده لترشح السيسي، ولكن وفق شروط وضعها هذا الفريق.
الفقي: شعبيته تؤهله للفوز
وفي البداية، فجر سكرتير الرئيس المخلوع حسني مبارك للمعلومات، الدكتور مصطفى الفقي، مفاجأة من العيار الثقيل، عندما ادعى أن الأغلبية التي يتمتع بها السيسي تتيح له الفوز بفترة رئاسية ثانية.
وزعم أن إعلان السيسي الترشح لولاية ثانية دليل على احترامه للدستور، ورفضه زيادة فترة الرئاسة الواحدة إلى ست سنوات، مؤكدا أن الأغلبية ما زالت معه، وأن هذه الأغلبية تتيح له الفوز بفترة رئاسية ثانية.
وأضاف الفقي، في لقائه ببرنامج "يحدث في مصر"، عبر فضائية "MBC مصر"، الأربعاء، أن إعلان السيسي الترشح لفترة رئاسية أخرى يقطع الطريق على بعض القوى السياسية التي تريد عرقلة ذلك.
إعلاميو السيسي طليعة المؤيدين
وبجانب الفقي، كان أول من تلقف تصريح السيسي، الإعلاميون المعروفون بموالاتهم له، فأشار محمد الغيطي إلى أن السيسي لن يخيب رجاء المصريين بالترشح لفترة ثانية.
وخصص أحمد موسى جانبا من برنامجه "على مسؤوليتي"، عبر فضائية "صدى البلد"، طارحا السؤال: "هل تؤيد ترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي لفترة رئاسية ثانية؟".
وقال موسى إن السيسي لن يخوض انتخابات مقبلة إلا بإرادة المصريين، مطالبا المشاهدين بالتواصل معه على الهواء خلال مدة الحلقة بموافقتهم أو رفضهم لترشيح السيسي مدة أخرى، عبر الاتصالات الهاتفية والرسائل القصيرة.
إلا أن متصلا أحرجه عندما انهمك في الحديث عن فاتورة الكهرباء المرتفعة، مقارنة باستهلاكه المحدود، فطلب منه موسى رأيه في تصريح السيسي، فرد عليه المواطن: "ترشح إيه.. إحنا مش عارفين نعيش من ارتفاع الأسعار؟".
6 أبريل تذكره بانتخابات 2014
وردت حركة شباب 6 أبريل "الجبهة الديمقراطية" على تصريح السيسي بنشر تدوينة عبر صفحتها الرسمية بموقع "فيسبوك"، أرفقتها بصورة من عددي صحيفتي "الشروق" والمصري اليوم"، تذكره بما جرى في الانتخابات الرئاسية الماضية، وقلة أعداد المشاركين فيها.
وقالت الحركة في تعليقها: "السيسي حول ترشحه بالانتخابات الرئاسية 2018: أنا رهن إرادة الشعب المصري"، مرفقة بذلك العناوين التي تصدرت الصحف حينها، وهي: "الدولة تبحث عن أصوات، و"العليا للانتخابات" تعالج ضعف التصويت بيوم إضافي، وحملة السيسي: القرار ليس في صالح المشير ونوافق عليه لزيادة نسب المشاركة".
الحريري: لا يستحق فترة ثانية
في السياق نفسه، أكد عضو مجلس نواب ما بعد الانقلاب، هيثم الحريري، أن السيسي لم يقدم ما يؤهله لتولي رئاسة مصر لفترة ثانية بعد انتهاء فترته الأولى.
وأشار إلى حق السيسي - وفقا للدستور - في الترشح مرة ثانية، حسبما قال، لكنه تساءل: "ماذا قدم للشعب ليستحق عليه فرصة ثانية؟".
وأكد الحريري أن "السيسي لن يفوز في الانتخابات المقبلة إلا إذا كان منافسوه لا يملكون الحد الأدنى من القدرة على المنافسة"، مشددا على أن أجهزة الدولة ساعدت السيسي في الانتخابات الماضية.
واستدرك: "ما يؤكد أن السيسي لا يصلح لفترة ثانية أنه يثني على شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، الذي أراه أفشل رئيس حكومة في تاريخ مصر، ويسير بنهج مبارك نفسه، فضلا عن خضوعه لإملاءات صندوق النقد الدولي".
وأضاف الحريري أن هذه ليست المرة الأولى التي أعلن فيها "السيسي" نيته للترشيح، إذ سبق وأعلن ذلك في افتتاح مشروع البتروكيماويات في الإسكندرية، إلا أن ما قاله في هذا اللقاء إعلان رسمي بنيته للترشح لفترة رئاسية مقبلة.
