يعاني آلاف الفلسطينيين في الضفة الغربية منذ الأول من شهر آب/ أغسطس الماضي، انخفاضا حادا في كمية المياه التي تصلهم من شركة "ميكروت"
الإسرائيلية المسؤولة عن توريد المياه للفلسطينيين.
ولوحظ في محافظة سلفيت بالضفة الغربية وثلاث قرى شرقي مدينة نابلس إضافة إلى قرى دورا، وكفر عبوش، وكفر صور بمحافظة جنين، غياب المياه نهائيا منذ أكثر من أسبوعين، حيث تم إيقاف المصانع ودمرت الحرائق المشاتل الزراعية، وتوفيت الحيوانات من العطش، بحسب ما أعلنته وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية "وفاء".
وأكد المسؤول عن عمليات ضخ المياه في شمال الضفة الغربية في سلطة المياه الفلسطينية، فادي عبد الغني، عن تلقيهم إشارات من الجانب الإسرائيلي بتقليص كميات المياه الواردة من شركة ميكروت للجانب الفلسطيني بنسبة 50% منذ مطلع الصيف الحالي.
ادعاءات كاذبة
وأضاف لـ"
عربي21" أن الشركة الإسرائيلية تحججت "بانخفاض منسوب الأمطار في العامين الماضيين"، وهذا أمر عار عن الصحة، حيث أن "معدل سقوط الأمطار في الضفة الغربية هو أعلى من معدل سقوط الأمطار في مدينة لندن"، على حد وصفه.
وأشار إلى أن سلطة المياه الفلسطينية تحاول جاهدة بكل طاقاتها معالجة هذه المشكلة التي تتزامن مع ارتفاع درجات حرارة الصيف في القرى التي تأثرت بتقليص كمية المياه الواصلة إليها، من خلال "توفير خزانات المياه للأحياء المتضررة"، والاستعانة بالهلال الأحمر الفلسطيني لتوفير كميات من المياه المعدنية اللازمة للشرب لحين انقضاء هذه المحنة.
احتجاجات شعبية
واندلعت احتجاجات شعبية غاضبة في 21 من آب/ أغسطس، جابت مناطق مختلفة من محافظة نابلس وبعض القرى شرق محافظة الخليل، أكبر المدن الفلسطينية، ومحافظة بيت لحم، طالبت باستقالة أعضاء المجلس البلدي في هذه المدن، لعدم قدرتهم على توفير أبسط الخدمات التي تقع عليها وهي توفير المياه.
واستنكر رئيس عشائر بيت إمّر في محافظة الخليل، جمال بدير، "تقاعس الدور الذي تقوم به البلدية في توفير الاحتياجات من المياه اللازمة للمدينة"، مطالبا المجلس بإيجاد حلول جذرية وسريعة لوقف هذه المهزلة، بحسب وصفه.
وأضاف لـ"
عربي21" أنه في حال "عدم توفير المياه للمدينة في وقت سنحدده لمجلس البلدية لاحقا، فلن نعترف بعد الآن بما يصدره المجلس من قرارات"، مشيرا إلى مجموعة من الخطوات سوف يقرها المجلس في الأيام القليلة القادمة.
وتعد قضية المياه من القضايا المهمة بالنسبة لإسرائيل لأنها ترتبط بوجودها ذاته نظرا لندرتها في المنطقة بشكل عام، فيما أشار عدد من المحللين إلى القول بأن كل الحروب التي قامت بها إسرائيل كانت تستهدف من ورائها تأمين احتياجاتها من المياه.
تباين في حصة المياه
وكان تقرير أعدته منظمة "بيتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية في شباط/ فبراير الماضي، أشار إلى وجود تباين واضح في حصة الفرد الفلسطيني من المياه، مقابل نظيره في الجانب الإسرائيلي.
وبحسب التقرير تتراوح حصة الفلسطيني من المياه بين 70 و90 لترا يوميا، وهي أقل من الحد الأدنى لحصة الفرد اليومية بحسب منظمة الصحة العالمية، التي تتراوح بين 100 و250 لترا، بينما تتراوح حصة المستوطن الإسرائيلي بين 650 و800 لتر يوميا.
وبحسب التقرير، أيضا، فقد وصل نصيب المواطن الإسرائيلي السنوي من المياه نحو 1600 مترا مكعبا مقابل 450 مترا مكعبا فقط للفلسطيني، ويعيش 75 في المائة من الإسرائيليين علي ساحل البحر المتوسط معتمدين في حياتهم اليومية علي المياه الجوفية، لذلك يتم الاستعانة بالآبار الجوفية الموجودة في الضفة الغربية لتغطية احتياجاتها.
خطر حقيقي
ومن جانبه، أشار مدير عام جمعية الهيدرولوجيين الفلسطينيين والخبير في مجال المياه الفلسطيني، عبد الرحمن التميمي، أن "إسرائيل بدأت تشعر بخطر نقص المياه بشكل حقيقي في السنوات الأخيرة"، لذلك هي تحاول "إشعار المواطن الفلسطيني بهذه المشكلة في كل عام، لتتشكل قناعات لديهم بوصول المنطقة إلى مرحلة بلاء مياه لن يكون خبرا مفاجئا بالنسبة لهم".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "استهلاك الإسرائيليين من المياه في الضفة الغربية تجاوز 88 في المائة من حجم الاستهلاك الكلي، فيما لا يتجاوز استهلاك الفلسطينيين 12 في المائة فقط، أي أن معدل استهلاك الفرد الإسرائيلي يعادل ستة أضعاف ما يستهلكه المواطن الفلسطيني".
وطالب التميمي بضرورة مراجعة الاتفاقيات الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، للسماح للفلسطينيين بحفر المزيد من الآبار في مناطقهم لسد العجز الذي قد يحدث في المستقبل.