عبّر دعاة ومفكرون خليجيون وعرب عن غضبهم الشديد تجاه مؤتمر "أهل السنة والجماعة"، الذي عُقد مؤخرا في العاصمة
الشيشانية غروزني، وتجاهل السلفيين، مقابل استضافة العديد من الشيوخ الصوفيين والأشاعرة والماتريديين.
وركزّ المشاركون في المؤتمر على ضرورة تصويب الخلل الذي رافق مصطلح "أهل السنة والجماعة"، مشيرين إلى أنها تعرضت للاختطاف من قبل المتطرفين، وهو ما اعتبره دعاة سعوديون تعريضا بالسلفية.
وشارك في المؤتمر -الذي رعاه رئيس الشيشان رمضان قاديروف- العديد من الشيوخ المصنفين على أنهم من رموز تيارات إسلامية معادية للسلفية، مثل شوقي علّام مفتي مصر، وعلي جمعة، وأحمد الطيب، والحبيب علي الجفري، وسعيد فودة، وحاتم العوني، وغيرهم.
الشيخ سعد البريك انتقد المؤتمر والمشاركين فيه، قائلا: "هل تجرأ هذا المؤتمر أن يخاطب بوتين بوقف قصف الطيران الروسي على أهل السنّة في
سوريا، أم أن الذين تحت الأنقاض ليسوا من السنّه".
وتابع: "مسؤولية رابطة العالم الإسلامي باتت حتمية أمام هذا المؤتمر، الذي جاء خطوة في طريق تفريق أهل السنّة، باتت من أهم الأولويات".
أستاذ الفقه السعودي، محمد السعيدي، اعتبر المؤتمر بأنه "مؤتمر تآمري على العالم الإسلامي، وعلى المملكة العربية
السعودية بشكل خاص ، ويقع ضمن العديد من التحركات الغربية لقتل كل مظاهر يقظة الشعوب الإسلامية إلى حقيقة دينها ".
وأضاف: "ما فشلت فيه إيران يُحاول أن ينجح فيه الآن عشرات من أبناء الفرق المنتسبة إلى أهل السنة، الذين جاء البيان المنسوب إليهم في المؤتمر والمتداول في مواقع التواصل بحصر أهل السنة في العقيدة بأتباع أبي الحسن الأشعري وأبي منصور الماتريدي، صريحا في استبعاد أتباع السلف رضي الله عنهم من دائرة أهل السنة والجماعة".
الأمين العام لحزب الأمة الكويتي، الدكتور حاكم المطيري، قال إن "ادعاء أن مؤتمر الشيشان تحت رعاية
روسيا يمثل 90 في المئة من الأمة وأهل السنة كذب سخيف، فالحضور لا يمثلون إلا أنفسهم وطغاتهم!".
وأردف قائلا: "مجتمع ضرار هدفه الوقوف مع الحملة العسكرية الصليبية الروسية باسم السنة، دفاعا عن نظامي بشار والسيسي!".
وأضاف مواطنه، النائب السابق وليد الطبطبائي: "مؤتمر الشيشان الذي عقد بترتيب من مخابرات روسيا النصرانية حليفة إيران الصفوية، وبمشاركة أقطاب الصوفية والباطنية، ثم يتحدثون باسم أهل السنة!!".
الداعية السوري حسن الدغيم تبرأ باسم "الصوفيين" من المؤتمر، قائلا: "نحن (الصوفيون) والأشاعرة لا يمثلنا من حضر في مؤتمر مؤامرة جروزني من شيوخ الضلال، وإن إخوتنا من علماء السلفية لأقرب لنا بألف مرة من علماء بوتين".
وعن مشاركة مفتي دمشق، عبد الفتاح البزم في المؤتمر، قال الدغيم: "البزم مسافر لعند بوتين، ليعلم من هم أهل السنة والجماعة!! ياعارا على العلماء، تعال إلى داريا وقف على أطلالهم".
