نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للكاتبين ماثيو ساندرز وساندرا لافيلي، قالا فيه إن السفارات الأوروبية في
بريطانيا سجلت عشرات الحوادث التي يظن أنها
جرائم كراهية ضد مواطنيها، منذ التصويت على
استفتاء مغادرة الاتحاد الأوروبي، بحسب أرقام حصلت عليها "الغارديان"، من خلال دراسته أجرتها الصحيفة، بإرسال استطلاع للسفارات الأوروبية.
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن معظم هذه الاعتداءات كانت ضد مواطنين من
أوروبا الشرقية، وبولنديين، أكثر من بقية الجنسيات الأخرى مجتمعة، بحسب دراسة سفارات الاتحاد الأوروبي، لافتا إلى أن القنصليات البولندية في لندن ومانشستر وأدنبرة سجلت 31 حادثة اعتداء كراهية منذ 23 حزيران/ يونيو، بما في ذلك ثمانية اعتداءات في الأسابيع الثلاثة الماضية.
ويذكر الكاتبان أن هذه الاعتداءات تتضمن مقتل أركاديسز جوزويك في هارلو، في اعتداء غير مبرر، حيث تتعامل معه الشرطة على أنه جريمة كراهية محتملة، مشيرين إلى أنه تم اعتقال خمسة شباب، يبلغون من العمر 15 عاما، وشاب يبلغ من العمر 16 عاما، وكلهم من هارلو؛ بشبهة المشاركة في قتل جوزويك، وتم إخراجهم بكفالة حتى 7 تشرين الأول/ أكتوبر، بانتظار نتائج التحقيقات، وكان رجل بولندي آخر نجا بعد وقوع الاعتداء.
واتصلت صحيفة "الغارديان" بسفارات دول الاتحاد الأوروبي السبعة والعشرين جميعها، ومن بين السبع عشرة سفارة التي أجابت، قال حوالي نصفها إن جريمة الكراهية زادت خلال الاثني عشر أسبوعا منذ الاستفتاء على البقاء في الاتحاد الأوروبي أو الخروج منه، ومن بينها كانت هناك 60 حالة مسجلة، بما في ذلك إطلاق النار على بيت ليتواني في لورغان في شمال إيرلندا هذا الشهر، وحرق متجر روماني في نوريتش في تموز/ يوليو، ومهاجمة بيت في نوتنغهام، بعد التصويت مباشرة، حيث تمت مناداة العائلة بـ"المهاجرين الأوغاد".
ويلفت التقرير إلى أن معظم الهجمات كانت ضد بولنديين، أو أشخاص ظن المهاجمون أنهم بولنديون، فمثلا هوجمت أم فنلندية عندما سمعها المهاجمون تتحدث مع أطفالها، وقالوا لها: "أيها البولنديون اذهبوا إلى بلادكم"، بحسب ما قالته السفارة الفنلندية في لندن، مشيرا إلى أن إسبانيا، وفرنسا، وألمانيا، من السفارات الأوروبية الغربية التي أجابت على الاستطلاع، التي لم تبلغ عن وقوع أي اعتداءات ضد مواطنيها.
وينقل الكاتبان عن السفير البولندي لدى المملكة المتحدة، أركادي رزيغوكي، قوله: "أشعر بالحزن على كل حالة.. المجتمع البولندي هو أكبر أقلية وطنية في المملكة المتحدة، وبسبب حضورها فقد تكون إحصائيا الأكثر عرضة للاعتداءات
العنصرية، نحن ندرك ونقدر الدعم والتأييد من الشعب البريطاني، والخطوات الحاسمة التي اتخذتها الحكومة البريطانية، والمجالس المحلية لحل المشكلة، نحتاج للعمل معا، لتعزيز الحوار والتفاهم المتبادل بين المجتمعات".
