أعلنت رئاسة الجمهورية في
مصر، الثلاثاء، عن تشكيل لجنة لفحص حالات الشباب المحبوسين على ذمة قضايا؛ لعرضها على قائد الانقلاب عبدالفتاح
السيسي، بهدف إصدار قرار بالإفراج عنهم.
لكن كثيرين شككوا في صدق توجه السيسي، ورجحوا أن يكون الهدف من وراء هذه اللجنة؛ التخفيف من الاحتقان السياسي بالبلاد؛ قبل أيام من التظاهرات المتوقعة يوم 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، تحت عنوان "ثورة الغلابة"، مستشهدين بالمرات العديدة السابقة التي أعلن فيها
الإفراج عن المعتقلين، ليقتصر الأمر بعدها على إطلاق سراح العشرات فقط، بينما يظل عشرات الآلاف قابعين في السجون.
وتتكون اللجنة الرئاسية من القيادى بحزب المصريين الأحرار، أسامة الغزالي حرب، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، محمد عبدالعزيز، وعضو المجلس القومي للمرأة، نشوى الحوفي، والنائب البرلماني طارق الخولي، وعضو لجنة الشباب بالحملة للانتخابية للسيسي، كريم السقا.
وكان السيسي قد أعلن خلال مؤتمر الشباب الذي عقد مؤخرا بمدينة شرم الشيخ، عن
عفو رئاسي عن بعض الشباب المعتقلين على خلفية سياسية.
إلا "الإخوان"
وقال عضو اللجنة طارق الخولي، في تصريحات صحفية، إن الأولوية ستكون للطلاب، وصغار السن، والمحبوسين احتياطا على ذمة قضايا التظاهر، وليس من أدين بارتكاب أعمال إجرامية.
وأغلقت زميلته نشوى الحوفي، الباب أمام التكهنات بالإفراج عن "الإخوان"، فأكدت أن المفرج عنهم لن يكون من بينهم أي عضو بالجماعة، مشيرة إلى أن "الإخوان" ارتكبوا أعمال عنف، ولم يُجْروا مراجعات لفكرهم، بحسب قولها.
وأكد ذلك أيضا رئيس لجنة حقوق الإنسان بمجلس النواب، علاء عابد، الذي أعلن أن اللجنة تؤيد الإفراج عن جميع الشخصيات السياسية، والشباب غير المتورطين في عنف أو قتل، بغض النظر عن توجههم السياسي، عدا أعضاء الإخوان المسلمين.
"المعتقلون بالآلاف"
وتوقعت تقارير صحفية أن يشمل هذا العفو نحو 500 شاب؛ يتم اختيارهم من بين قوائم تضم ألفا و500 اسم؛ ستقدمها أحزاب وشخصيات عامة وحقوقيون.
وقلل عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ناصر أمين، من جدوى هذا العفو "الرئاسي"، قائلا في تصريحات صحفية، إن "أعداد المحبوسين احتياطيا في ازدياد مستمر"، مطالبا النائب العام بـ"التوقف عن إصدار قرارات الحبس الاحتياطى خلال مدة عمل اللجنة المحددة بـ15 يوما، حتى لا تكون قرارات الحبس في الأيام المقبلة أكثر ممن يتم العفو عنهم".
وأضاف أمين أن "أعداد المحبوسين احتياطيا تتجاوز الآلاف، ولا توجد سلطة من حقها إصدار قرارات بالإفراج عنهم؛ سوى النيابة العامة، أو القضاة المعروضة عليهم تلك القضايا، وبالتالي فإن أمرهم يصبح أكثر تعقيدا من السجناء الصادرة بحقهم أحكام قضائية نهائية، ويحق للرئيس العفو عنهم".
"قدمنا طلبات كثيرة ورفضها الأمن"
من جانبه؛ قال نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الانسان، عبد الغفار شكر، إن المجلس قام من قبل بتجميع قوائم للمعتقلين، وأرسلها للرئاسة أربع مرات للإفراج عنهم قبل مؤتمر الشباب الأخير، لكن الرئاسة لم تستجب للطلب، موضحا أن المجلس يقوم الآن بتجميع قوائم جديدة وصل عدد المعتقلين فيها لأكثر من 600 معتقل، بينهم عشرات المختفين قسريا، ليتم إرسالها مرة أخرى للرئاسة، وذلك بعد إعلان السيسي عن العفو عن بعض الشباب المعتقلين.
وأضاف لـ"
عربي21" أن الجهات الأمنية كانت ترفض دائما الإفراج عن الشباب المحبوسين الذين وردت أسماؤهم بالقوائم التي تقدمنا بها أكثر من مرة، بحجة أن هناك شبابا تم الإفراج عنهم، ثم فوجئ الأمن بتواجدهم في التظاهرات بعد إطلاق سراحهم مباشرة، وتم إلقاء القبض على بعضهم مجددا.
وأوضح شكر أن المعايير الأساسية التي أعلنها أعضاء اللجنة؛ هي تحديد الشباب الذين تم حبسهم على خلفية قانون التظاهر، والذين اخترقوا القانون بشكل سلمي، ولم يجنحوا إلى العنف، وأن الاولوية ستكون للطلاب المحبوسين، ومن لم تتلوث أيديهم بالدماء، أو المتورطين في أعمال عنف.
لا أثق في السيسي
أما مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، جمال عيد؛ فقال إنه لا يثق في هذه الخطوة من جانب السيسي، نظرا للشواهد الكثيرة السابقة التي تؤكد عدم جديته في الإفراج عن المعتقلين، موضحا أنه "منذ توليه السلطة وهو يظهر العداء لثورة يناير، وبالتالي فليس من المتوقع أن يستجيب هذه المرة".
وأضاف لـ"
عربي21" أن "إعلان السيسي عن هذه المباردة يتضمن كارثة وخطأ من الأساس، لأن صلاحيات الرئيس تشمل الإفراج عن المعتقلين الذين صدر بحقهم حكم نهائي، فكيف يقول للرأي العام إنه سيشكل لجنة لدراسة حالاتهم حتى لا يخالف القانون". وقال: "إذا كان السيسي لا يعرف صلاحياته فهي مصيبة، وإلا فهو يعرف ويخدع الشعب".
وناشد عيد، قائد الانقلاب "إن كان جادا في قراره؛ أن يطلب من النائب العام معاملة المحبوسين احتياطيا كمعاملة ضباط الشرطة الذين كانوا متهمين بقتل ثوار يناير، وتم الإفراج عنهم جميعا أثناء محاكمتهم".