نشر الباحث
الإيراني في معهد واشنطن، مهدي خلجي، ورقة بحثية تحدث فيها عن استغلال الجمهورية الإيرانية لموسم الحج أيديولوجيا.
وقال خليجي الذي تلقى تدريبا في المعاهد الدينية في قم ودرس علوم الدين والتشريع: "تُعدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية البلد الوحيد الذي يستخدم الحج علنا أداة سياسية لنشر أيديولوجيته الثورية في الخارج".
وأوضح أن الزعماء الروحيين في إيران يعتقدون أنه يجب اعتبار كل حج بمثابة "إثبات للرفض" -أي فرصة للتعبير عن الكراهية تجاه "الكفّار" و"الوثنيين" والتنصّل منهم- ويوجهون باستمرار دعوات إلى المسلمين كافة للتعامل مع الحج على هذا الأساس.
ويشير الباحث، الذي يركز على سياسة إيران والجماعات الشيعية في الشرق الأوسط، إلى أن إيران تستعين بشبكاتها الدينية الشيعية المرتبطة بالحج؛ من أجل خدمة أجندتها السياسية.
وقال إن "بعثات الحج" المتعددة في إيران ومكة المكرمة والمدينة المنورة توفر أساليب متطورة وفعالة؛ للترويج للنسخة الإيرانية من الإسلام السياسي، ولتعزيز مكانة طهران الاجتماعية والمالية في العالم الإسلامي.
وقال إنه "بعد الثورة أخذت السلطات الدينية العليا في النظام الإيراني تسيطر على نحو متزايد على شؤون الحج، مع تناقص الإشراف الحكومي عليها".
وفي عام 1984، تم تأسيس "مؤسسة الحج والأوقاف والشؤون الخيرية"، وبينما كانت تتبع رسميا "وزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي"، إلا أن معظم أنشطتها خضعت لرقابة مباشرة من قبل المرشد الأعلى آية الله روح الله الخميني، بمنأى عن أي تدخل من السلطة التشريعية أو الرئاسية.
وبين أنه على مدى العقد المنصرم قام "مكتب ممثل المرشد الأعلى" بتكليف رجال دين بإعداد تقارير سنوية عن أنشطة بعثات الحج خلال رحلات الحج. وعلى الرغم من أن هذه التقارير خضعت بوضوح للتنقيح على مراحل مختلفة؛ حفاظا على سرية المعلومات الحساسة، إلا أنها لا تزال تكشف البعد الإيديولوجي لشبكة بعثات الحج الإيرانية.
وعلى سبيل المثال، يذكر خليجي أن تقرير عام 2014، الذي أعدّه رضا مختاري، يتضمن تفاصيل مفيدة حول الأنشطة التي أنجزها "مكتب قائد الثورة الإسلامية" خلال العام الذي شهد ما يقرب من 100 ألف حاج إيراني.
ويفيد التقرير بنجاح "إثبات الرفض"؛ حيث تم توزيع 32 ألف نسخة من رسالة المرشد الأعلى المترجمة إلى تسع لغات. ويضيف أن الممثلين عن بعثات الحج عقدوا عدة لقاءات مع شخصيات سياسية أجنبية، مثل نائب الأمين العام لـ"حزب الله" نعيم قاسم.
ويذكر أيضا أن رجال الدين الإيرانيين -الذين يجيدون لغات أجنبية- تمكّنوا من مخاطبة عدة مجموعات من الحجاج غير الإيرانيين، بمن فيهم أولئك الذين قدموا من جنوب شرق آسيا.
ويذكر أنه على الرغم من أن المكاتب الدينية الشيعية العديدة التي تعمل في المملكة العربية
السعودية خلال موسم الحج تعدّ رسميا هيئات مستقلة، إلا أنها تخضع عمليا لسيطرة النظام الديني في إيران، كما أن أعمالها تخلّف تأثيرات جدية على العلاقات السعودية الإيرانية، وعلى التوترات بين الشيعة والسنة على حدّ سواء.
بالإضافة إلى ذلك، يتم تحويل ملايين الدولارات نقدا عبر هذه المكاتب إلى مختلف الجماعات والأفراد المسلمين، وتوزَّع دون أي شفافية عبر شبكات وآليات غامضة.