وبحسب الصحيفة، فإن موضوع جريمة الكراهية تمت إثارته من الدبلوماسيين في لندن يوم الثلاثاء، خلال مأدبة عمل لسفراء مجموعة الشمال، حيث قالت سفيرة لاتفيا، التي استضافت المأدبة، بيبا برازي: "ناقشنا هذا التوجه، حيث لم يتعرض مواطنونا لأي تجربة مشابهة قبل الاستفتاء"، وأضافت السفيرة: "لم يكن أي من الستة اعتداءات (ضد مواطنين من لاتفيا) متعلقا بالاستفتاء، لكنه قد يكون وفر أجواء تسمح باستخدام الشتائم، وربما الاعتداء الجسدي، يجب ألا يكون هناك تمييز، وعلى المجتمع اللاتفي ألا يترك أي اعتداء دون الإخبار عنه".
ويورد التقرير نقلا عن الباحث في معهد العلاقات بين الأعراق جون بارنيت، قوله: "يجب ألا نفاجأ بارتفاع نسبة الاعتداءات ضد الأوروبيين الشرقيين إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الصورة التي رسمت لهم على أنهم متطفلون ومخادعون، ويشكلون تهديدا، هذه الصورة زادت خلال الفترة التي سبقت الاستفتاء، لكنها سبقت ذلك طبعا، إن جريمة الكراهية هي نتاج مناخ ولدته السياسة على مدى سنوات طويلة"، مشيرا إلى أن برازي رحبت بتطمينات الحكومة البريطانية بأنها لن تتساهل مع هذه الاعتداءات، وقالت إنها سعيدة بسبب تراجع عددة حالات الاعتداء على مواطنيها منذ الفترة التي تبعت التصويت على الاستفتاء.
ويستدرك الكاتبان بأن "السفارة البولندية قلقة بسبب الاعتداءات الأخيرة ضد بولنديين، وكانت معظم الاعتداءات، التي بلغ عددها 31 هجوما، حصلت في الأيام القليلة التي أعقبت التصويت على الاستفتاء، ومع بداية آب/ أغسطس، شعرت السفارة بأن هناك هدوءا، لكن الاعتداءات عادت إلى الارتفاع، حيث وقعت ثمانية اعتداءات خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، بما في ذلك الهجوم على ثلاثة بولنديين في هارلو، وهجوم يظن أنه عنصري ضد رجل بولندي في منطقة ارملي في ليدز الجمعة الماضية".
وتذكر الصحيفة أن أسرة هولندية في بليموث عانت من حرق مخزن خارجي في حديقة بيتها، بعد التصويت على الـ"بريكسيت"، حيث ترك من قاموا بالاعتداء رسالة كتب فيها: "عودوا إلى بلادكم.. المرة القادمة ستكون عائلتكم".
وينقل التقرير عن أيوا بناسزيك، البالغة من العمر 22 عاما، قولها إن التجربة بقيت معها ومع عائلتها، مستدركة بأنه لا بد من الاستمرار في الحياة، وأضافت أنها تلقت دعما من المجتمع المحلي، الذي جمع لها مبلغ سبعة آلاف جنيه أسترليني، مشيرة إلى أنها تأثرت جدا بهذه المبادرة، وقالت إنها ستستخدم التبرعات في تركيب كاميرات حول المنزل.
وتورد الصحيفة نقلا عن مدير دائرة دعم ضحايا جرائم الكراهية في ويلز غاريث غوردين، قوله إن تركيز الإعلام على جرائم الكراهية ترك مفعولا ايجابيا، حيث شجع ذلك الضحايا على الشكوى، وأضاف: "إن هذا الأمر جعل الناس يشعرون بأن بإمكانهم الاخبار عما حصل معهم، وأعتقد أنه بسبب ذلك فإننا نملك صورة أدق عن حجم جريمة الكراهية... وتظهر الدراسات بأن هناك 50% من الناس ينتظرون حتى تصبح الجريمة أكثر خطورة قبل التفكير في الإخبار عنها، وبدلا من ذلك فإنهم يميلون لاعتبار تلك الحوادث عادية، لكن اهتمام الإعلام بجرائم الكراهية منحهم الشعور بأن بإمكانهم الإخبار (عن تلك الجرائم)، وهذا شيء إيجابي".
