أثار تصاعد التوتر بين
تركيا والعراق، تساؤلات حول وجود دور
إيراني يقف وراء هذه الأزمة، ولاسيما بعد اقتراب انطلاق العمليات العسكرية لاستعادة
الموصل من
تنظيم الدولة الذي سيطر عليها منذ حزيران/ يونيو 2016، وفقا لما ذكره مراقبون.
وبحسب ما تابعته "
عربي21"، فإن ما يثير هذه التساؤلات أنها جاءت في الوقت الذي دعت إليه بغداد، مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة للضغط على تركيا بسحب قواتها قرب الموصل، فقد رفضت الأخيرة تلك الدعوات، مؤكدة أن تواجد قواتها جاء من أجل الحفاظ على التركيبة السكانية.
دور إيران في الأزمة
ولم يغب دور إيران عن نشوب الأزمة بين البلدين، فقد فسر مراقبون التقارب بين تركيا والسعودية بشأن ملفات المنطقة ومنها
العراق، بأنه لم يرق لطهران ما ألجأها إلى دفع مقربين منها في حكومة وبرلمان العراق باتخاذ مواقف وتصريحات حادة ضد تركيا.
من جهته، تحدث برلماني عراقي سابق وباحث في العلاقات الدولية لـ"
عربي21" موضحا أن "العلاقة بين تركيا وإيران كانت علاقة تنافس وتساوم على مدى فترات طويلة من الزمن، إذ إنهما يتوسطان القوى في المنطقة، وهما لا يتحالفان ولا يتحاربان".
وأضاف الدكتور عمر عبد الستار، أن "التنافس بين البلدين دخل مجددا عند احتلال العراق في 2003، وزاد بعد انطلاق الثورة في سوريا عام 2011، إلا أنهما كانا يتخذان جانب الاحتواء لما يجري في البلدين (العراق- سوريا)".
ولكن السياسي العراقي ذهب إلى أكثر من ذلك، بالقول إن "الصراع الإيراني- التركي، قد يعود وتكون بدايته معركة الموصل، ما يمثل عودة للصراع الصفوي العثماني في المنطقة".
وتابع بأن الدولة بالعراق غائبة في ظل وجود 67 مليشيا ضمن الحشد الشعبي بتمويل إيراني يمثلون القوة الأكبر بالبلد، إضافة إلى وجود كتلة برلمانية تدعى "جبهة الإصلاح" قريبة من رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، كلهم شنوا الحملة ضد تركيا.
وأكد عبد الستار، أن إيران بعثت برسالة "تحت الماء" بشكل غير مباشر إلى تركيا، من خلال تلك الحملة التي نظمها المقربون منها في العراق، إذ إن إيران لا تريد لنينوى أن تتحرر من تنظيم الدولة قبل انتخابات مجالس المحافظات في العراق.
وبموجب الدستور العراقي، فإن موعد إجراء الانتخابات المحلية المقبلة يكون في نيسان/أبريل من العام 2017، حيث أنها ستكون أول انتخابات تجري بعد هجوم تنظيم الدولة الكاسح على العراق في حزيران/يونيو عام 2014.
وأشار الباحث العراقي إلى أن "التصريحات التي يطلقها السياسيون الشيعة في العراق وقادة المليشيات ضد تركيا، تأتي في إطار توحيد الصف الشيعي، كما حصل قبل معركة استعادة مدينة الفلوجة".
ولخص عبد الستار، وقوف إيران وراء الأزمة، بالقول: "مثلما كانت قصة السفير ثامر السبهان رد فعل إيراني ساهم في وضع حجر أساس للتنافس السعودي الإيراني في العراق، فإن قرار البرلمان حول القوات التركية في بعشيقة هو الآخر رد فعل إيراني سيزيد من التنافس الإيراني التركي في العراق".
وبرأيه، فإن "السعودية عادت إلى العراق بمجيء السبهان، في الوقت الذي دفعت فيه تركيا بقواتها إلى بعشيقة، وكل ذلك ترفضه إيران"، مستدركا أن "كليهما (تركيا-السعودية) سيساهم تدريجيا في رفع يد إيران عن العراق بعد تقاربهم التاريخي".
وردت تركيا على طلب بغداد من مجلس الأمن بعقد جلسة طارئة، بقول رئيس الحكومة التركية بن علي يلدرين: "لتقل الحكومة العراقية ما تقول سيستمر فوجود القوات التركية هناك من أجل محاربة تنظيم الدولة ومنع تغيير التركيبة الديموغرافية للمنطقة بالقوة".
وكانت تركيا بدأت بتدريب قوات محلية من سكان الموصل في منطقة بعشيقة التابعة لمحافظة نينوى مطلع 2015، بطلب من الحكومة العراقية، حيث تلقى نحو 3 آلاف شخص تدريبات عسكرية صارمة لغاية الوقت الراهن.
وأغلب هؤلاء المتدربين بمعسكر بعشيقة هم من أهالي الموصل تطوعوا لقتال تنظيم الدولة، وينتظرون يوم عودتهم إلى مناطقهم في المحافظة.
والحكومة العراقية في بغداد الواقعة تحت تأثير المجموعات الشيعية، لا تريد أن يكون للمتطوعين المتدربين دور في العملية العسكرية المرتقبة على الموصل، وحتى بعد انتهاء العملية، لكونهم من السُنة.
يذكر أن إيران علقت على دخول تركيا إلى بعشيقة في 2015، باتهام وجهه نائب وزير خارجيتها آنذاك حسين عبد اللهيان إلى أنقرة بأنها تعمل على تعريض أمن المنطقة للخطر، وقال: "إن هذه الخطوة من جانب الحكومة التركية لن تساعد قط على إحراز النصر على الإرهاب، بل وستؤدي إلى الفوضى".
ولم يكن في وقتها تصريح رئيس البرلمان الإيراني علي لارتجاني، أقل حدة من عبد اللهيان، فقد قال إن "الهدف الوحيد من التدخل العسكري التركي في العراق هو لتبرير النشاط الإرهابي في الموصل".