افتتحت وزارة الصحة التركية أول
مشفى في مدينة
جرابلس، في ريف حلب، عقب طرد
تنظيم الدولة منها بفترة وجيزة، لتسد بذلك ثغرة كبيرة في الوضع الصحي للمدينة.
انهيار المنظومة الطبية
فقد انهارت المنظومة الصحية في مناطق تنظيم الدولة، لأسباب عديدة، يجملها رئيس المكتب الطبي السابق والعامل في مشفى جرابلس، الدكتور إسماعيل الجاسم قائلاً إن الوضع الصحي في الفترة الماضية كان صعباً وقاسياً، لغياب الخدمات الصحية أو ندرتها، حيث هاجرت أغلب الكوادر الطبية بسبب سياسة تنظيم الدولة "التعسفية" أو نتيجة المعارك وقطع الطرقات، وفُقدت معظم الأدوية من الصيدليات، وتردّت الخدمات الطبية، ووصلت "لدرجة الصفر"، وفق ما أكده الطبيب إسماعيل.
عودة الحياة
وشعر أهالي جرابلس عقب افتتاح المشفى بأنّ الحياة الطبيعية بدأت تعود لمدينتهم. وفي هذا السياق يقول الناشط محمود الحسن من ريف حلب الشرقي: "أعاد المشفى الثقة للناس بعودة الحياة لطبيعتها، ولا سيما أنّ افتتاح المشفى يتزامن مع عودة وتوفر الخدمات الأساسية الأخرى للمدينة".
تجهيزات تركية
وتكفلت الحكومة التركية بتجهيز المشفى بشكل كامل، ويأتي ذلك ضمن خطوات أخرى تهدف لتأسيس منطقة آمنة تمهيداً لعودة اللاجئين السوريين. وبالفعل، فقد عاد حتى الآن نحو ثلاثة آلاف مواطن.
ويقول الجاسم: "تمّ تجهيز المشفى من الجانب التركي مشكوراً عقب تحرير المدينة". وحول مستوى التجهيزات، يتابع الجاسم: "مواصفات الأجهزة الفنية والأثاث ذات مستوى ممتاز"، موضحا أن المشفى سيكون قادراً عند تجهيزه كاملاً على خدمة جرابلس وما حولها.
ولم يبدأ المشفى بالعمل بكامل طاقته، رغم افتتاحه، حيث يقول الجاسم إنه "بُدِئ العمل في العيادات، ولم يبدأ العمل كمشفى". ويتوقع القائمون على المشفى أن يبدأ العمل بشكل فعلي خلال أسبوعين.
وبينما تكفلت
تركيا بالتمويل والتجهيرات، فإنّ العاملين في المشفى سوريون. ويقول الجاسم: "عدد الأطباء حالياً 12 طبيبا
سوريا، مع طاقم ممرضين وموظفين وعمال يصل لـ80 شخصا تقريبا".
خدمات مجانية
ويقدم المشفى خدمات مجانية للمواطنين، بما في ذلك تقديم الدواء. وهو يضم 40 سريرا موزعة على أقسام الداخلية، والأطفال، والنسائية، والجراحة العامة، والجراحة العظمية، فضلاً عن قسم الإسعاف بفرعيه الجراحي والمرضي. ويُتوقع أن يخدم 400 مريض يومياً.
وأسهمت وزارة الصحة في الحكومة المؤقتة باختيار الأطباء العاملين في المشفى، حيث انتشر تزوير الشهادات السورية مؤخراً.
وشُيّدَ المشفى التركي في ثانوية مهجورة للبنات. وتقع المدرسة قرب مقرات الأجهزة الأمنية سابقاً، ثم أصبحت جزءاً من المربع الأمني لتنظيم الدولة، فلم يعد المبنى صالحاً لعودته كمدرسة، كما يؤكد الطبيب إسماعيل الجاسم.
جرابلس تستعيد عافيتها
وتستعيد مدينة جرابلس بافتتاح هذا المشفى الوضع الصحي الجيد الذي فقدته عندما دخل التنظيم، حيث دمّر مركزا للهلال الأحمر القطري.
يقول فاضل، من جرابلس: "تحسن الوضع الصحي جداً في جرابلس خلال الثورة، فالرعاية الصحية مجانية وعالية المستوى".
لكن اختلفت الأمور مع دخول التنظيم. ويقول الناشط محمود الحسن: "بعد دخول داعش، وسرقة محتويات المشفى القطري، وتدميره لاحقاً عاد الوضع سيئاً، ونأمل تحسنه بالمشفى التركي الجديد"، فقد كان مشفى الهلال القطري يقدم العلاج والدواء مجاناً، ناهيك عن الأطباء المهرة، ولطف المعاملة، وفق ما ذكره الأهالي.
لغط واتهامات
وحصل لغط مع افتتاح المشفى التركي، إذ عدّه بعضهم تكريساً للنفوذ التركي في سوريا من خلال الجانب الإنساني، وذهب البعض بعيداً عندما تحدث عن أطماع تركية.
ويقول المدرس بدر العلي، من ريف حلب الشرقي: "للأسف يفعل الثوار ما يفعله الأسد والكرد من الارتهان وتسليم البلد للأجنبي، فلا يجب أن نقبل برفع العلم التركي على أية منشأة"، بحسب تعبيره.
ونفى القائمون على المشفى هذه الاتهامات جملة وتفصيلاً، مؤكدين أن المشفى يصب في إطار الدعم التركي للشعب في ثورته.
ويقول الناشط محمود الحسن: "بدلاً من شكر تركيا يتهمها بعضهم، فماذا سيقول أولئك مستقبلاً عندما تزداد المساعدات التركية في مجال المياه والكهرباء والتعليم؟!". وأكد الطبيب إسماعيل الجاسم أنّ علم الثورة مرفوع فوق المشفى، والعلم التركي مرسوم على لافتة المشفى فقط، وهذا طبيعي".
ويأمل الأهالي ألا يُقصف مشفى جرابلس باعتباره مشفًى تركياً، فقد دأب طيران النظام السوي والطيران الروسي على قصف المشافي في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، حتى لو كانت حدودية.
ويقول أبو عمران، من قرية كفرغان الحدودية، في ريف حلب الشمالي: "مع بدء التدخل الروسي تعرض مشفى كفرغان للقصف بالعنقودي، رغم أنه مشفى خاص بالنساء والأطفال". لكن لم يتعرض المشفى حينها لأذى كبير، فقد سقطت القذائف في الساحة الخلفية.