نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية مقالا تحدثت خلاله مصممة "
البوركيني" اللبنانية
أهيدا زانيتي عن تصميمها "للبوركيني" بغاية منح
النساء حريتهن، لا انتزاعها منهن.
وقالت زانيتي في هذا المقال الذي ترجمته "
عربي21"، إن ابنة أختها أرادت أن تلعب كرة السلة، ولكنها واجهت عراقيل أثناء لعبها في الفريق بسبب ارتدائها للحجاب، وكان على والدتها أن تبذل قصارى جهدها لمساعدة ابنتها على تحقيق حلمها في لعب كرة السلة كباقي أصدقائها. وبعد محاولات عديدة، تم السماح لابنة أختها باللعب، وعندما ذهبوا لدعمها وتشجيعها؛ تبيّن أنها كانت ترتدي زيا غير مناسب تماما لممارسة رياضة ككرة السلة، حيث كانت ترتدي سروالا محتشما وحجابا، الأمر الذي جعلها تشعر بالحر وجعل وجهها يحمر.
وأضافت زانيتي أنها عادت إلى المنزل وبدأت البحث عن زي أفضل للفتيات المسلمات لممارسة الرياضة، دون جدوى. وتذكرت أنها هي نفسها حرمت من الرياضة ولم تشارك في أي منها لأنها اختارت أن تكون محتشمة، إلا أنها أرادت أن تجد لابنة أختها بديلا مناسبا لنمط الحياة الأسترالي دون المساس بالحجاب.
وأضافت زانيتي: "جلست في قاعة الجلوس وصممت شيئا ما، حيث قمت بنزع كل القماش الزائد عن الحجاب، لكنني تساءلت حول ما إذا سيقبل المجتمع المسلم بذلك خاصة وأن الحجاب مصمم لتغطية كل من الشعر والجسم وأن ما صممته يظهر فقط شكل الرقبة... وقبل إطلاقي "للبوركيني" قمت بإنتاج عينة مرفقة باستبيان للتعرف على آراء المسلمات بشأنه، هل سيقبلن ارتداءه؟ هل سيجعلهن أكثر نشاطا؟ هل سيشجعهن على ممارسة الرياضة؟ على
السباحة؟ وعلى الرغم من أن العديد من أفراد مجتمعي لم يتقبّلوا فكرته، إلا أنني قُمت بتسويقه تجاريا، وبدأ "البوركيني" يخطف الأنظار عندما قامت فتاة مسلمة بارتدائه خلال مسابقة لركوب الأمواج".
وأعربت زانيتي عن أنه بعد أحداث الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، انتشرت فكرة منع الحجاب في فرنسا، وانتشرت فكرة أن المسلمين إرهابيون، وكل ذلك بسبب بعض الذين يتحدثون باسم الإسلام. وأكدت أنها لا تريد أن يتم الحكم على الفتيات لارتدائهن الحجاب، فالمسألة تتعلق فقط بالاحتشام والاندماج والقبول.
وأشارت إلى أن وضع المسلمين أصبح أصعب مما كان عليه، وتولد لديهم الخوف للخروج والذهاب للمسابح أو للبحر. وذكرت زانيتي أنها أرادت تصميم لباس لا يرمز فقط للإسلام، بل تستطيع الفتيات من مختلف الديانات أن تلبسه حيث يمكن أن ترتديه أيضا فتاة تعاني من سرطان الجلد أو أم لا تريد ارتداء "البيكيني".
ولفتت زانيتي قائلة: "عندما اخترت اسم بوركيني، لم أكن أفكر في البرقع الذي لا يمثل أي شيء بالنسبة لي... فقد ترعرعت في أستراليا... وقمت بتصميم هذا اللباس في وقت وجيز وكان علي اختيار اسم له. فاخترت أن يكون الاسم مزيجا بين الثقافتين الأسترالية والإسلامية. إن ما يحصل الآن في العالم وفي أستراليا يشعرني ببالغ الحزن والأسف، وأتمنى ألا تكون الحادثة نابعة من التمييز العنصري، وإنما مجرد "سوء فهم" لمعنى لباس لا يرمز سوى للسعادة والمرح واللياقة والصحة، ولا يدعو إلى كل تلك الضجة التي أثيرت حوله أو التقليل من شأن من ترتديه، خاصة وأنه منح النساء الحرية، فلماذا يتم انتزاعها منهن. أيهما أفضل الآن، حركة طالبان أم السلطات الفرنسية؟ أعتقد أن كليهما بدرجة السوء نفسها".
وأوضحت زانيتي أنه "لا يجب على أي أحد أن يقلق من طريقة لباسنا، فهو اختيار شخصي ولسنا مجبرين على التبرير. أتمنى لو كنت في فرنسا لأقول: لقد أسأتم الفهم. جعلتم من منتج مفعم بالسعادة رمزا للكراهية. كيف يتعارض هذا الزي مع القيم الفرنسية؟ ما هي هذه القيم؟ الحرية؟ ما تفعله فرنسا سيولّد ردة فعل، فهم يقومون بتقسيم بلادهم".
وفي الختام، قالت زانيتي: "ذهبت إلى السباحة في مسبح عمومي وذلك لتجربة "البوركيني" عندما كنت بصدد تصميمه. أردت أن أتأكد من أن غطاء الرأس لا يسقط عند السباحة. وعندما دخلت المسبح، نظر إليّ الجميع متسائلين عن الزي الذي أرتديه... وعندما بدأت السباحة، لم يسقط غطاء الرأس وشعرت حينها بسعادة غامرة، حيث كانت تلك أول مرة أسبح فيها وكان أمرا جميلا حقا".