وينقل الكاتبان عن عضوة مجلس المجتمع البرتغالي في ريكسهام في شمال ويلز أيلوندا فيغاس، قولها إن مجتمعها تأثر بشكل كبير بالتعاطف الذي حصل عليه من جيرانه ومن الشرطة بعد التصويت على الـ"بريكسيت"، وأضافت : "جاءت الشرطة وأخبرتنا بما يجب علينا فعله في حال التعرض للاعتداء، وتحدثت مع الناس عن تعريف جريمة الكراهية، وماذا عليهم فعله إن تعرضوا لها، والكثير من الناس في المجتمع الأوسع يساعدون، فعلى الأقل نحن لا نشعر أننا وحدنا، وندرك أن هناك من يساعدنا".
السفارات التي اخبرت عن حوادث عنصرية:
بولندا: 31 حالة جريمة كراهية، بالإضافة إلى مقتل جوزويك، وثمانية اعتداءات عنيفة، بما في ذلك مهاجمة رجال بولنديين في ليدز، وسبعة هجمات على بيوت ومتاجر بولنديين، وأربع حالات كتابة عنصرية على الجدران، بما في ذلك رسالة كتبت على باب الاتحاد الثقافي البولندي في هامرسميث غرب لندن، ونصب تذكاري حربي في بورتسموث، وتتضمن الحوادث بعض حالات تهديد ومضايقة من الجيران سابقة للاستفتاء.
ليتوانيا: عشر حوادث جرائم كراهية، خمسة منها تقوم الشرطة بالتحقيق فيها، وتتضمن إطلاق النار على بيت ليتواني في لورغان في شمال إيرلندا في 5 أيلول/ سبتمبر، بالإضافة إلى أنه تم الإخبار عن حوادث في بيتربرو، وكنغز لين، وبوسطن.
لاتفيا: ست حوادث من الاعتداء العنصري، والمضايقة في نوتنغهام، ولندن، وبرستول، وويلنغبرو، وساوث شيلدز، أشدها مهاجمة بيت يسكنه لاتفيون في نوتنغهام، حيث شتم السكان لكونهم "مهاجرين أوغادا"، وطالبهم المهاجمون بمغادرة المملكة المتحدة، وقالت السفارة إن أحد مكاتب البريد في لندن، ومحل اتصالات هواتف خلوية في برستول رفضا تقديم الخدمة لمواطنين من لاتفيا.
السويد: تم الإبلاغ عن حوالي خمس حالات اعتداء، حيث قال المتحدث باسم السفارة إنهم ينظرون إلى ذلك على أنه ارتفاع كبير؛ لأنهم لم يروا قبل الاستفتاء أي اعتداءات تذكر.
فنلندا: لم يتعرض أي فنلندي للاعتداء العنصري قبل الاستفتاء، وهناك أربع حالات بعده، بما في ذلك أم قيل لها ولأبنائها: "أيها البولنديون اذهبوا لبلادكم".
رومانيا: حرق متجر لروماني في نوريتش في 8 تموز/ يوليو، حيث تتعامل الشرطة مع الحادثة على أنها جريمة كراهية، وقالت السفارة إن هناك عددا من الاعتداءات العنصرية، لكنها رفضت التفصيل.
بلغاريا: هناك اعتداء عنصري واحد ضد مواطن بلغاري أخبر عنه في المملكة المتحدة، ورفضت السفارة الخوض في التفاصيل.
هنغاريا: عدد صغير من الاستفسارات التي أبدت تخوفا بعد الاستفتاء.
وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى أن السفارات البلجيكية، واليونانية، والألمانية، والفرنسية، والدنماركية، والقبرصية، والنمساوية، والإسبانية، والإستونية لم تبلغ عن أي اعتداءات ضد مواطنيها.