اعتبر سياسيون ومراقبون أن العلاقة السائدة بين حركتي
النهضة ونداء
تونس اليوم لم تتغيّر، رغم اختلافهما في وصف طبيعة هذه العلاقة وتقييمها، ورغم ما راج حول علاقة الحزبين التي قيل إنها تشهد فتورا غير مسبوق منذ توافقهما بعد انتخابات تشرين الأول/ أكتوبر 2014.
ورأى المُكلّف بالمكتب الثقافي والإعلامي في حركة النهضة وعضو البرلمان التونسي، العجمي الوريمي، أنّ المبادئ التي قامت عليها علاقة حركته بنداء تونس منذ صيف 2013؛ هي نفسها اليوم، مشيرا إلى أنّ رؤية الحزبين للحياة السياسية في البلاد تمثّل عنصر قوة التجربة السياسية في مرحلة الحكم ما بعد انتخابات 2014.
وتابع الوريمي، في تصريح لـ"
عربي21"، أن كلا من حركة النهضة وحزب نداء تونس؛ يراعي إلى اليوم نتائج الانتخابات التي أعطت موازين قوى، وأن كلا منهما "يبني مواقفه السياسية على ضوئها فيما يتعلق بالحياة العامة وفي البرلمان".
شبه تحالف استراتيجي
وقال: "لا نتصور استقرارا لمجلس نواب الشعب أو عملا حكوميا ناجعا؛ إلا بما يتحقق من توافقات بين كتلتي النهضة والنداء، والكتل البرلمانية الأخرى".
واستبعد الوريمي وجود ما من شأنه أن يرشّح العلاقة لسيناريو فكّ الارتباط أو القطيعة، أو التباعد بين الحزبين، واصفا علاقة الحزبين اليوم بـ"شبه تحالف استراتيجي، وهي ليست علاقة تكتيكية أو مصلحية أو ظرفية، لكنها علاقة قائمة على أساس رؤيا تضع مصلحة البلاد فوق كل اعتبار"، وفق تعبيره.
ورأى أنّه ليس هناك في الوقت الراهن ما يهدد العلاقة بين الحزبين، لافتا إلى أنّ النهضة "ستدفع نحو مواصلة الشراكة والتوافق، واستمرار الانفتاح في الحكم الائتلافي على كل الاطراف مع ديمقراطية اندماجية تشاركية"، على حد وصفه.
وأضاف النائب الوريمي: "حزبا النهضة والنداء يدرك كل منهما مصلحته جيدا في العمل مع الثاني في إطار المصلحة الوطنية، وهي ليست مصلحة خالية من المنطق أو ليس لها مرتكزات".
ليست ثنائية
لكن المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة، لطفي زيتون، اعتبر أنّ علاقة النهضة بالنداء "ليست ثنائية، وإنما النهضة مشاركة في حكومة فيها سبعة أحزاب مدعومة من اتحادي الأعراف والشغالين"، وفق تعبيره.
وتابع زيتون في تصريح لـ"
عربي21": "ليس هناك تحالف بين النهضة والنداء حتى نقول إنها فترت، وإنما هناك علاقة عادية بين حزبين"، مضيفا: "نحن جزء من حكومة الوحدة الوطنية، وعلاقتنا هنا ليست بحزب
النداء بل برئيس الحكومة يوسف الشاهد".
وأكّد أنّ العلاقة بين كتلتي النهضة والنداء بالبرلمان "قد يبدو للكثيرين فيها تقارب، خاصة عند التصويت على مشاريع القوانين، وذلك لأنّهما الكتلتان الأكبر بالمجلس، وبالتالي يؤثران في نتائج التصويت"، وفق زيتون.
ولفت زيتون إلى أنّ "هناك بعض المحاولات من بعض الأطراف لضرب العلاقة بين رئيس الحركة راشد
الغنوشي ورئيس الجمهورية الباجي قايد
السبسي والزعم بأنها فترت وتراجعت".
موجهة إلى القواعد
من جهته، قال المحلل السياسي وأستاذ القانون الدستوري، قيس سعيد، إنّ جوهر العلاقة بين النهضة والنداء مبني على اتفاق تمّ بين الحزبين في صيف 2013، يقوم على مبدأ قبول كل طرف بالآخر.
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21" أنّ علاقة الحزبين تطوّرت بعد انتخابات 2014، "حيث توصلا إلى اتفاق ثان يقضي بتقاسم السلطة وألّا يستأثر كل طرف بالسلطة لنفسه"، وفق تعبيره.
وتابع: "بدأت التصريحات اليوم تُظهر نوعا من الفتور، فيما تشير تصريحات أخرى أنّ العلاقة بين الطرفين ستبقى على ما كانت عليه دون أي خلاف"، لافتا إلى أنّ بعض المواقف موجهة بالأساس إلى قواعد الحزبين "بمعنى إنها للاستهلاك الحزبي الداخلي، وليس هناك خلافات حقيقية"، بحسب قوله.
ورأى سعيد أن "كل ما يُكتب في الصحافة أو تتداوله مواقع التواصل الاجتماعي مبني على تصريحات من داخل الحزبين، وليس هناك خلافات بين الطرفين على المستوى الاقتصادي والاجتماعي".
وختم بقوله: "يكفي للمتابع أن يلاحظ نتائج التصويت على مشاريع القوانين داخل مجلس نواب الشعب، فهي تحظى كلها تقريبا بنسبة مرتفعة من الأصوات من قبل الحزبين"، وفق قوله.
وفي السياق ذاته، قال عضو نداء تونس، منير بن ميلاد، في تصريح مقتضب لـ"
عربي21" إن علاقة حزبه بحركة النهضة على حالها، ولم يطرأ عليها أي تغيير، مشيرا إلى أن ما يتردد في بعض وسائل الإعلام ومواقع التواصل يبقى مجرّد كلام ولا وجود لأي فتور.
مشاكل ومصاعب
وكان زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، قد قال في حوار نشرته صحيفة الشرق القطرية، الجمعة، إنّ الشراكة بين نداء تونس والنهضة تمثل النواة "أو كما سميتها أنا جناحي الطائر التونسي"، وفق تعبيره.
وأوضح أنّ علاقة "النهضة" بـ"النداء" ككل العلاقات السياسية "تعترضها مشاكل أو مصاعب، ولكن المصلحة في المحافظة على هذه العلاقة هي الأكبر"، وفق قوله.
وأضاف الغنوشي: "الحديث عن صعوبات برز بعد حركة المحافظين الأخيرة، وليس مرده رغبة النهضة في الحصول على المزيد من المناصب والمواقع، فنحن لا ننظر للسلطة كغنيمة، وإنما غايتنا جعل التعيينات آلية لدعم عمل الحكومة وتدعيم الحزام السياسي حولها".
وقال أيضا: "نسمع حديثا هنا وهناك عن جبهة في مواجهة النهضة أو محاولات لإغراق الإدارة بالتعيينات الحزبية، ولكن نعتقد أن شركاءنا حريصون على التوافق بقدر حرصنا عليه".