كتبت مجلة "إيكونوميست" في عددها الأخير تقريرا، تعلق فيه على تراجع قوة "
المطاوعة"، أو ما تعرف بهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وتقول المجلة إن "الهيئة كانت تخيف حتى أفراد العائلة المالكة في
السعودية، وكان المطاوعة يتجولون في مراكز التسوق والشوارع، ويقومون بفرض القوانين الإسلامية، واقترن حماسهم بقسوتهم، وبدا هذا واضحا في عام 2015، عندما احترقت 15 تلميذة في مكة، عندما منعهن المطاوعة من الخروج من مدرستهن الداخلية التي احترقت، لأنهن كن بملابس النوم وغير محجبات".
ويشير التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "المطاوعة أصبحوا اليوم قوة ضعيفة، وبدأ
السعوديون بنشر تجاوزاتهم، ووضع تلك اللقطات على الإنترنت، ويمكن لأي شخص يملك هاتفا ذكيا أن يشاهد حراس القيم الشجعان وهم يتحرشون بالنساء اللاتي وضعن طلاء الأظافر، وأدى هذا الأمر إلى ردة فعل سلبية، ففي نيسان/ أبريل، أعلنت الحكومة أن المطاوعة لم يعد بإمكانهم توقيف الناس واعتقالهم، وأن عليهم أن يتسموا (باللين واللطف) في سلوكهم".
وتعلق المجلة قائلة إن "الحكومة، التي بدأت بإصلاحات اقتصادية شديدة، بحاجة إلى دعم المؤسسة الدينية، ومن هنا خشي الكثير من الناس أن تقييد سلطات
الشرطة الدينية، ما هو إلا خطوة رمزية".
ويلفت التقرير إلى أنه "بعد ستة أشهر، يبدو التغير مثيرا للدهشة، فقد اختفى المطاوعة، وهم بالآلاف، من الحياة العامة، ويشعر الناس في مدينة الرياض بالارتياح بأن الشرطة الدينية لم تعد تلاحقهم كي يذهبوا إلى المسجد، وبدأت النساء تلبس ملابس بألوان مختلفة، وأحيانا يقمن بفتح العباءة".
وتنقل المجلة عن الناشطة والكاتبة فوزية البكر، قولها: "الآن عندما أغادر بيتي لا أتوقع أن يلاحقني شخص بسيارته، وعندما أذهب إلى مركز التسوق لم يعد هؤلاء المطاوعة يلاحقونني، وهم في حالة من الجنون".
وينوه التقرير إلى أن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أنشئت في عام 1940، وحظيت بشعبية في البداية، خاصة أن السعوديين يفضلون الفضيلة، ويكرهون الرذيلة، مشيرا إلى أنه في عام 1979، بعدما سيطر المتطرفون على الحرم المكي، وشجبوا العائلة المالكة، زادت الدولة من عددهم، ومنحتهم سلطات أوسع، وأصبحوا أكثر شدة.
وتذكر المجلة أن هناك تداعيات قليلة حدثت عام 2013، عندما لاحق رجال الهيئة شقيقين كانا يستمعان للموسيقى بصوت عال على جسر، رغم أنها كانت موسيقى وطنية في اليوم الوطني، لافتة إلى أنه بات يطلب من المطاوعة الإبلاغ أولا عن منتهكي
القانون الإسلامي للشرطة، بدلا من معاقبتهم في الحال، كما كانوا يفعلون في السابق.
ويفيد التقرير بأن "الحكومة تحاول أن تقمع الرذيلة بين الذين يحاولون ملاحقتها، فالكثير من المطاوعة هم من أًصحاب السوابق ممن تأهلوا للعمل في الهيئة، بسبب حفظهم للقرآن حتى يتم تخفيف الحكم الصادر عليهم، بحسب ما كتب لورنس رايت (البرج المتداعي)، وأصبح العمل مع الهيئة يتطلب الآن (أن يكونوا من أصحاب الشخصية والسلوك الجيد، وممن لديهم سمعة جيدة)، وألا يكونوا سجنوا لأكثر من عام، وأصبح رجال الهيئة، من خلال تسلسل قيادي، مطالبين بطاعة الملك مباشرة".
وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "الليبراليين رحبوا بالتغيرات، لكن قلة من السعوديين تعتقد أنه يجب حل الهيئة بشكل كامل، فيما يخشى المحافظون من تدهور الوضع الأخلاقي، ففي نيسان/ أبريل طالب الشيخ المعروف ناصر العمر بمنح رجال الهيئة سلطات أوسع، وإلا فإن هذا سيكون نذير خطر".