نشرت صحيفة "ميديابار" الفرنسية تقريرا؛ سلطت فيه الضوء على الامتعاض الذي عبّر عنه مسيحيو
مصر من سياسات نظام عبد الفتاح
السيسي، حيث جاء هذا الشعور نتيجة للقانون الجديد المتعلق ببناء وترميم
الكنائس.
وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن مسيحيي مصر لم يعودوا قادرين على السيطرة على غضبهم ضد النظام. وعلى الرغم من أن هذه الأقلية الدينية كانت مستهدفة ومتضررة من أعمال العنف التي سادت المحافظات النائية، إلا أنها أعربت مؤخرا عن خيبة أملها من إقرار القانون الجديد في 30 آب/ أغسطس.
وكان هذا القانون كان مقترحا من قبل الحكومة لتسهيل إجراءات بناء كنائس جديدة، لكن الصحيفة تقول إن هذه التشريعات بدت تمييزية؛ لأنها تفرض المرور بإجراءات إدارية مقيدة مقارنة بإجراءات بناء مساجد المسلمين. كما امتعض المسيحيون من التهميش الذي تكرسه السلطة التي يرون أنها تسعى فقط إلى الاهتمام بمسألة السلفيين.
وأشارت الصحيفة إلى أن بناء الكنائس، الذي نادرا ما تسمح به السلطات المصرية، فضلا عن تجديد الكنائس القديمة، يتطلب إجراءات معقدة وطويلة. وعلى الرغم من أن الدولة لم تقدم أي بيانات رسمية، إلا أنه يبدو أن عدد الكنائس لا يستجيب لاحتياجات المسحيين في مصر، وفق الصحيفة.
وكان من المفترض أن يقلل القانون الجديد من إجراءات الحصول على رخص بناء الكنائس، ويمهد الطريق أمام تسوية أوضاع الكنائس التي بنيت بطريق غير القانونية. وقد تمت مناقشة ما لا يقل عن 15 نسخة من هذا النص القانوني في الأشهر الأخيرة من قبل الحكومة وممثلي الكنائس الرئيسية الثلاث: القبطية الأرثوذكسية والبروتستانتية والكاثوليكية.
ولفتت الصحيفة إلى أنه قبل يوم من الاعتماد الرسمي لهذا لقانون، عبّرت النائبة عن حزب المصريين الأحرار، نادية هنري، المعروفة بالتزامها بالدفاع عن حقوق
الأقباط، عن غضبها في مجلس النواب من هذا القرار، قائلة: "إنهم يريدون قانونا كارثيا! إن الحكومة والبرلمان يقفان ضد قيم المواطنة! وعلى الرغم من هذه الاحترازات، وافقت نادية هنري على التصويت على هذا القانون مثلها مثل ثلثي البرلمان. وبعد ذلك بررت قرارها بالقول: "هذا القانون ينظم بناء وترميم دور العبادة. إن المسألة لا تتعلق بمن يساند أو يعارض
المسيحيين. ليست هذه هي القضية".
وأضافت الصحيفة أن بعض الشخصيات السياسية المعروفة والمؤثرة على المشهد السياسي أو المنتمية إلى المجتمع المسيحي؛ واصلت معارضتها لهذا القانون، حيث أثار اعتماد هذا النص القانوني احتقان محمود عليا الذي يحمل مشروع حزب المصريين الأحرار، سياسيا وإعلاميا، ما دفعه إلى القول: "يبدو أن القانون الذي اعتمده البرلمان مؤخرا موجه لمستوطنين غير مرغوب فيهم، وليس لمواطنين بأتم معنى الكلمة".
واعتبر أن "هذا النص لا يستجيب لتطلعات الدستور الذي تطلب سن قانون يضمن حرية المسيحيين في ممارسة شعائرهم". ثم حذر قائلا: "بما أن القانون الذي أقره البرلمان لا يلبي هذه الشروط، فمن الممكن أن يؤدي إلى أزمة سياسية خطيرة".
وذكرت الصحيفة أنه بعيدا عن الاضطرابات السياسية في القاهرة، تلقى سكان مدينة المنيا هذا القانون بحذر. وفي هذه المنطقة التي تضم طوائف مسيحية هامة وكثيرا من السلفيين "العنيفين"، بدا سكوت السلطات على تصرفات المتطرفين مستفزا. فمنذ سنة 2013، كانت الاعتداءات التي غالبا ما ترتكب من قبل السلفيين في مصر الوسطى تتصدر بانتظام العناوين الرئيسية في الصحف المصرية.
وقالت الصحيفة الفرنسية إنه عادة ما تكون هذه الاعتداءات على خلفية أخبار حقيقية أو حتى وهمية بخصوص بناء الكنائس. وفي هذا الصيف، تم إشعال عدة حرائق في منازل تابعة لسكان مسيحيين في كوم اللوفي وفي أبو يعقوب والكرم؛ التي تعدّ من القرى الصغيرة من محافظة المنيا. كما ظلّت صورة المرأة المسنة العارية التي تم جرها في الشارع من قبل حشود؛ عالقة في الأذهان.
ونقلت الصحيفة عن الأب مكاريوس قوله، بينما كان هو يجلس في غرفة مريحة في كنيسته في حين عُلقت صور كل من كهنة أقباط وعبد الفتاح السيسي: "أهمية القانون تكمن في تطبيقه". ولضمان سلامة المسيحيين ورغبتهم في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، دعا الكاهن إلى تطبيق القانون، قائلا: "إن المسيحيين في حاجة حقا لإصلاح الكنائس وبناء دور عبادة جديدة. لماذا لا يزال بناء الكنيسة أمرا صعبا جدا في مصر؟ على الدولة إثبات حسن نيتها من خلال تطبيق هذا القانون. وفي حال عدم التزامها بذلك، سيتخذ المسيحيون قرارات صارمة ضد السلطات".
وقد احتج حوالي خمسون مسيحيا ضد العنف، وشاركوا في مظاهرة نُظمت يوم 13 آب/ أغسطس وسط القاهرة، داعين إلى المساواة في الحقوق بين جميع المواطنين المصريين. وقامت ماريان سيدهم، وهي محامية مستقلة وباحثة متخصصة في حقوق الإنسان، برحلة من الإسكندرية إلى القاهرة لحضور هذا الحدث.
ونقلت الصحيفة عن الباحثة أنه "لا توجد إرادة سياسية لفرض سيادة القانون". واعتبرت أن هذا الوضع سيئ ومستفز، خاصة بالنسبة للجيل الجديد، ثم استنتجت أنه "في الوقت الراهن، يبدو أن المسيحيين، مثل كل المصريين، أكثر قلقا على القضايا الاقتصادية من حقوقهم".
وفي الختام، أشارت ماريان سيدهم إلى "أن العديد من الشبان يعارضون الحكومة وغير راضين عن موقف كنيستهم. نحن على استعداد لخوض هذه المعركة، ولكن لن تكون أمامنا أية فرصة للفوز ما دامت الكنيسة تواصل ممارسة الألاعيب جنبا إلى جنب مع الرئيس السيسي".