تناول تقرير نشره معهد واشنطن للدراسات سعي
تنظيم الدولة لتغيير عقيدة الأطفال من مراحل مبكرة، من خلال الاطلاع على مناهجهم ومنشوراتهم، لافتا إلى حادثة التفجير التي حصلت في غازي عنتاب بسوريا في عرس محلي، والتي قام بها أحد الأطفال التابعين لتنظيم الدولة.
ويقول الباحث يعقوب أوليدورت عن كتب المدارس التابعة لتنظيم الدولة: "إن هناك اختلافات بصرية وجوهرية على السواء. فمؤلّفو الكتب المدرسية لم يفوّتوا قطّ فرصة لترك بصمة ما تكون بمثابة علامة للجماعة، سواء أكانت راية تنظيم الدولة في نهاية فصل من مادة الرياضيات، أو صورة لبندقية، أو الملف الشخصي لأحد مقاتليه".
وأضاف أنه "إذا أخذنا كتاب "العلوم" للصفوف الابتدائية، المخصّص لمنح الأطفال ما يشبه بالمخطّط التوجيهي بشأن المنزل والمجتمع، مع تعليمهم مفردات أساسية، نرى في إحدى صفحاته عددا من أفراد "المنزل (
الداعشي) المثالي"، مع صورة لأم تغطّي جسدها بالكامل، ولأب يحمل سلاحا.
وقال إن "هناك أساليب أكثر تطوّرا يسعى من خلالها التنظيم إلى جعل هدفه المتمثّل بخلق "الإنسان الجهادي المثالي" يتغلغل في هذه المواضيع، وأعتقد أن هذه المقاربة ستكون أكثر استدامة؛ نظرا لمدى حنكتها ودهائها. وبعبارة أخرى، إنها الطريقة التي يعتمدها التنظيم لنقل المهارات والمعرفة الأساسية مع تمسّكه بهدف واضح وصريح يقوم على المحاربة باسمه وبناء قدراته، وهي عملية أطلقتُ عليها اسم (الدعوشة)".
وتشمل الأمثلة على ذلك، بحسب الباحث، "تعليم برمجة الحاسوب؛ من أجل جعل الأطفال بارعين في التكنولوجيا؛ ليساهموا في قدرات التنظيم على شبكة الإنترنت، وتعليمهم اللياقة البدنية؛ لكي يتمتّعوا بصحة جيدة، ويكونوا صالحين للقتال على حد سواء. ويُعدّ هذا الهدف الأخير هو المبرّر لفصول إضافية حول جمع الأسلحة واستخدامها، فضلا عن معرفة نوع الذخيرة الذي يمكن استخدامه لمختلف أنواع الأسلحة".
وأشار إلى أنه "على الرغم من أن تنظيم الدولة يشتهر بمنشوراته وحملاته الدعائية، التي تمجد العنف والنهج الأصولي للإسلام السنّي، المعروف باسم التيار السلفي، إلا أنه يولي أيضا اهتماما مماثلا لنشر حملة دعائية تختصّ بأمور أكثر دنيوية وابتذالا، مثل كيفية تشذيب اللحية وقواعد اللغة العربية، وهي مواضيع لا تمتّ بصلة واضحة إلى أي شكل من أشكال العنف. وفي كتبه الدراسية التي قمتُ بتحليلها، وجدتُ أن التنظيم يعلّم الأطفال مواضيع، مثل الجغرافيا والفيزياء".
وأوضح أن "توجيه تنظيم الدولة رسائل غير عنيفة يرتبط بشكل عميق ومباشر بنجاح عملية التجنيد. ومن بين الدعوات الأساسية التي يتمّ إطلاقها أن أراضي التنظيم هي المكان الوحيد على وجه الكرة الأرضية الذي تتمّ فيه ممارسة الإسلام "النقي" والأصلي وتطبيقه. ويمكننا إلقاء نظرة على الحملة الدعائية للتنظيم حول المسائل الدنيوية والمبتذلة".
وقال إن تنظيم الدولة يهدف إلى استحداث وطن إسلامي مثالي يعيش فيه "المسلمون المثاليون" أو "الإنسان الجهادي المثالي".
وأشار التقرير إلى أنه "وعبر إطلاق تسمية "الخلافة" على نفسه يعيد تنظيم الدولة تحديد أطر الدين الإسلامي؛ لتبرير هدف لعبته السياسية. وتحقيقا لهذه الغاية، أعاد التنظيم تحديد فريضة "الهجرة" الدينية الإسلامية، بحيث لا تتطلب فقط الهروب من أرض تشهد اضطهادا وقمعا، بل التوجّه إلى منطقة تخضع لسيطرة تنظيم الدولة.