الكاتب السعودي صنهات بن بدر العتيبي، قال: "لو عاش شيخ الإسلام أبن تيمية -رحمه الله- بين ظهرانينا لشرع في تأليف كتاب ضخم عنوانه (تلبيس الشيطان في بيان مؤتمر الشيشان)".
بدوره، برّر الداعية السعودي حاتم العوني مشاركته بالمؤتمر بأنه كان يتمنى "لو أن المؤتمر خرج ببيان أكثر اتساعا للمخالف، لكني أعلم أن عامة السلفية لن يرضوا حتى لو أدخلوهم معهم؛ لأنهم كانوا -وما زالوا- يحتكرون هذا اللقب، ويبدعون ويضللون، وربما كفّروا مخالفهم. فهم لن يرضوا إلا أن يكونوا هم وحدهم أهل السنة والجماعة".
وتابع: "لا يحق لمن مارسوا التبديع والتضليل والإقصاء لعقود أن يعيبوا من قابل إقصاءهم بإقصاء وتضليلهم بتضليل. ولكن يحق لمن كان يتسع معتقدُه وتقريره وإنصافُه للجميع أن يكونوا تحت مظلة أهل السنة والجماعة أن يعتب على البيان بأنه قابل الإقصاء بإقصاء، والتبديع بتبديع ".
واعتبر عضو مجلس الشورى السعودي عيسى الغيث أن "المواقف (المتشنجة) من مؤتمر الشيشان تقضي على ما تبقى من الوحدة الإسلامية؛ لذا أنصح بالحكمة لتحقيق مناط المقاصد الشرعية بلا تهوين ولا تهويل".
يشار إلى أن مؤتمر الشيشان خرج بعدة توصيات، وهي كما ورد نصيّا في البيان الختامي:
1 - إنشاء قناة تلفزيونية على مستوى روسيا الاتحادية لتوصيل صورة الإعلام الصحيحة للمواطنين ومحاربة التطرف والإرهاب.
2- زيادة الاهتمام بقنوات التواصل الاجتماعي، وتخصيص ما يلزم من الطاقات والخبرات للحضور الإيجابي في تلك الوسائط حضورا قويا وفاعلا.
3- أن يتم إنشاء مركز علمي بجمهورية الشيشان لرصد ودراسة الفرق المعاصرة ومفاهيمها، وتشكيل قاعدة بيانات موثقة تساعد على التفنيد والنقد العلمي للفكر المتطرف، واقترح المتجمعون أن يحمل هذا المركز اسم "تبصير".
4- عودة مدارس العلم الكبرى، والرجوع إلى تدريس دوائر العلم المتكاملة التي تخرج العلماء والقادرين على تفنيد مظاهر الانحراف الكبرى.
5- ضرورة رفع مستوى التعاون بين المؤسسات العلمية العريقة، كالأزهر الشريف والقرويين والزيتونة وحضرموت ومراكز العلم، والبحث فيما بينها ومع المؤسسات الدينية والعلمية في روسيا الاتحادية.
6- ضرورة فتح منصات تعليمية للتعليم عن بعد؛ لإشاعة العلم الآمن.
7- توجيه النصح للحكومات بضرورة دعم المؤسسات الدينية والمحاضن القائمة على المنهج الوسطي المعتدل، والتحذير من خطر اللعب على سياسية الموازنات وضرب الخطاب الديني ببعضه.
8- يوصي المؤتمر الحكومات بتشريع قوانين تجرم نشر الكراهية والتحريض على الفتنة والاحتراب الداخلي والتعدي على المؤسسات.
9- أوصى المشاركون مؤسسات أهل السنة الكبرى -الأزهر ونحوه- بتقديم المنح الدراسية للراغبين في دراسة العلوم الشرعية من مسلمي روسيا.
10- كما أوصى المشاركون بأن ينعقد هذا المؤتمر الهام بشكل دوري؛ لخدمة هذه الأهداف الجليلة.