نشرت صحيفة "
سلايت" الناطقة بالفرنسية تقريرا تحدثت فيه عن
المستجدات العالمية الأخيرة المتمثلة في توسع نفوذ روسيا في أوروبا ورفض بلدان أوروبية صارت داعمة لروسيا، فرض عقوبات على هذا التوسع، فضلا عن إمكانية وصول ترامب إلى رئاسة أمريكا، والاستفتاءات الأخيرة بخصوص انسحاب بعض الدول من الاتحاد الأوروبي.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "
عربي21"، إن الكاتب توبياس ستون والباحث وعالم الآثار والمؤرخ والمؤلف، دعا إلى العودة إلى الوراء والنظر في
الكوارث المعزولة التي نشهدها خلال عصرنا الحالي والتي تتمثل في انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وظهور ترامب فضلا عن السياسات التي يعتمدها كل من أردوغان وبوتين.
وذكرت الصحيفة أن ستون استشهد بمثال
الحرب العالمية الأولى التي جرت أحداثها في حزيران/يونيو سنة 1914، حيث اعتبر أنه لا أحد كان يتوقع أن اغتيال أحد الأمراء النمساويين سيؤدي إلى مقتل 17 مليون شخصا. لكن أولئك الذين عايشوا مثل هذه الأحداث لا يستطيعون إلا التأكيد على حجم الأثر الذي خلفته في العالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن تاريخ البشر شهد على سلسة من الكوارث التي لطالما تكررت مثل سقوط الإمبراطورية الرومانية، وانتشار وباء الطاعون، وحرب الثلاثين عاما، والهولوكوست وغيرها، حيث تعد مثل هذه الكوارث بالنسبة لأولئك الذين عايشوها عن كثب، بمثابة نهاية العالم. وتجدر الإشارة إلى أن مدينة فلورنسا، على سبيل المثال، كانت بمثابة الجحيم خلال انتشار وباء الطاعون. لكن بعد كل كارثة، استطاع البشر المضي قدما والتطور على الرغم من الظروف التي عايشوها.
وأضافت الصحيفة أنه لا مفرّ من الحروب التي أصبحت تحدث بصفة مستمرة، فدفع الناس للاعتقاد أنهم فقدوا السيطرة على بلادهم ومصيرهم، سيجعلهم يبحثون عن كبش فداء، ثم عن قائد فذّ باستطاعته استيعاب عقلية الناس واختيار من سيكون كبش الفداء. وبالتالي سيقدم الخطابات العامة للغاية وسيزرع الغضب والكراهية في نفوس الناس. وكنتيجة لما سبق، سيصبح الشعب بمثابة رجل واحد، يتصرف دون أي منطق ولن يكون بالإمكان إيقافه.
وفي هذا السياق، سيفكر البعض في هتلر، إلا أن موسوليني وستالين وموجابي تعاملوا بالطريقة نفسها مع شعوبهم. وتجدر الإشارة إلى أن كلا من بوتين وترامب يعتمدان هما أيضا على الأسلوب ذاته، ويسعيان إلى جعل الشعب ينصاع لهما.
وبيّنت الصحيفة أن انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيؤدّي إلى كارثة تاريخية مقبلة حيث أنه بسبب هذا القرار، قد تجري فرنسا أو إيطاليا مثل هذا الاستفتاء وقد تفوز لوبان في الانتخابات في فرنسا. وعلى الرغم من كل عيوبه، إلا أن الاتحاد الأوروبي الذي أصبح ضعيفا، استطاع تفادي اندلاع حرب لم يسبق لها مثيل في أوروبا.
وذكرت الصحيفة أن الاتحاد الأوروبي كان له دور مهم في قمع الطموحات العسكرية لبوتين خاصة أن العقوبات الاقتصادية كان لها تأثير حقيقي على الاقتصاد الروسي وساهم في كبح العدوان الروسي في أوكرانيا. وفي الوقت نفسه، من الممكن أن يفوز ترامب في الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة مما قد يتسبب في عزلتها وفي إضعاف منظمة حلف شمال الأطلسي.
يسعى بوتين، مع ظهور الأزمة الاقتصادية في بلاده، إلى خلق نوع من التضليل وذلك بهدف توحيد شعبه حيث يقوم بتمويل الناشطين المناهضين للاتحاد الأوروبي والمنتمين إلى اليمين المتطرف في لاتفيا، بهدف المساهمة في تجييش الشعب الذي ينتمي إلى أصول روسية حتى يقوم بانتفاضة في شرق البلاد. وبالتالي، تقوم روسيا حينها بإرسال "قوات حفظ السلام" و"القافلات الإنسانية"، كما فعلت في شبه جزيرة القرم.
ونقلت الصحيفة عن ستون أن أوروبا تشهد في الوقت الراهن العديد من الانقسامات، إذ أن قادتها المدعومين ماديا من قبل بوتين والذين أصبحوا موالين لروسيا ومناهضين للاتحاد الأوروبي رفضوا دعوات بفرض عقوبات على روسيا أو حتى القيام بأي ردّ فعل عسكري. وتجدر الإشارة إلى أن نصف أوروبا يطالب الدول أن تبقى محايدة في حين أن النصف الآخر منها يفضّل الوقوف في صفّ روسيا.
وفي الختام بيّنت الصحيفة أن ستون انتقد السذاجة التي يتحلّى بها البشر الذين لم يسلّموا أن العالم بصدد مواجهة العديد من الكوارث على الرغم من أن المؤرخين حذّروا، اعتمادا على تسلسل الأحداث وتمشيها المنطقي، أن العالم سيشهد عددا من الكوارث.