أكد مختصون في الشأن المقدسي، أن
المسجد الأقصى أصبح اليوم في "عين العاصفة الإسرائيلية"، مع استمرار وتصاعد التحشيد الإسرائيلي؛ لتحقيق أوسع مشاركة إسرائيلية في
الحفريات التي تجرى أسفل المسجد الأقصى، وفي محيطه، وداخل البلدة القديمة بمدينة
القدس المحتلة.
وقرر الاحتلال الإسرائيلي إلزام كل شاب إسرائيلي بالمشاركة في الحفريات التي تنفذها سلطة الآثار الإسرائيلية أسفل المسجد الأقصى؛ بحثا عن أي دليل يربط اليهود بالحرم القدسي، وذلك عقب نفي منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "يونسكو" أية علاقة لليهود بالأقصى.
وتعهد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين
نتنياهو، في كلمة له خلال حفل تدشين المقر الجديد لسلطة الآثار في القدس المحتلة الجمعة الماضي، بالمشاركة في نقل الغبار من أسفل الأقصى، داعيا الإسرائيليين إلى مشاركته خلال الأسبوع الجاري.
وأكد مسؤول ملف القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني، ورئيس دائرة القدس في حركة حماس، النائب أحمد أبو حلبية، أن مشاركة الجيل الشاب من المستوطنين الإسرائيليين، واستعداد نتنياهو للمشاركة في الحفريات أسفل الأقصى؛ هو "عمل خطير جدا، وتوسيع للحفريات والإسراع في حفر الأنفاق أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه".
وقال لـ"
عربي21"، إن "هذه الدعوة للمشاركة في الحفريات؛ تؤكد أن الاحتلال مستمر في انتهاكاته وجرائم حربه بحق الأقصى"، موضحا أن "هذه الحفريات تهدد أساسات وساحات الأقصى، وهو ما أدى إلى حدوث انهيارات وتشققات كثيرة داخله، وفي الأحواش والبيوت المحيطة به، وخاصة في طريق وادي حلوة وبلدة سلوان".
مدينة سياحية
وأضاف أبو حلبية أن "العدو الصهيوني وضع لنفسه عدة أهداف في القدس المحتلة منذ احتلالها، وهي تهويد المدينة المقدسة، وطمس المعالم والآثار الإسلامية والمسيحية، واستحداث تاريخ مزيف؛ بادعائه وجود هيكل مزعوم مكان الأقصى".
وقال: "يحاول الاحتلال سباق الزمن للسيطرة على الأقصى، وفرض أمر واقع؛ من خلال تلك الحفريات".
ولفت مسؤول ملف القدس إلى أن الاحتلال عمل على "إقامة مدينة سياحية ليست بالصغيرة أسفل منطقة الكأس (المتوضأ) وقبة الصخرة، ووضع بطريقة أو بأخرى بعض المعالم اليهودية بداخلها؛ ليدلل على أن له وجودا تاريخيا في هذه المنطقة، رغم اعتراف بعض علماء الآثار الإسرائيليين بأنه لا وجود للهيكل أسفل الأقصى".
وحول توقيت الدعوات الإسرائيلية لتحشيد الإسرائيليين للمشاركة في الحفر أسفل الأقصى، والتي تأتي بعد نفي منظمة "يونسكو" أي علاقة لليهود بالمسجد الأقصى، والتأكيد على أنه "تراث إسلامي خالص"؛ قال أبو حلبية إن الاحتلال "يحاول بشكل دائم استغلال أي حدث أو قرار ليصعد من إجراءاته بحق الأقصى ومدينة القدس المحتلة؛ من خلال فرض سياسية الأمر الواقع.. وكأن الاحتلال يريد بهذه الدعوات أن يرد على قرار المنظمة الدولية".
كارثة حقيقية
من جانبه؛ قال المحامي المختص في قضايا القدس، خالد زبارقة، إن ما يجري الآن في القدس وأسفل الأقصى؛ هو "تصعيد آخر خطير من طرف الاحتلال؛ يدل على أن أذرعه المختلفة تعبث منذ زمن بعيد بأساسات المسجد الأقصى؛ بهدف هدمه وبناء الهيكل المزعوم مكانه".
وأضاف لـ"
عربي21" أن قادة الاحتلال، ومن خلفهم كافة المؤسسات الاستيطانية التهويدية "يسعون لنشر قناعاتهم لدى فئة الشباب في المجتمع الإسرائيلي؛ من أجل تخريج جيل يستطيع أن ينفذ أجندتهم الإجرامية بحق الأقصى".
ولفت زبارقة إلى أن الاحتلال "الذي كان يتعمد في السابق تغليف كل خطوة تهويدية استيطانية بحق الأقصى بغلاف علمي بحثي سياحي؛ أصبحت الآن خطواته وإجراءاته مكشوفة، وبات من الواضح أن هدفها احتلالي ديني بحت".
ونبه إلى أن "ما خفي من الحفريات هو أعظم بكثير مما تم الكشف عنه، فعمقها واتجاهها وحجمها الحقيقي لم يكشفه الاحتلال"، مشيرا إلى وجود "كثير من المؤشرات التي تدل على أن الاحتلال بدأ يتجه في الحفر أسفل قبة الصخرة المشرفة؛ مثل وقوع الأشجار، وجفاف بعضها".
واعتبر أن "منع الاحتلال لأي أعمال ترميم داخل قبة الصخرة أو في المسجد الأقصى؛ يؤكد أنه لا يريد أن تنكشف هذه الحفريات، ولا حجم جرمه بحق الأقصى"، مؤكدا أن "الأقصى اليوم في عين العاصفة، وتنتظره كارثة حقيقية، وهي بناء الهيكل".
وقال: "يجب أن يتحرك الجميع قبل فوات الأوان، وإلا فاتنا القطار".
ودعت المنظمات الصهيونية خلال الأعياد اليهودية إلى إطلاق أوسع اقتحامات للمسجد الأقصى، حيث بلغ عدد المقتحمين الخميس الماضي؛ أكثر من ألف و500 مستوطن وسائح.