يُوَزّع كتاب "حقائق العالم" نِسب أتباع الأديان الثلاثة الرئيسية في العالَم من حيث العدد كالآتي: المسيحية 31.50%، الإسلام 22.20% (ينقسمون إلى سُنة 75-90%، شيعه 10-20%) والهندوسية 13.8%، كان ذلك بحسب إحصائية عام 2010 أي قبل مؤتمر "أهل السنة والجماعة" الذي عقد مؤخرا في الشيشان، الذي خلُص إلى إخراج السلفيين والإخوان المسلمين ومَن وافقهم في العقيدة مِن دائرة أهل السُنة والجماعة، التي تنحصر وفق المؤتمِرين بالأشاعرة والماتريدية في الاعتقاد وأهل المذاهب الأربعة في الفقه وأهل التصوّف الصافي.
ولم توضح أية وثيقة للمؤتمر بشكل علني ما إذا كان الخارج عن جماعة أهل السنة خارجا عن الإسلام بالضرورة. لكن السائد أن التكفير قائم ومتبادل بين صقور المدرستين "السلَفية" و"الخلَفية"، فيما تنأى جماعة الإخوان بنفسها عن هذا الجدل التاريخي تاركةً حرية التأثّر بين المدرستين لأفرادها وحتى لعلمائها، شرط عدم المشاركة والاشتغال بخصومات التيارَين وارتداداتها.
بعض السلفيين لم يُقصّروا أيضا من جانبهم في اتخاذ مواقف متشددة وحاسمة من الصوفيين، ولمّا سُئل الشيخ إبن عثيمين أحد أبرز علماء السلفية على سبيل المثال، هل تقسيم أهل السنة إلى قسمَين، مدرسة ابن تيمية وتلاميذه، ومدرسة الأشاعرة والماتريدية تقسيم صحيح؟ فأجاب بعد شرح مُسهَب بأنه "لا يمكن بعد هذا التغاير (في منهاجَيهما الإيماني) أن يجتمعا في وَصفٍ واحد هو أهل السنة"، لكن السلفيين لم يعقِدوا حتى يومنا هذا مَجمَعا علميا لتقرير حُكمهم على العقيدة الأشعرية بطريقة رسمية.
لا شك أن السياسة هي التي أطلقت مؤتمر غروزني الذي انعقد ضمن دِيار حُكم الرئيس الروسي الاتحادي فلاديمير بوتين، وبرعاية حليفه الرئيس الشيشاني رمضان قديروف وافتتحه شيخ الأزهر أحمد الطيب، وشارك فيه مفتي سوريا أحمد حسون ونظّمته وموّلته مؤسسة "طابة" ومقرّها أبو ظبي برئاسة الحبيب الجفري. لكن الذي لا شك فيه أيضا أن الخلاف قائم بين السلفية والخلفية منذ مئات السنين وفق قواعد إقصائية، بعيدا عن حوارات التقريب التي من شأنها أن تضيّق مسافات البعد بين كثير من أبناء المدرستين.
وبعيدا عن الحكم على صوابية كل من المدرستين، وهو ليس من مَدارك ومهام الصحافة حتما، نستطيع أن نجزم بأن عَقد مؤتمر غروزني الذي لم يناقش مظالم المسلمين الراهنة، ليس مفصولاًعما يجري من حروب المنطقة الحالية وربما المقبلة، وهو يساعد في تبرير اصطفافات سياسية قد تريدها بعض الدول العربية والإسلامية، ضمن تحالفات جديدة ليست السعودية ضمنها على وجه التحديد. لكن هؤلاء الأشاعرة بولائهم لحكامهم في هذا الفصل وغيره، يعرّضون دعوتَهم لانفضاض الناس من حولها عندما يكون أصدقاؤهم موغِلين في دماء المسلمين من وجهة قناعةٍ جماهيرية.
لا يوجد إحصاء للأشعريين من جهة والسلفيين والإخوان من جهة مقابِلة، لكنهم إذا اقتربوا من المناصفة، وبعد مؤتمر الشيشان، أضِف إلى ذلك التكفير المتبادل بين الكثير من السُنة والشيعة في مقلَبٍ آخَر، فإن الطائفة الإسلامية تتراجع فعليا و"تكفيريا" وليس نظريا، إلى المركز الثالث من حيث عدد المعتنقين في العالم لتتقدم إلى المركز الثاني طائفة الهندوس، وهو ما يستدعي حتما من علماء الأمة الإسلامية جلسة "يوغا" عرَمرَمية.