وجذب الانتباه إلى أن كتلة كبيرة ممن صوتوا للسيسي في المرحلة الأولى، لاعتبارات "الضرورة" عقب 30 يونيو، وأنه من قيادات الجيش، لم يعد كافيا لفوزه مرة أخرى، خاصة أنه بعد مرور عامين لم يقدم ما يستحق عليه الفوز.
محسوب: يراوغ لتفويت رحيله
كما علق وزير الشؤون القانونية السابق، الدكتور محمد محسوب، على تصريح السيسي، واصفا إياه، في تغريدة عبر حسابه بموقع التدوينات القصيرة "تويتر"، بأنه "مرحلة جديدة من الخداع".
وقال "محسوب" عن السيسي: "هو لم يقاتل إلا الشعب، ولن يرحل لإرضائه بل يراوغ لتفويت الفرصة على مطلب رحيله الذي أدرك الجميع أنه أول الطريق للإنقاذ"، وفق قوله.
فرحات: شروط الشعب لترشحك
وبجانب الفريقين السابقين وقف فريق ثالث من النشطاء والسياسييين على الحياد بين المؤيدين والمعارضين، ممسكا بالعصا من المنتصف، ومعلنا أنه يوافق على أن يرشح نفسه، ولكن وفق شروط معينة.
أبرز نموذج لذلك، أستاذ القانون الدستوري، عضو مجلس أمناء حزب "المصري الديمقراطي"، الدكتور نور فرحات، إذ قال إن ترشح السيسي لفترة رئاسية ثانية يجب أن يكون من خلال الصناديق، وليس عبر جمع التوقيعات.
وأضاف فرحات - عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" -: "مع كل الاحترام والتوقير، إن ترشحكم لفترة رئاسية ثانية يجب أن يكون بإرادة الشعب، من خلال صناديق الانتخابات النزيهة، وليس اللجوء إلى أمثال محمود بدر بتبني حملة جمع توقعات لترشيحكم كما حدث في السابق".
وأردف: "هذه المرة ليست مثل المرات السابقة، لأن هناك حملة ستخرج بعدم ترشح السيسي مرة أخرى، وبالتالي السيادة ترجع إلى الشعب وفقا لنص الدستور، الذي أقسمت عليه، ولا شروط على الشعب في ممارسة سيادته".
وأكد فرحات أن الشعب أيضا له شروط، ويجب أن يجاب عن الأسئلة التالية: "لماذا أصدرت قوانين مخالفة للدستور، وقمت بعزل من يحارب الفساد، في الوقت الذي تقول فيه إنكم تحاربون الفساد؟".
وأضاف - موجها حديثه إلى السيسي -: "الدولة تكاسلت في استرداد أموالها التي هربها اللصوص إلى الخارج ثم بدأت في التصالح مقابل جزء بسيط من الأموال التي سرقت، في الوقت الذي تزيد فيه مزايا مؤسسات القمع، وتفرض الضرائب على الفقراء لتمويلها، بجانب البرلمان الذي لا يرى غير مصالحة النظام، ولا يهتم بالشعب، غير أن الإعلام الذي تحول إلى صوت واحد يقوم بتأييدك حتى في الغلط".
وأشار إلى الملفات الكبرى التي يشكو منها المصريون: "العلاج، التعليم، البطالة، الأجور، الارتفاع المتزايد في الأسعار إلى حد الجنون"، متسائلا: "لماذا ترك السيسي الداخلية والقضاء دون فتح ملفاتهما بشفافية مطلقة؟"، مشيرا إلى أن عهد السيسي "ظهر فيه عدد كبير من الانتهاكات للدستور".
وتابع: "يقبع الثوار خلف السجون، بينما ينعم من تسببوا في الثورة بالحرية بل بالصفاقة"، مضيفا: "لك شروط وللشعب شروط، وأدعو فخامتكم لمؤتمر قومي حقيقي على غرار مؤتمر عبد الناصر سنة 1962 للحوار حول الشروط المتبادلة".
الهواري: ذاق حلاوة السلطة ولن يتركها
وغير بعيد، أكد الكاتب الصحفي أنور الهواري صعوبة حدوث أي تغيير سياسي في ظل عدم إيمان أغلب حكام المنطقة بإمكان ترك مناصبهم بسهولة.
وقال الهواري في تدوينة عبر حسابه في "فيسبوك": "من ذاق حلاوة السلطة - في بلادنا بالذات - يحرص عليها، ولا يفرط فيها، ويتمسك بها، ولا يتركها، ولا يغادرها، ولا يفارقها، بسهولة أبدا".