أكدت مصادر إعلامية وميدانية في مدينة معضمية الشام، بريف دمشق الغربي، أن النظام السوري يحرم أكثر من أربعين ألف مدني في المدينة من مياه الشرب، منذ ستة أشهر، فيما تتحول مخصصات المدينة من
المياه إلى المناطق المؤيدة للأسد في محيط
المعضمية.
وأشار أبو علي، عضو المركز الإعلامي في المعضمية، إلى أن حرمان المدينة من المياه يأتي رغم أن الأنابيب المخصصة لاستجرار المياه إلى المدينة سليمة ولا مشاكل فيها، إلا إن الحرمان هو قرار سياسي صادر عن النظام السوري.
وقال أبو علي لـ"عربي21": "مديرية المياه التابعة لحكومة النظام السوري تمنع موظفيها من فتح المياه إلى داخل المدينة المحاصرة منذ قرابة أربع سنوات، بل إن المديرية هددت بالفصل من العمل، وإنزال العقوبات على أي موظف يفتح المياه".
وأشار عضو المركز الإعلامي في المدينة؛ إلى أن موظفي مديرية المياه بدمشق يقومون بتحويل مخصصات مدينة المعضمية من المياه إلى الأحياء المؤيدة للأسد (العلوية) في محيط المدينة، كالحيين الشرقي والشمالي، وكذلك مساكن الشرطة والحرس الجمهوري.
ونوه الناشط الإعلامي إلى أن حرب المياه الممارسة على المدينة أثقلت كاهل أبنائها الذين يضطرون إلى شراء صهاريج المياه المعبئة من الآبار المحلية، وبأسعار عالية تفوق قدرة الأهالي المحاصرين على تحملها، إذ إن الصهريج الواحد من المياه يباع بتسعة آلاف ليرة سورية، أي ما يعادل قرابة 18 دولار أمريكي، علما أن هذه المياه غير متوفرة دوماً بسبب شح المحروقات اللازمة لتشغيل مضخات الآبار وصهاريج التوزيع.
وتتعرض مدينة معضمية الشام، بوابة دمشق من الجهة الغربية، لحصار خانق منذ أربعة أعوام، كما تعرضت في شهر آب من عام 2013 للقصف بالسلاح الكيماوي، الذي أودى بحياة العشرات من أبنائها، الأمر الذي أدى إلى توقيعها لاتفاق تهدئة مع النظام السوري في أواخر ذات العام، إلا إن
الحصار بقي قائماً، في حين أن المواد الغذائية التي تدخلها تباع بأسعار مضاعفة جداً.
بدوره، قال سعد أبو حاتم، وهو أحد العاملين في القطاع المدني في المدينة، إن قطع مياه الشرب عن المدينة من قبل النظام السوري، متمثلا بالفرقة الرابعة، أجبر عددا من الأهالي على حفر آبار محلية ضمن باحات منازلهم للحصول على المياه، فيما يكلف البئر الواحد ما يزيد عن 600 ألف ليرة سورية (حوالي 1200 دولار أمريكي).
ونوه أبو حاتم إلى أن هذه الآبار التي يحفرها السكان؛ لا تشمل التجهيزات الضرورية واللازمة للحفاظ على البئر من التهدم، ما يعني أن أي بئر يتم حفره معرض بشكل مستمر، وبنسبة كبيرة، للتهدم بأي لحظة، وبالتالي سيكون صاحبه مضطرا لحفر بئر آخر، دافعا تكاليف مالية جديدة.
وأضاف العامل في القطاع المدني؛ أن كافة الخدمات والمؤسسات المدنية غير متوفرة في المعضمية، بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الأسد.
وفي حالتي المياه الموزعة عبر الصهاريج أو المستخرجة من الآبار أمام المنازل؛ خطيرة على الأهالي بسبب عدم نقاء المياه، ما يثير مخاوف من إصابات بأمراض الكلى وغيرها، خاصة بين الأطفال، مناشدين الأمم المتحدة والهيئات الدولية الضغط على الأسد للسماح بدخول المياه الصالحة للشرب إلى المدينة.
بدوره، قال مدير تنسيقية مدينة معضمية الشام، أحمد المعضماني، إن الفقر المدقع متفش بشكل لا يمكن وصفه، فنسبة كبيرة من العائلات باتت لا تمتلك ثمن رغيف الخبز أو حبة الدواء، فيما تشهد المدينة غلاء فاحشا للمواد المتوفرة، أي أنه لا يمكن للأهالي من شراء حتى الاحتياجات الرئيسية بسبب عدم امتلاكهم ثمنها.
ولفت المعضماني، في حديث لـ"عربي21"، أن هذا يأتي تزامنا مع قيام قوات النظام السوري بإغلاق المعبر في وجهة المدنيين، وعدم السماح للموظفين والطلبة الذين يحظون بفرصة الخروج والدخول؛ سوى بإدخال بعض المواد، وبشكل محدود، كنوع من الاستهلاك اليومي، رغم أنه قد لا يكفيهم ليوم واحد.