يدشن العاهل
المغربي محمد السادس، ابتداء من اليوم الثلاثاء، زيارة لثلاث دول أفريقية؛ رواندا وتنزانينا وإثيوبيا، هي الأولى من نوعها منذ تربعه على العرش عام 1999، بينما تحاول المملكة استعادة مقعدها في الاتحاد الأفريقي بعد غياب دام ثلاثة عقود.
وغادر محمد السادس، مطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء (وسط)، عصر اليوم الثلاثاء، في اتجاه جمهورية رواندا.
وأعلنت وزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة، أن العاهل المغربي، سيقوم ابتداء من اليوم الثلاثاء بزيارات رسمية إلى كل من جمهورية رواندا وجمهورية تنزانيا وجمهورية إثيوبيا الفدرالية الديمقراطية.
وأفاد بلاغ لوزارة القصور أن الملك يرافقه خلال هذه الجولة، وفد رسمي يضم مستشارين ملكيين ووزراء، إلى جانب عدد من الشخصيات المدنية والعسكرية.
المغرب يتجه نحو أفريقيا الشرقية
بدأ المغرب مؤخرا في التوجه نحو القارة الأفريقية، وتغيير مقاربته تجاه الدول الأفريقية، إذ زار وزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، أديس أبابا حيث مقر الاتحاد الأفريقي، في تموز/يوليو 2016، هي الأولى لمسؤول من البلد بهذا المستوى، منذ إعادة العلاقات بين البلدين في 1997.
وسلم خلالها رسالة من العاهل المغربي إلى رئيس الوزراء الإثيوبي، هيلي ماريام ديسالين، يدعو فيها إلى "تعزيز التعاون والعلاقات الثنائية" بين البلدين.
واعتبر الخبير المغربي في الشأن الأفريقي، الموساوي العجلاوي، أن توجه المغرب نحو أفريقيا أمر مطلوب، إذ "كان هناك نقص حاصل في المقاربة المغربية، تجاه دول شرق أفريقيا ودول جنوب أفريقيا وهي الدول الناطقة باللغة الإنجليزية".
ونقل موقع "الأيام24" المغربي عن العجلاوي قوله إن "المغرب انتبه إلى الفراغ الدبلوماسي، وانتبه أيضا إلى الفراغ الاقتصادي والمالي فعمل منذ بداية هذه الأزمة بالخصوص مع المجموعة الأنكلوفونية، على اختراق دول إفريقيا الشرقية".
وتابع المحلل السياسي المغربي أن زيارة العاهل المغربي لشرق أفريقيا تشكل "تعبيرا عن تحول مهم في المقاربة الدبلوماسية المغربية، كما أنها تفتح الباب على مصراعيه، أمام المغرب لحجز مكان داخل دول شرق أفريقيا"، ووصف العجلاوي منطقة شرق أفريقيا بـ"الاستراتيجية" التي تكتسي أهمية.
والشهر الماضي، أعلن الاتحاد الأفريقي أن المغرب طلب رسميا العودة إلى الاتحاد بعد مغادرته عام 1984؛ احتجاجا على قبول عضوية ما يُعرف بـ"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، المعلنة من جانب واحد من جبهة "البوليساريو" في إقليم الصحراء، الذي تعتبره الرباط جزءاً من أراضيها.
الاتحاد الأفريقي
وخلال قمة الاتحاد الأفريقي التي استضافتها العاصمة الرواندية كيغالي، في تموز/يوليو الماضي، وجه العاهل المغربي، محمد السادس، رسالة إلى القادة الأفارقة، يعبر فيها عن رغبة بلاده في استعادة عضويتها بالاتحاد، ورحبت 28 دولة أفريقية، شاركت في القمة بالطلب.
وقال محمد السادس نهاية تموز/ يوليو في خطاب بمناسبة الذكرى السابعة عشرة لتوليه العرش: "إن قرار المغرب العودة إلى أسرته المؤسسية الأفريقية لا يعني أبدا تخلي المغرب عن حقوقه المشروعة أو الاعتراف بكيان وهمي يفتقد لأبسط مقومات السيادة تم إقحامه في منظمة الوحدة الأفريقية، في خرق سافر لميثاقها"، في إشارة إلى جبهة البوليساريو.
وكان العاهل المغربي قد عين الأسبوع الماضي، قرابة 70 سفيرا جديدا، في أكبر تغيير تعرفه الدبلوماسية المغربية منذ توليه العرش سنة 1999، بينهم 18 سفيرا تم تعيينهم في دول أفريقية كان المغرب شبه غائب فيها.
قضية النزاع
وبدأت قضية الصحراء عام 1975، بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، ليتحول النزاع بين المغرب و"البوليساريو" من جهة، وبين هذه الأخيرة وموريتانيا من جهة ثانية إلى نزاع مسلح، استمر حتى عام 1979 مع موريتانيا، التي انسحبت من إقليم وادي الذهب، قبل أن تدخل إليه القوات المغربية، بينما توقف مع المغرب عام 1991، بعد توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار.
وأعلنت "البوليساريو" قيام "الجمهورية العربية الصحراوية"، عام 1976 من طرف واحد، اعترفت بها بعض الدول بشكل جزئي، لكنها ليست عضوا بالأمم المتحدة، ولا بجامعة الدول العربية.
وفي المقابل عمل المغرب على إقناع العديد من هذه الدول بسحب اعترافها بها في فترات لاحقة، وتسبب الاعتراف من جانب الاتحاد الأفريقي سنة 1984 في انسحاب الرباط من المنظمة الأفريقية، كما سحبت سفيرها من أديس أبابا، مقر المنظمة.
وتصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح كحل حكما ذاتيا موسعا، تحت سيادتها، بينما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير مصير المنطقة، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تؤوي النازحين الفارين من الإقليم بعد استعادة المغرب لها إثر انتهاء الاحتلال الإسباني.