أصدرت
محكمة العدل العليا في رام الله، وهي أعلى هيئة قضائية في فلسطين، الاثنين، قرارها النهائي بشأن إجراء
الانتخابات البلدية في الضفة الغربية دون قطاع غزة، بدعوى "عدم شرعية المحاكم التي تعمل في القطاع".
ومنحت المحكمة لجنة الانتخابات مهلة شهر واحد من صدور هذا القرار؛ لإتمام إجراءات عملية الاقتراع في الضفة الغربية فقط.
وجاء قرار محكمة العدل بعد مرور أقل من شهر، على صدور قرار مماثل من المحكمة ذاتها في 8 أيلول/سبتمبر الماضي، بتأجيل الانتخابات البلدية التي كان مقررا إجراؤها في 8 تشرين أول/ أكتوبر الحالي، الى إشعار آخر "كون العاصمة القدس غير مشمولة في الانتخابات، ولأن تشكيل محاكم الاعتراضات لم يتم بحسب الأصول".
تكريس للانقسام
وعقب قرار استثناء قطاع غزة من الانتخابات؛ توالت ردود فعل الفصائل الفلسطينية المنددة، فقد أعربت
حركة حماس عن رفضها لقرار المحكمة الذي اعتبرته "قرارا سياسيا"، و"لا تربطه أية صلة بالقانون والقضاء" بحسب ما أعلنه المتحدث باسم الحركة، حازم قاسم.
وقال قاسم لـ"
عربي21" إننا "نرفض قرار المحكمة جملة وتفصيلا؛ لأن تنفيذه سيكرس حالة الانقسام الموجود مع
حركة فتح، وسيعطل أي جهود للمصالحة قد يتم الاتفاق عليها في المستقبل".
وعن الخطوات التي ستقدم عليها الحركة ردا على قرار المحكمة؛ فقد بين أن "حماس في صدد عقد اجتماعات مع الفصائل الفلسطينية في غزة خلال الأيام القليلة القادمة؛ للتشاور والخروج بقرارات وتوصيات مشتركة"، واصفا قرار المحكمة بأنه "شأن وطني لا يجب السكوت عنه".
أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين؛ فقد أصدرت بيانا عقب صدور القرار جاء فيه أن "قرار المحكمة العليا بشأن الانتخابات؛ انقلاب على ميثاق الشرف الذي وقعت عليه حركة فتح".
من جانبه؛ أعرب الأمين العام للمبادرة الوطنية، مصطفى البرغوثي، عن استغرابه من الحجة التي استندت عليها المحكمة في إصدار قرارها، وهي عدم الاعتراف بمحاكم قطاع غزة.
وقال البرغوثي لـ"
عربي21" إن "عدم الاعتراف بالمحاكم في غزة قرار خطير؛ لأنه يعني أن كل ما قامت به المحاكم وقررته في الزواج والطلاق والتعليم والصحة وغير ذلك، طوال الأعوام الماضية؛ كان غير قانوني".
قضاء مسيس
من جهته؛ رأى الخبير القانوني، أمين عام المجلس التشريعي الفلسطيني، نافذ المدهون، أن قرار المحكمة "ينبع من ضغوطات سياسية مورست على جهاز القضاء من قبل السلطة الفلسطينية".
وأكد أن "هذا القرار لا علاقة له بمواد القانون من قريب أو بعيد"، مشيرا إلى أن ميثاق الشرف الخاص بالانتخابات، والذي وقعته الفصائل الفلسطينية في 17 تموز/ يوليو الماضي، بحضور رئيس لجنة الانتخابات المركزية ناصر حنا؛ "نص بشكل واضح وصريح على تحييد جهاز القضاء من هذه المعركة الانتخابية في شقي الوطن، حتى يتكلل هذا العرس الديمقراطي بالنجاح، وهذا ما نقضته محكمة العدل العليا التي أصدرت القرار".
وأضاف المدهون لـ"
عربي21" أن "قرار المحكمة نافذ من الناحية السياسية، وباطل من الناحية القانونية".
إرضاء "إسرائيل"
أما الكاتب والمحلل السياسي المقيم في غزة، فايز أبو شمالة؛ فقال إن "مثل هذه القرارات الأحادية ليست بالجديدة على الشعب الفلسطيني، الذي يعلم أن السلطة الفلسطينية تحاول إرضاء الجانب الإسرائيلي من خلال تهميش دور المقاومة التي تقوم به غزة، بهدف العودة إلى طاولة المفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي".
وأضاف لـ"
عربي21" أن هذا القرار "قرار سياسي، وليس قضائيا، كما تحاول حركة فتح تبريره".
واتفق الكاتب والمحلل السياسي، رئيس شبكة سراج الإعلامية، إبراهيم المدهون، مع سابقه، بأن "ما أقرته المحكمة يخدم الاحتلال، ويعزز الانقسام، ويمثل هروبا من الاستحقاق الانتخابي من قبل حركة فتح، التي رأت أنها ستخسر هذه الانتخابات لصالح حركة حماس".
وقال المدهون لـ"
عربي21" إن "السلطة الفلسطينية لا ترى أية أهمية لغزة، لذلك فهي تحاول تهميشها بشتى الطرق".
وكان مجلس الوزراء الفلسطيني قد أعلن في 21 حزيران/ يونيو الماضي، أن انتخابات مجالس الهيئات المحلية في الضفة الغربية وقطاع غزة، ستُجرى في 8 تشرين الأول/ أكتوبر القادم، وأعلنت حركة حماس في 15 تموز/ يوليو الماضي، أنها ستسمح بإجراء هذا السباق الانتخابي في غزة والضفة الغربية، وستعمل على إنجاحه، وأنها جاهزة للمشاركة فيه.